تصحر الأراضي الزراعية يزيد الفقراء فقرا
تحذر الجهات المختصة في هيئة الأمم المتحدة دوما من إحدى أهم المشاكل التي تعاني منها الدول النامية وهي مشكلة التصحر، الأمر الذي يؤدي غالبا إلى جفاف المناطق الزراعية في هذه البلدان وتفشي آفة الفقر. ووفقا لمصادر المنظمة الدولية، فإن تصحر الأراضي الزراعية يلحق الضرر بـ 250 مليون إنسان ويهدد كيان مليار إنسان في الدول الفقيرة. ويعزو خبراء البيئة استفحال هذه الظاهرة في بلدان العالم الثالث بالدرجة الأولى إلى التحول الذي يشهده المناخ. ويقول الخبراء إن قيام الفلاحين في الدول النامية بتربية مواش أكثر من اللازم أو استهلاك مياه الآبار كليا أو قطع الأشجار يزيد المشكلة تعقيدا.
استشراء الظاهرة في إفريقيا
وتعتبر القارة السوداء وخاصة منطقة الساحل الإفريقي من أكثر المناطق تعرضا لمشكلة التصحر. وكانت هذه المنطقة قد تعرضت في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات إلى عدة موجات جفاف، الأمر الذي دفع حكومات الدول المتضررة إلى تشكيل لجنة تهتم بمشاكل التصحر وتبعاتها. وفي هذا الخصوص قال عيسى مارتين بيكينغا، أحد الخبراء في شؤون التصحر، في حديث خص به موقعنا "دويتشه فيله" إن مشكلة التصحر التي تؤدي إلى فقر الأراضي الزراعية هي من أهم المشاكل التي تواجه سكان هذه المناطق الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى وتزيدهم فقرا، عازيا ذلك إلى اعتماد السكان بشكل أساسي على الموارد الطبيعية والمحاصيل الزراعية. وحسب بيكينغا فإن 80 بالمائة من الأراضي السودانية والصحراء الكبرى و90 بالمائة من المناطق الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى تهددها مشكلة التصحر.
امتداد التصحر إلى أوروبا
ومن الجدير بالذكر أن مشكلة التصحر لا تهدد البلدان الإفريقية فقط، بل تمتد لتشمل أراض أوروبية أيضا وخاصة إسبانيا. ففي المناطق الواقعة على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط يشكل التحول الذي يشهده المناخ والتأخر في استحداث تقنيات زراعية تتجاوب مع الظروف المناخية الجديدة إلى جفاف الأراضي الزراعية وتلفها. وفي حين تحصل أسبانيا على مساعدات للقطاع الزراعي من الاتحاد الأوروبي لحل هذه المشكلة، إلا أن مشكلة التصحر التي تعاني منها القارة الإفريقية تؤدي إلى تدفق المهاجرين عليها. ووفقا لأرقام الاتحاد الأوروبي فإن 8 ملايين من بلدان المغرب العربي يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي. وبسبب ازدياد مشكلة جفاف الأراضي الزراعية تفاقما يوما بعد يوم، فإن هجرة مواطني البلدان التي تتعرض لهذه المشكلة ما زالت مستمرة ولن تتوقف في المستقبل القريب.
دور الأمم المتحدة
كان مؤتمر البيئة الذي نظمته الأمم المتحدة في عام 1992 في ريودي جانيرو تمخض عن توقيع اتفاقية تهدف إلى محاربة هذه الظاهرة والتفكير في سبل وآليات التصدي لها. ويقول الخبير يوناس بوغاردي من الأمم المتحدة إن المزارعين الذين يعانون من مشكلة الفقر في الدول النامية "لا يبقى أمامهم سوى خيار استغلال البيئة، الأمر الذي يؤدي إلى نفاد الموارد الطبيعية وشح المياه وبالتالي زيادة مشكلة التصحر تعقيدا." ومن أجل البحث عن حلول لهذه المشكلة ينظم في السابع عشر من شهر يوليو/ حزيران من كل عام مؤتمر للحد من الظاهرة.