تفجيرات "البيجر"- ما علاقة شركتين من المجر وبلغاريا بالقضية؟
٢٢ سبتمبر ٢٠٢٤توجد شركة مجرية اسمها "بي إيه سي كونسيلتينغ" (BAC Consulting) في قلب الاهتمام، بعد ربطها بآلاف الأجهزة اللا سلكية من نوع "البيجر" التي انفجرت في لبنان، ما أسفر عن مقتل 12 شخصاً على الأقل وإصابة نحو 3000 آخرين بجروح، وفي اليوم التالي فجرت أجهزة من نوع "ووكي توكي" وأسقطت ضحايا جدد، لكن العدد لم يكن كبيرا مقارنة بتفجيرات "بيجر".
ظهر اسم الشركة التي تتخذ من بودابست، عاصمة المجر، مقرًا لها لأول مرة في بيان صادر عن الشركة المصنعة التايوانية "غولد أبولو" (Gold Apollo) التي ظهر ملصقها على الأجهزة التي انفجرت، إذ قالت "غولد أبولو" إنها لم تصنع الأجهزة وأنها صنعت بواسطة شريكها المجري "بي إيه سي كونسيلتينغ".
وصرّح مؤسس ورئيس غولد أبولو، هسو تشينغ-كووانغ، للصحفيين في مكاتب الشركة في مدينة تايبيه الجديدة في شمال تايوان يوم الأربعاء: "المنتج لم يكن لنا. لقد كان فقط يحمل علامتنا التجارية". وأضاف: "قد لا نكون شركة كبيرة، لكننا شركة مسؤولة. هذا أمر محرج للغاية"، حسبما أفادت وكالة رويترز.
الشركة التايوانية تبرئ نفسها
وقالت الشركة التايوانية في بيان صحفي إن طراز AR-924 من أجهزة النداء اللاسلكية المعروفة بـ"البيجر"، تم إنتاجه وبيعه من قبل نظيرتها المجرية، وهذه الأخيرة مخولة باستخدام العلامة التجارية لنظيرتها التايوانية لبيع المنتجات في مناطق معينة، وذكر البيان أيضًا أن "تصميم وتصنيع المنتجات يتم بالكامل بواسطة BAC".
وقال هسو إن هناك مشاكل في التحويلات المالية مع 'بي إيه سي'. وصرّح في المؤتمر الصحفي: "التحويل كان غريبًا جدًا". وأضاف أن المدفوعات جاءت من الشرق الأوسط، دون أن يذكر تفاصيل إضافية، دون أن يقدم أي إثبات على وجود عقد مع 'بي إيه سي' يُظهر أن شركته كانت لديها اتفاقية ترخيص على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وفي الوقت نفسه، أفاد الموقع المجري تيليكس أن الشركة الحقيقية التي زودت حزب الله بأجهزة "البيجر" اسمها "نورتا غلوبال" (Norta Global)،وهي شركة مقرها العاصمة البلغارية صوفيا. وأشار الموقع إلى أن الشركة البلغارية، التي يملكها مواطن نرويجي، كانت وراء الصفقة مع الشركة التايوانية، إلا أنه على الورق، كانت الشركة المجرية هي من وقعت العقد.
من جانبها، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الأربعاء أن 'بي إيه سي' المجرية كانت جزءًا من واجهة إسرائيلية وأنه تم إنشاء ما لا يقل عن شركتين وهميتين أخرى لطمس الروابط مع ضباط الاستخبارات الإسرائيليين. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن ثلاثة ضباط استخبارات، لم تكشف عن أسمائهم أن شركة 'بي إيه سي' هي جزء من واجهة أنشأتها شخصيات من الموساد.
وذكرت الصحيفة أنه تم إنشاء شركتين وهميتين أخريين للمساعدة في إخفاء الرابط بين 'بي إيه سي' والإسرائيليين، وأن هذه الشركة زودت شركات أخرى بأجهزة "البيجر" أيضًا، لكن فقط تلك التي نُقلت إلى حزب الله هي التي تم تزويدهات ببطاريات تحتوي على مادة متفجرة تعرف باسم بيتن ( PETN).
تجدر الإشارة هنا إلى أن إسٍرائيل لم تعلق على اتهامات حزب الله والحكومة اللبنانية لها بالوقوف خلف تفجير أجهزة الاتصالات.
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
ما هي أنشطة الشركة المجرية؟
وفقًا لموقع 'بي إيه سي' على الإنترنت، فالشركة قامت بتطوير "التعاون التكنولوجي الدولي بين الدول لبيع منتجات الاتصالات السلكية واللاسلكية." وتضيف أن التعاون يشمل "رفع مستوى الأعمال من آسيا إلى أسواق جديدة مثل البلدان النامية."
وتدعي الشركة، التي تقول أن لديها أكثر من عقد من الخبرة في مجال الاستشارات، أن الاتصالات السلكية واللاسلكية هي أحد مجالات خبرتها الرئيسية، وتقول إنها تدمج "أفضل الدروس والتقنيات من مختلف المناطق الجغرافية."
