"تصعيد شديد الخطورة".. فهل ينزلق العراق نحو حرب أهلية؟
٢٩ أغسطس ٢٠٢٢
عقب التصعيد والمواجهات الدموية في العاصمة العراقية بغداد اليوم الاثنين (29 أغسطس/آب 2022) دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق، ومقرها داخل المنطقة الخضراء ، المتظاهرين إلى مغادرة المنطقة، وحثت جميع الأطراف على الالتزام "بأقصى درجات ضبط النفس". ووصفت البعثة الوضع بأنه "تصعيد شديد الخطورة"، محذرة من أن "بقاء الدولة نفسها بات على المحك".
من جانبه وصف البيت الأبيض الوضع بأنه "مقلق" ودعا إلى الهدوء والحوار. وصرح جون كيربي مسؤول الإعلام في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض الاثنين وقال في مؤتمر صحافي إن "المعلومات اليوم عن أعمال العنف في العراق تثير القلق". وأضاف "انه وقت الحوار وليس تصعيد المواجهة. ندعو جميع الأطراف المعنيين الى التزام الهدوء".
وقتل 15 متظاهرا بالرصاص الاثنين في المنطقة الخضراء في بغداد، بحسب حصيلة جديدة أدلت بها مصادر طبية لوكالة فرانس برس، كما وأصيب 350 من المتظاهرين الآخرين بعضهم بالرصاص وآخرون جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، وذلك وسط حالة من الفوضى عقب إعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر اعتزاله نهائيا العمل السياسي، واقتحام أنصاره مقر الحكومة في المنطقة الخضراء واندلاع اشتباكات مع جماعات شيعية منافسة في "الإطار التنسيقي" الذي يعد مواليًا لإيران، ما حدا بالجيش لفرض حظر التجوال في كل أنحاء البلاد.
وبحلو المساء سقطت سبع قذائف هاون على الاقل في المنطقة الخضراء في بغداد، وفق ما افاد مصدر أمني لفرانس برس. وتعذر على المصدر الذي لم يشأ كشف هويته الإدلاء بحصيلة حتى الآن. كذلك، لم تعرف الجهة التي تقف وراء إطلاق القذائف. وسمع إطلاق نار من اسلحة رشاشة مصدره المنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية وسفارات.
جاء التصعيد في أعقاب أزمة سياسية بدأت قبل أشهر وأعاقت تشكيل حكومة جديدة . ومنذ قرابة سنة، لم تتمكن الأقطاب السياسية العراقية من الاتفاق على اسم رئيس للدولة ورئيس الوزراء الجديد، ومن ثم، فإن العراق، أحد أكبر منتجي النفط في العالم، ما زال بدون حكومة جديدة أو رئيس جديد منذ الانتخابات التشريعية.
وللخروج من الأزمة، يتفق مقتدى الصدر والإطار التنسيقي على نقطة واحدة هي الحاجة إلى انتخابات مبكرة جديدة. لكن فيما يصر مقتدى الصدر على حل البرلمان أولاً، فإن خصومه يريدون تشكيل الحكومة في البدء.
هل يتطور الوضع إلى حرب أهلية؟
وأدى قرار الصدر اعتزال العمل السياسي إلى تصعيد التوتر بشدة بين الجماعات الشيعية المدججة بالسلاح. ويخشى عراقيون كثيرون من أن تؤدي تحركات كل معسكر شيعي إلى اندلاع حرب أهلية جديدة.
كما كشف القيادي في التيار الصدري حسن العذاري أن الصدر أعلن إضرابا عن الطعام حتى يتوقف العنف واستعمال السلاح.
يقول حمزة حداد، الباحث الضيف في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية (ECFR) إن إعلان الصدر اعتزاله العمل السياسي "ليس واضحًا تمامًا". ويضيف في تصريح لوكالة فرانس برس "بناء على مواقفه السابقة، يمكننا أن نتوقع منه التراجع (لكن) وهذا أكثر ما يخيف، قد يدعو هذا للاعتقاد بأنه يعطي أتباعه الضوء الأخضر لفعل ما يشاؤون، بقوله إنه لم يعد مسؤولاً عن أفعالهم".
من جانبه، قال الخبير الأمني والاستراتيجي فاضل أبو رغيف لوكالة فرانس برس، ردا على سؤال عن هدف التيار الصدري، إن "الهدف هو إرغام الزعامات السياسية التي تمسك سلطة البرلمان والحكومة على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة".
ورأى أبو رغيف أن "العراق ذاهب الى مزيد من الانسداد والاحتقان". مع ذلك، استبعد الخبير وقوع نزاع مسلح، قائلا "لا أعتقد أن الأمور تصل الى حد الاقتتال وسفك الدماء " بين الأحزاب الشيعية.
ويوم السبت، أمهل مقتدى الصدر جميع الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية منذ سقوط صدام حسين بما في ذلك حزبه "72 ساعة" للتخلي عن المناصب الحكومية التي تشغلها وإفساح المجال للإصلاحات.
حتى الآن، لم يتطور الخلاف بين التيار الصدري والإطار التنسيقي إلى مواجهات مسلحة، لكن الحشد الشعبي الممثل ضمن الإطار التنسيقي أعلن استعداد فصائله "للدفاع عن مؤسسات الدولة".
دعوة "لإطفاء نار الفتنة"
ودعا رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي جميع الأطراف في العراق "لإطفاء نار الفتنة والتوصل إلى تفاهمات لحفظ وصون سيادة الوطن واستقراره، وحمايته من الانزلاق إلى تصادم يخسر فيه الجميع.
وقال في بيان صحفي "إن ما آل إليه الوضع هذا اليوم ينذر بخطر كبير، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه أو تركه يتصاعد دون تدخلٍ من العقلاء والمؤثرين من زعامات دينية وسياسية وعشائرية واجتماعية، تدفع باتجاه التهدئة وضبط النفس، وتحذر من الفوضى وإراقة دماء العراقيين الأبرياء عبر استخدام السلاح من أي طرف".
ع.ج.م/أ.ح (أ ف ب، رويترز، د ب أ)