تطوير إنسان آلي لمساعدة رواد الفضاء في الحفاظ على لياقتهم
٢٥ أبريل ٢٠١٢"استمر، استمر... تستطيع أن تفعلها". تلك واحدة من العبارات التي يستخدمها المدربون في جميع أنحاء العالم لتشجيع لاعبيهم على الوصول إلى مستويات أعلى. والآن، يعكف علماء في إحدى الجامعات الألمانية على إجراء اختبارات وتجارب للتحقق مما إذا كان الإنسان الآلي (الروبوت) يمكنه القيام بهذا الدور. ربما يتسم صوت الإنسان الآلي الجديد "فلوبي" ببعض الرتابة وهو يقول: "إنك تبلي بلاء حسنا.. أمامك 200 متر فقط لتصل إلى بيتك". ولا يختلف الأمر كثيرا بعد قطع سبعة كيلومترات والقيام بعملية تسلق جبلي بدراجة هوائية، ووصول معدل نبضات القلب إلى 175 نبضة في الدقيقة.
يقوم الروبوت، ذو العينين الدائريتين الكبيرتين والشفتين الممدودتين والأنف الصغير الأفطس، بعملية التحفيز في المرحلة الأخيرة من التسلق. ويقول البروفيسور فرانتس كوميرت، الأستاذ بجامعة بيلفيلد الألمانية: "يميل الناس إلى إضفاء السمات البشرية على الروبوتات". إن ذلك هو ما يستغله البروفيسور كوميرت وفريقه في تطوير مدرب روبوتي يوجد حاليا في أحد المختبرات بالكلية التقنية في الجامعة، وهو معمل وصالة للألعاب الرياضية في نفس الوقت.
"فلوبي"... مدرب اللياقة البدنية لرواد الفضاء
قام فلوبي بالفعل بتدريب عدد من الأشخاص ممن يجري عليهم البروفيسور دراسته في مضمار للدراجات الهوائية طوله عشرة كيلومترات. استخدم الباحثون التقنيات اللازمة، مثل مكبرات الصوت والكاميرات الدقيقة والمحركات الكهربائية الصغيرة والمعالجات، ووضعوها في رأس دمية جذابة مصنوعة من البلاستيك. وانتهى المطاف بالشكل النهائي للروبوت "فلوبي" إلى رأس ذي شعر أزرق اللون ووجه أنثوي، بعد أن قام الأشخاص الذين تجرى عليهم الدراسة بالنظر في مجموعة من الرؤوس الذكرية والأنثوية بمختلف ألوان بشرتها وطول ولون شعرها، واختاروا الرأس الذي يعكس أعلى مستوى من الكفاءة والأهلية لهذه المهمة.
تلك الجهود التي تبدو جهودا كبيرة للغاية ووضعت في مشروع أكاديمي لا يهدف في الحقيقة إلى وضع مدرب اللياقة البدنية الروبوتي في صالات الألعاب الرياضية، بل يهدف إلى مساعدة رواد الفضاء في الحفاظ على لياقتهم ورشاقتهم أثناء الفترات الطويلة التي يقضونها في حالة انعدام الوزن. ذلك أن رحلات الفضاء تؤدي إلى ضعف قوة العضلات وقوة التحمل، ومن ثم ينبغي على رواد الفضاء ممارسة التمارين الرياضية لمدة ساعتين يوميا للحفاظ على رشاقتهم.
يقول روبرت جريتسر، رئيس معهد الطب الفضائي بمركز الفضاء الألماني في كولونيا: "لكننا لاحظنا أنهم يفتقرون إلى التحفيز". يشير جريتسر إلى رائد الفضاء الهولندي أندريه كويبرز، وهو الأوروبي الوحيد المتواجد في المحطة الفضائية الدولية حاليا، والذي يحصل على الدعم المعنوي من مدرب بمركز المراقبة الأرضية للرحلة أثناء قيامه بممارسة التمرينات الرياضية. وأوضح جريتسر قائلا: "ذلك سيكون مستحيلا مع الرحلات الطويلة في المستقبل التي تصل فيها فترات إجراء الاتصال إلى 20 دقيقة أو أكثر". وربما يكون استخدام الإنسان الآلي مفيدا في القيام بمهمة المدرب المحفز في حال اتخذ القرار بإرسال مركبات فضائية مأهولة إلى كوكب المريخ.
القدرات التفاعلية ما زالت محدودة
وقبل أن يحدث ذلك، ثمة الكثير مما يجب أن يتعلمه الروبوت "فلوبي" قبل الاستعانة به. فهذه الآلة الروبوتية هي الأولى من نوعها بأي حال من الأحوال، ولا تزال تحتاج إلى بعض التطوير. تقول لويزه سويسنباخ، التي أجرت بحثا في صالات الألعاب الرياضية للتحقق من مدى تفاعل المدربين مع اللاعبين، إن الباحثين يعملون حاليا على تحسين الطريقة التي يتحدث بها الإنسان الآلي. وتشير سويسنباخ إلى أن "المدرب الحقيقي يستجيب عاطفيا، ويمكنك سماع ذلك في صوته.. كما أن التغيرات التي تحدث في إيماءاته وتعبيرات وجهه تشكل محفزات مهمة للاعبيهم".
تستطيع الآلة الروبوتية "فلوبي" تحريك عينيها، اللتين تحتويان على كاميرتين صغيرتين، وحاجبيها وجفونها وشفتيها. وعندما يثار غضبها، يمكن أن تتوهج وجنتاها بفعل المصابيح الصغيرة الموضوعة تحت جلدها. ويقول إنجمار بيرجر، أخصائي تكنولوجيا المعلومات الذي يعمل في هذا المشروع: "غير أن ذلك مجرد محاكاة بدائية للتعبيرات البشرية". فقدرة الإنسان الآلي على إدارة الحوار الشخصي لا تزال محدودة أيضا. وبمجرد أن تنتهي عملية التسلق الأخيرة ، تسأل الإنسانة الآلية "فلوبي" اللاعب باهتمام قائلا: "بم تشعر الآن؟" ، غير أنها لا تستطيع الرد على الإجابة التي ينطق بها المتدرب.
(ط.أ/ د ب أ)
مراجعة: يوسف بوفيجلين