كما تدرج هذه الشركة مجموعة مجوهرات تحمل اسم "Nelkhael" الذهبية كواحدة من أعمالها، قائلة إنها تساعد في العلامة التجارية وتسويق هذه المجوهرات. ووفقًا للسجل الرسمي للشركات في هنغاريا، تشارك 'بي إيه سي' في أنشطة تتراوح من تصنيع الأجهزة الطبية الإلكترونية والمكونات الإلكترونية إلى استخراج الغاز الطبيعي والنفط الخام.
في الوقت نفسه، تفاعلت الحكومة الهنغارية مع الواقعة. وقال المتحدث باسم الحكومة زولتان كوفاتش على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" أن شركة 'بي إيه سي' "هي وسيط تجاري دون موقع تصنيع أو عمليات في هنغاريا." وأضاف أن "أجهزة النداء المعنية لم تكن موجودة في هنغاريا أبدًا".
شركة وهمية؟
زارت DW العنوان الرسمي لشركة 'بي إيه سي' في بودابست ولكنها لم تقابل أو ترى أي موظف من الشركة، كما لم يرد أحد على جرس الباب. ورقة مطبوعة عليها اسم BAC كانت هي الدليل الوحيد على وجود الشركة.
وقال سكان المنزل لـ DW إنهم لا يعرفون هذه الشركة، وأنهم نادرًا ما يرون أي مراسلات مرسلة إلى العنوان. وفقاً لبيانات شركة "كومباني وال بيزنيز" (CompanyWall Business )، التي تصنف وتحلل المعلومات المالية ومعلومات الأعمال عن الشركات، فقد حققت 'بي إيه سي كونسيلتينغ ' ربحًا بعد الضريبة قدره 18.3 مليون فورنت مجري (46.400 يورو) على إيرادات قدرها 215 مليون فورنت مجري في عام 2023. وسجلت الشركة ربحًا قدره 5.8 مليون فورنت مجري في عام 2022.
يوم الأربعاء الماضي، ظهر على الموقع الإلكتروني للشركة في البداية شاشة تسجيل الدخول بدلاً من الصفحة الرئيسية، ثم أظهرت رسالة خطأ في النهاية، وذكرت أنه "ليس لديك إذن للوصول إلى هذا المورد."
الرئيسة التنفيذية للشركة هي كريستيانا بارسوني-أركيديياكونو، التي تصف سيرتها الذاتية بأنها "عالمة تستخدم خلفيات متنوعة للغاية للعمل على مشاريع متعددة التخصصات لاتخاذ القرارات الاستراتيجية". تعمل مع الشركة منذ مارس/آذار 2016، وتدرج تطوير الأعمال، واستراتيجيات الاستدامة وتطوير القدرات ضمن مجالات خبرتها.
يذكر السجل الرسمي للشركة أن بارسوني-أركيديياكونو البالغة من العمر 49 عامًا هي المالكة الوحيدة للشركة. تواصلت DW مع الشركة ورئيستها التنفيذية للتعليق على علاقة الشركة بالأجهزة اللاسلكية في لبنان. لم يتم الرد على المكالمات إلى أرقام الهاتف المسجلة. كما زرنا شقة بارسوني-أركيديياكونو في عنوانها المسجل، ولكن لم يفتح أحد الباب.
ماذا نعرف عن الشركة البلغارية؟
استناداً إلى مصادر مطلعة على القضية، أفاد موقع تيليكس أن المديرة التنفيذية للشركة المجرية كانت على اتصال مع الشركة البلغارية "نورتا غلوبال"، وإن هذه الأخيرة وليس نظيرتها المجرية، هي من استوردت أجهزة النداء اللاسلكية من تايوان.
ووردًا على التقرير، قالت السلطات البلغارية إن أي عمليات جمركية تتعلق بأجهزة النداء لم تحدث في البلاد، وأكدت أنها يحققون في أي تورط محتمل لـ "نورتا غلوبال" في سلسلة التوريد. تم تأسيس "نورتا غلوبال" في 14 أبريل/نيسان 2022، في وقت قريب من تسجيل "بي إيه سي" لدى السلطات المجرية.
تم تسجيل الشركة البلغارية برأس مال أولي مدفوع قدره 200 ليف بلغاري (102 يورو). تدعي "نورتا غلوبال" في بياناتها تقديم خدمات استشارية إدارية لكنها لا تذكر أي عملية تصنيع، كما يشترك ما يقارب من 200 شركة أخرى في العنوان المسجل للشركة في صوفيا.
زارت DW المكان في وسط صوفيا. الجرس وصندوق البريد الوحيدان في العنوان المسجل في الطابق الأول هما لوكالة "تسجيل الشركات الجديدة"، التي تتعامل وفقًا لموقعها على الإنترنت مع "تسجيل الشركات" وفقًا للجيران، الشخص الوحيد الذي يزور المكتب هو محامي. حاولت DW الاتصال بهذه الوكالة وكذلك بشركة "نورتا غلوبال"، دون أن نحصل على جواب.
أعده للعربية: ع.ا