تصاعد العنف في تيغراي.. كارثة اتساع رقعة الصراع
٧ أغسطس ٢٠٢١حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن الحياة باتت أكثر صعوبة في إقليم تيغراي الإثيوبي في ضوء نقص الإمدادات الطبية وانقطاع الكهرباء بشكل شبه مستمر ونقص حاد في الوقود فضلا عن نقص السيولة النقدية عقب إغلاق البنوك وسط ارتفاع معدلات البطالة جراء إغلاق المصانع أو تعرضها لأعمال السرقة والنهب. وقالت أليونا سينينكو المتحدثة الإقليمية باسم اللجنة "إن الوضع الإنساني مقلق للغاية ويزداد سوءا".
وزاد الطين بلة هو أن الصراع في تيغراي لم يسفر فقط عن نزوح قرابة مليوني شخص باتوا الآن في أمس الحاجة إلى مساعدات، بل أدى كذلك إلى اعتماد هؤلاء النازحين على مجتمعات تستضيفهم ليست هي الأخرى في أفضل حال بل تعاني من العوز. وقد تأثر قطاع الزراعة الذي يعتمد عليه معظم سكان تيغراي بالعنف الدائر في الإقليم.
وفي ذلك، قالت سينينكو إن "الكثير من المزارعين لم يتمكنوا من زراعة المحاصيل في الوقت المناسب لأنهم لم يستطيعوا الوصول إلى أراضيهم الزراعية. كذلك، لم يعد بمقدورهم الحصول على قروض زراعية رغم أنهم في حاجة إلى هذه القروض حتى يتمكنوا من شراء الأسمدة التي تعد ضرورية للزراعة نظرا لصعوبة المناخ في الإقليم".
عدم سريان وقف إطلاق النار
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت من أكثر من 400 ألف إثيوبي يواجهون خطر المجاعة. وانتقدت المنظمة الدولية في تقرير نُشر الجمعة الماضية طرفي الصراع في تيغراي لعرقلة تدفق المساعدات إلى سكان الإقليم الذين هم في أمس الحاجة إليها. ووصفت المنظمة الدولية الوضع الحالي في تيغراي بـ "الكارثي".
أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر فقد سجلت أثناء عملها في الإقليم تدهورا كبيرا في الوضع الغذائي إذ أكدت سينينكو أن "المزارعين يبلغونا بأن يتناولون وجبة غذائية واحدة في اليوم. وقد رأينا بأعيننا تدهور كمية وجودة وجباتهم الغذائية".
وفي أعقاب تعرضه لانتكاسات عسكرية، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد في التاسع والعشرين من يونيو / حزيران وقف إطلاق النار من جانب واحد حتى نهاية موسم الزراعة في سبتمبر / أيلول المقبل. وعلى وقع هذه الهدنة، كان يُفترض أن يحل السلام في الإقليم بعد تسعة أشهر من العنف والاقتتال، إلا أن النقيض وقع، وفقا لما ذكره موريثي موتيغا، مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية (ICG).
وأضاف موتيغا "تعصف بالإقليم الآن أزمة متصاعدة. تقول الحكومة الإثيوبية إنها أمرت بوقف إطلاق النار، لكن في المقابل تقول قيادة تيغراي أن وقف إطلاق النار لم يتسم بالجدية لأن إديس أبابا تفرض حصارا على الإقليم."
اتساع رقعة الصراع
وحذر موتيغا من "خطر امتداد الحرب خارج الإقليم".يشار إلى أن مصطفى محمد عمر- رئيس منطقة الصومال الإقليمية في إثيوبيا- قد ذكر قبل أسبوع أن طريقا حيويا وشريانا تجاريا خاصا بالسكك الحديدية يربط العاصمة غير الساحلية أديس أبابا بميناء جيبوتي البحري تعرض للإغلاق من قبل متظاهرين من المنطقة خرجوا احتجاجا على هجوم ميليشيات من منطقة عفر المجاورة على بلدة تابعة لمنطقة الصومال.
