تعاون عربي- ألماني لمواجهة مشكلة نقص المياه في منطقة الخليج
انطلقت اليوم الاثنين، 20 يونيو/حزيران 2005، في مدينة هانوفر الألمانية فعاليات مؤتمر المياه التي تستمر حتى الـ 21 من شهر يونيو/حزيران الجاري. ووفقا للجهات المنظمة للمؤتمر، فإن المشاركين فيه سيركزون على مناقشة قضايا المياه في ثلاث دول خليجية هي السعودية والكويت والبحرين. ويهدف المؤتمر إلى تبادل المعرفة التقنية والإدارية بين القائمين على الثروة المائية في الدول الخليجية ونظرائهم الألمان. ويتطلع المشاركون الخليجيون إلى التعرف على الخبرات الألمانية في هذا الخصوص والبحث عن سبل وآليات للتغلب على مشكلة نقص المياه في دولهم. فمن المعروف أن الألمان يمتلكون، بجانب التقنية الحديثة، وسائل متميزة لتلافي المشاكل الناجمة عن شح الموارد المائية. ناهيك عن التجربة الألمانية الفريدة في مجال ترشيد استهلاك المياه. ومن الجدير بالذكر أن ممثلية التجارة الخارجية الألمانية في المملكة العربية السعودية هي صاحبة مبادرة تنظيم المؤتمر.
أزمة حادة
تعاني منطقة الخليج العربي الأمرين بسبب شح الماء فيها. ويقول الخبراء إن ذلك يرجع إلى وقوع معظم دول الخليج في منطقة صحراوية جافة. فبصورة عامة لا يوجد هناك أنهار جارية، وإنما يقتصر الأمر على السيول التي تسببها الأمطار المتساقطة على السلاسل الجبلية، والتي تتسرب بدورها إلى الأرض لتشكل المياه السطحية. أما المياه الجوفية فيتفاوت معدلها من قطر لآخر، بل ومن منطقة إلى أخرى داخل القطر نفسه. ومن المعروف أن سكان شبه الجزيرة العربية قد تضاعفوا خمس مرات خلال العقود الأربعة الماضية، وهذا ما انعكس على ارتفاع الطلب على المياه من 6 مليارات متر مكعب عام 1980 إلى 29.7 مليار متر مكعب عام 1995. وينبهه الباحثون وخبراء المياه على أن دول الخليج تعاني حالياً من عجز في موارد المياه، يقارب 16.4 مليار متر مكعب. وأن سد هذا العجز سيؤدي إلى ضخ 30 مليار متر مكعب من الموارد الجوفية؛ مما سيترك آثاراً على التربة والبيئة.
دور ألماني بارز....
وفي حوار أجراه موقعنا "دويتشه فيلله" مع محمد قنبر، ممثل وزارة الماء والري البحرينية في مؤتمر المياه بهانوفر، شدد السيد قنبر على أهمية التعاون بين ألمانيا وبلاده خاصة في مواجهة نقص المياه في دول الخليج. ويرى قنبر أن المؤتمر يمثل فرصة سانحة لتبادل المعلومات والخبرات "مع الأصدقاء الألمان والتعرف على كل ما هو جديد في مجال التقنية الألمانية. و نحن نرغب في بحث وتعزيز أوجه التعاون مع الحكومة الألمانية في هذا الصدد." على حد قوله. ولعل الدور الذي تلعبه ألمانيا في مجال تلافي مشاكل نقص المياه في دول الخليج العربي هو أبرز دور تلعبه دولة أوروبية في هذا الصدد.
....وتجارب ألمانية جديرة بالتطبيق
وفي مقابلة مع موقعنا صرح المهندس حسين إبراهيم، خبير المياه في مرفق برلين، أنه إذا ما تمت الاستفادة من الخبرات الألمانية في مجال ترشيد استخدام المياه فستكون هناك "فرص كبيرة لتحقيق توفير ملموس في كمية المياه المستهلكة في دول الخليج." فمن الضروري أن تأخذ التجارب الألمانية بعين الاعتبار. ولكن من الواجب أولاً إدراك أن هذه التجارب لم تكلل بالنجاح إلا بعد أن تم إعمال آليات السوق بجدية وتحفيز المواطنين على ترشيد استهلاك المياه، وفرض غرامات كبيرة على كل من تسول له نفسه تلويث مياه الشرب والمياه المستخدمة للأغراض الصناعية، على تعبير المهندس حسين إبراهيم.
استقطاب عربي للشركات الألمانية
ومن الواضح أن مشاركة الخليجين في مؤتمر المياه، الذي ينعقد لأول مرة في ألمانيا، تهدف في المقام الأول إلى استقطاب الشركات الألمانية المتخصصة في هذا المجال وإبرام عقود معها. ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، تسعى حاليا أكثر من 20 شركة عاملة في قطاع المياه إلى عقد تحالفات مع شركات عالمية. ومن المعروف أن دول الخليج تعتمد على تحلية مياه البحر بواسطة التقنية الألمانية. وباتت هذه التقنية توفر ما بين 50 و 90 بالمائة من مياه الشرب فيها، علمًا بأن كلفة إنشاء المحطة الواحدة لا تقل عن مليار دولار.
لا بديل عن تحلية مياه البحر
وبالرغم من أن العبء المالي يثقل ميزانيات الدول الخليجية، إلا أن البعض لا يكلف نفسه مشقة البحث عن وسليه أخرى لإنتاج مياه الشرب بخلاف تحلية مياه البحر. لأنه "لا يوجد حالياً بدليل آخر للأسف الشديد" على حد قول محمد قنبر، ممثل وزارة الماء والري البحرينية. فالمصادر الطبيعة كمياه الأمطار والعيون والآبار محدودة في دول الخليج، لذلك لا يوجد بديل حقيقي عن إنشاء محطات تحلية مياه البحر، على حد تعبيره. ولكن بالرغم من التكلفة العالية لهذه الوسيلة حالياً، يتوقع المهندس حسين إبراهيم أن تصبح مستقبلا اقل تكلفة. فهو يعتقد أن " استيراد هذه المحطات والحصول على الخبرة اللازمة لتشغيلها سيعود بالنفع على المواطن العربي. كما سيؤدي ذلك إلى تقليل التكاليف الناجمة عن تحلية مياه البحر في المستقبل" على حد قوله.
علاء الدين سرحان