تركيا ـ ضغط هائل على وسائل الإعلام الكردية
١٥ ديسمبر ٢٠١٨"بلد حر" هي إحدى الصحف الكردية القليلة في تركيا التي ماتزال تصدر. وعلى الأقل روحها ماتزال قائمة. وهذا ما أوضحه أعضاء العديد من اتحادات الصحفيين عندما أحيوا ذكرى الاعتداء بقنبلة على مركز الصحيفة قبل 24 عاما. وأمام مبنى التحرير السابق في اسطنبول ذكَروا بالاعتداء وبأن القضية لم يتم الكشف عن ملابساتها إلى اليوم. وما يقارب 100 صحفي كردي قُتلوا في تسعينات القرن العشرين في ظروف غامضة، وفي هذا السياق يقول حاكي بولتان، المتحدث باسم مبادرة الصحفيين الأحرار: "في الماضي تمت محاولة إسكات الصحافة الكردية"، يقول بولتان. "لكنهم لم ينجحوا في السابق في ذلك ولن ينجحوا اليوم".
منذ المحاولة الانقلابية يزداد الضغط
في السنوات الأربع وعشرون الماضية أمرت الدولة التركية بإغلاق 35 صحيفة، ولاسيما بعد المحاولة الانقلابية في تموز/ يوليو 2016 ، حيث أعلنت الحكومة حالة طوارئ تم على أساسها حظر العديد من وسائل الإعلام الكردية وإغلاقها. وفي نهاية 2016 فحسب تم حسب إفادات خبراء إغلاق نحو 140 شركة إعلامية. و فقد 2.300 صحفي عمله.
وفي أيلول/ سبتمبر 2016 تم بين عشية وضحاها إسكات 12 محطة تلفزة و 11 محطة إذاعية، بينها Zarok TV وهي تلفزة تبث فقط أفلام الرسوم المتحركة بالكردية، وبات بإمكان هذه المحطة أن تعمل من جديد، لكن بشروط: 40 في المائة من البرامج يجب بثها بالتركية والبرنامج يجب أن "يعكس الثقافة التركية".
ووسيلة إعلامية أخرى تم إغلاقها بعد المحاولة الانقلابية بقليل كانت وكالة الأنباء Jin Haber Ajansi التي كانت تشغل فقط نساء، بينهن الفنانة والصحفية الكردية زهرة دوغان التي اعتُقلت مؤقتا في الأيام الأولى للمحاولة الانقلابية ووُجهت لها تهمة العضوية في تنظيم إرهابي. وفي 2017 حُكم عليها بالسجن لمدة ثمان سنوات وتسعة أشهر. واحتجاجا على اعتقالها رسم الفنان الانكليزي بانكسي صورة لزهرة دوغان على أحد الجدران في نيويورك.
عدد قليل من الصحفيين المتهمين فحسب له مشاهير يدعمونه. فتركيا هي البلد الذي يوجد فيه أكبر عدد من الصحفيين المعتقلين. وخلال العام الجاري تم من يناير إلى نوفمبر اعتقال 132 صحفيا، بينهم 60 سجناء الآن وتم إغلاق أربع شركات إعلامية. وتفيد منظمات الصحفيين بأنه يقبع حاليا وراء قضبان السجن أكثر من 150 صحفياً، وكثير منهم يُتهمون بالدعاية الإرهابية. وفي تركيا يكفي أن تقوم بتغطية موضوعات كردية بدون استخدام اللغة الرسمية للحكومة في أنقرة لتتهم بالارهاب.
ويقول بولتان من "مبادرة الصحفيين الأحرار": "ليس هناك قناة تتوجه إلى الجمهور الكردي تحصل على ترخيص البث. وليس هناك موقع إنترنيت يحصل على رخصة النشر". وقال بولتان بأن هذا بدأ بعدما أوقفت الحكومة التركية مفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستاني التس تعتبيره محظوراً. "والناس لا يمكنهم إلا مشاهدة قنوات تلفزة تبث عبر الأقمار الصناعية من الخارج".
ليس فقط وسائل الإعلام الكردية هي المستهدفة
لكن هجمات الدولة لا تستهدف وسائل الإعلام الكردية فحسب، ففي شرق البلاد يطال القمع جميع وسائل الإعلام التي ليست تحت مراقبة حزب العدالة والتنمية الحاكم، كما يقول فاروق إيرين، رئيس نقابة العمل والإعلام لكونفدرالية نقابة العمال الثورية في تركيا. وبهذه الإجراءات يُراد منع تغطية إعلامية صحيحة ومحايدة من هذه المنطقة. "الناس لم تعد لديهم إمكانيات استقطاب أخبار من شرق تركيا. ولا نعرف ما الذي يحصل في المناطق التي يحصل فيها قتال. ووسائل الإعلام التابعة للخط الرسمي لا تأتي إلا بما تريده الحكومة".
ويقول إيرين بأن القمع لا يطال فقط أصحاب الإعلام. ففي الـ 6 من أيار/ مايو 2016 بدأت حملة تضامن مع صحيفة Özgür Gündem، لأن طبعتها تمت مصادرتها باستمرار بأمر قضائي. وعلى إثرها أغلقت الشرطة الصحيفة للمرة الأخيرة. والكثير من الصحفيين والأكاديميين الذين دافعوا عن الصحيفة اقيمت دعاوى قضائية بحقهم: خمسة بينهم حُكم عليهم بالسجن بين سنة ونصف وأربع سنوات.
أرام إكين دوران/ م.أ.م