وقالت حكومة منطقة الصومال الإثيوبية إن "ميليشيات منطقة عفر قتلت مئات المدنيين" السبت الماضي في بلدة جيدامايتو التي تقع وسط المناطق الحدودية المتنازع عليها بين إقليمي عفر والصومال.
وبعد يوم فقطـ، دعت منطقة أمهرة "كافة شبابها" إلى حمل السلاح ضد قوات إقليم تيغراي المجاور التي زعمت أنها استولت على بلدة في إقليم الأمهرة لأول مرة منذ بدء الصراع.
وفي الجوار الإثيوبي، انخرطت إريتريا في الصراع الدائر في تيغراي إلى جانب القوات الحكومية ورئيس الوزراء آبي أحمد منذ بداية الصراع. وقد ارتكبت القوات الإريترية فضائع في تيغراي ترقى إلى الإبادة الجماعية، وفقا للعديد من الخبراء.
مؤشرات على تطهير عرقي
وخلال الأسبوع الماضي، عثرت السلطات المحلية بولاية كسلا السودانية على أكثر من 40 جثة تطفو في نهر يتدفّق على الحدود بين البلدين فيما يبدو أنهم إثيوبيون فروا من الاشتباكات في تيغراي. وقد عثر على بعض الجثث مقيدة الأيدي وتحمل آثار جروح جراء طلقات نارية.
وفي ذلك، قالت أليونا سينينكو - المتحدثة الإقليمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "راينا بالتأكيد أن مناطق أخرى بدأت تتأثر بالعنف". وأضافت: "شاهدنا أعدادا متزايدة من الإصابات جراء الحرب والقتال ويعد هذا مصدر قلق بالغ بسبب أن العديد من المستشفيات تعاني من نقص حاد في الإمدادات الطبية".
وعلى وقع مؤشرات ارتكاب جرائم ترقى إلى التطهير العرقي وخطر المجاعة والخوف من امتداد العنف إلى الدول المجاورة، تزايدت الدعوات الموجهة إلى المجتمع الدولي للضغط على إثيوبيا من أجل إنهاء الحرب.
من يوقف الحرب؟
ويؤكد مراقبون أن هذه الدعوات تأخرت كثيرا فضلا عن كونها ليست بوتيرة كبيرة. في هذا السياق، يقول موريثي موتيغا- مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية، إنه من الممكن "التعاطف مع الجهات الفاعلة التي حاولت إيجاد مخرج لهذه الحرب، لإنها قضايا راسخة بشكل كبير. هذه حرب ثأرية وأيضا للسيطرة على الأراضي. هذه حرب بقاء وقوة وحول القومية العرقية، لذا من الصعب للغاية إنهاء هذه الحرب بأشكالها المختلفة."
بيد أن موتيغا يرى أن الوقت قد حان لمضاعفة كافة الجهود "ليس فقط من جانب الدول الغربية والأمم المتحدة، وإنما أيضا من جانب دول الجوار الإثيوبي والمنظمات الإقليمية متعددة الأطراف خاصة الاتحاد الإفريقي".
بقاء إثيوبيا على المحك
وعلى وقع هذه الأمور، تزايد قلق الدول المجاورة لإثيوبيا. وفي ذلك، قال موتيغا: "كانت إثيوبيا مصدرا للاستقرار في المنطقة إذ كانت واحدة من أكبر المساهمين في قوات حفظ السلام في العالم وفي الصومال. وكلما طال أمد (العنف في تيغراي)، كلما تزايد (خطر) عدوى (انتشار القتال)، ليس فقط في الصومال وإنما في كينيا وجيوتي. ويراقب السودان أيضا الوضع بقلق بالغ."
ولا يوجد في الأفق حاليا نهاية لهذه الحرب وسط تزايد المخاوف من أنها قد تنذر بنهاية الأمة الإثيوبية. وفي هذا السياق، قال موتيغا "بالنظر إلى ما سيعنيه تفكيك إثيوبيا، فأعتقد أن الجميع يأمل ويرغب في تجنب هذه النتيجة التي تقلق الكثير من الإثيوبيين أيضا. لكن نأمل في أن يكون بالإمكان منع حدوثها".
كريستينا كريبال / م ع