تصدير الأسلحة إلى سوريا بين التأييد والتردد
٢٠ فبراير ٢٠١٣منذ اندلاع الأزمة السورية قبل حوالي عامين والجماعات المعارضة تطالب الغرب والمجتمع الدولي بتقديم إمدادات عسكرية وأسلحة ثقيلة من أجل مقاومة نظام بشار الأسد. لكن حتى الآن ما زالت أوروبا والولايات المتحدة مترددة في اتخاذ قرار واضح في هذا الشأن. ومن جهته، فرض الاتحاد الأوروبي حظراً على تصدير الأسلحة لطرفي النزاع في سوريا، ستنتهي صلاحيته في بداية شهر مارس/ آذار من هذه السنة.
من أجل بحث إمكانية تمديد حظر تصدير الأسلحة إلى سوريا، اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم أمس الاثنين (18 فبراير/ شباط 2013) في بروكسل، إلا أنهم لم يتوصلوا إلى حل توافقي بسبب الخلافات الداخلية. ومن ناحيته، حذر وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله في الاجتماع من خطورة سباق تسلح في المنطقة في حال رفع الحظر، مضيفاً أن: "هذا سيزيد من تصعيد وتيرة العنف وعدد الضحايا". هذا في الوقت الذي طالبت فيه لندن بتخفيف الحظرعلى الأسلحة الموجهة لسوريا.
وترجع الاختلافات في وجهات النظر حول فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى لسوريا لمجموعة من الاعتبارات السياسية والعسكرية والإنسانية والأخلاقية، التي تلعب دوراً مهماً في قرارات هذه الدول، خاصة وأن تقديم المعدات العسكرية للمعارضة أو إمداد النظام السوري بالأسلحة من شأنه أن يزيد من وتيرة الحرب الأهلية في سوريا، وهو ما يشاطره الباحث في شؤون السلام مايكل برتسوسكا، الذي يرى أن تسليح أطراف النزاع في سوريا سيزيد من حجم المعارك الدامية وعدد القتلى.
ويضيف مدير معهد بحوث السلام والسياسة الأمنية في جامعة هامبورغ، في مقابلة مع DW: "حتى الآن يحارب مقاتلو المعارضة بأسلحة صغيرة وبسيطة، لكن في حال حصولهم على أسلحة ثقيلة، فإن مستوى العنف سيزيد بشكل ملحوظ.
رفع الحظر لدعم المعارضة السورية
الدول المؤيدة لرفع الحظر تريد دعم مقاتلي المعارضة في حربهم ضد النظام، كما يشرح الخبير بروتسوسكا: " لأنهم سيصبحون أكثر قوة وسيكون بإمكانهم كسب هذه الحرب بسرعة وبالتالي فإن العدد الإجمالي للضحايا في صفوفهم سيكون أقل ".
أما الخبير الإسرائيلي في الشؤون السورية، إيال تزيسر، فيشير إلى الجانب الأخلاقي لتسليح المعارضة. فحسب رأيه يتطلع مقاتلو المعارضة إلى مساندة حقيقية من المجتمع الدولي، مضيفاً: "تتعرض المعارضة في سوريا للقتل بشكل وحشي من قبل القوات الحكومية"، على حد تعبير المدير السابق لمركز "موشيه ديان" لدراسات الشرق الأوسط في تل أبيب. ويؤكد الخبير في مقابلته مع DW أنه "من الإنصاف أن نوفر لهم الأسلحة حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم ضد النظام".
حظر الأسلحة لا يعني عم وصولها
وقف إمدادات الأسلحة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبلدان أخرى لا يعني عدم وصول الأسلحة للمعارضين. فدولة قطر والمملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، تساعد مقاتلي المعارضة بالمال والسلاح للوقوف ضد النظام. لكن في ما يخص مدى دعم تركيا للمعارضة، يبقى ذلك، حسب برتسوسكا، غير واضح.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأسلحة تصل إلى المعارضين من تجار الأسلحة عبر لبنان. ويشير باحث السلام أيضاً إلى وصول الأسلحة بشكل سري من الغرب أيضاً، إذ يقول: "توجد بالفعل شحنات سرية من الدول الغربية، ولكن لا يعرف إلا القليل عن ذلك".
وتسعى جماعات المقاومة المختلفة ،حسب رأي تزيسر، للحصول على صواريخ مضادة للطائرات، إذ لحد الآن يصعب على مقاتلي المعارضة مواجهة طائرات النظام الحربية، التي تقصف عدة مناطق. ولهذا فإن قوى المعارضة تتطلع أيضاً، على حد تعبير بروتسوسكا، للحصول على قاذفات صواريخ من أجل مقاومة الهجمات التي تشنها مدفعية النظام السوري.
تخوف من وقوع الأسلحة في يد الإسلاميين
ومن بين الأمور المثيرة للجدل أيضاً فيما يخص حظر الأسلحة هو القلق والتخوف من أن تقع هذه الأسلحة المتطورة في يد بعض الجماعات الإسلامية المتشددة. ففي هذه الحالة، سيكون بإمكان هذه الجماعات توسيع دائرة نفوذها وتأثيرها على النظام الجديد في مرحلة ما بعد الحرب. و لا يُستبعد أيضاً أن تستخدم هذه الأسلحة في يوم من الأيام لتنفيذ هجمات ضد أهداف غربية. ولهذا فإن الخبير تزيسر يرى في وقوع صواريخ مضادة للطائرات في أيدي الإسلاميين خطراً فعلياً يجب أخذه بعين الاعتبار، خاصة وأن المعارضة السورية تفتقر إلى قيادة سياسية وعسكرية موحدة، وبالتالي يصعب السيطرة على وجهة إمدادات الأسلحة.
وحسب برتسوسكا، فإن مؤيدي تسليح المعارضة يأخذون أيضاً إمكانية وقوع الأسلحة في يد الجماعات المتطرفة بعين الاعتبار. ويضيف الخبير أن مشاركة الأوروبيين في تزويد المعارضة بالأسلحة سيكون له تأثير أكبر مما لو جاءت الأسلحة من دول الخليج فقط، مضيفا أن "تحويل مسار الأسلحة بعيداً عن الدول العربية المحافظة تجاه الدول الأوروبية قد تكون أفضل أداة يستطيع من خلالها الغرب ضمان وصول الأسلحة إلى مجموعات معينة فقط".
وحتى القوى النظامية في سوريا ما زالت تستفيد من إمدادات عسكرية من الخارج. فبالرغم من أن روسيا ،حليف سوريا، خفضت بالفعل إمداداتها لدمشق من أجل الضغط عليها للتفاوض والوصول إلى حل سياسي، لكن "ما زالت الأسلحة تصل من روسيا"، كما يشدد الباحث برتسوسكا.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن النظام السوري يحصل على الأسلحة من إيران، وذلك عن طريق حزب الله في لبنان، كما يتوقع بعض الخبراء السياسيين. وبغض النظر عن ذلك، فإن النظام في دمشق يمتلك ذخائر لأسلحة تعود إلى الحرب الباردة، وهو ما يمكنه من الصمود في وجه المعارضة لمدة طويلة.