"تركيا توَّظف الربيع العربي لمصلحتها وإسرائيل تلتزم الصمت"
١٣ سبتمبر ٢٠١١سؤال: تقف تركيا اليوم في صف حماس، في الوقت الذي تزداد فيه الفجوة بين تركيا وإسرائيل، ما هي الآمال، التي تعلقها أنقرة على هذه التحولات؟
ميشائيل ماير: تأمل انقره بذلك الحصول على مكاسب من التغييرات التي جلبتها رياح الربيع العربي. تركيا دولة اقتصادية قوية ولها صلات تاريخية تربطها بالمنطقة. وتشعر أنقر حاليا أنها على درجة من القوة التي تمكنها من لعب دور كقوة إقليمية.
لتحالف بين تركيا وحماس ليس بالأمر الهين، هل يتعين على الغرب الآن إعادة النظر في سياسة تركيا كحليف لحلف شمال الأطلسي؟
نعم، لكن هذا التحالف بين تركيا وحماس ليس بالجديد، فمنذ سوات وهناك عدد من السياسيين الأتراك، ممن يوطدون علاقاتهم مع حماس، لكنهم لم يلعبوا دوراً قوياً في سياسة تركيا الخارجية. لكننا نشهد تغييرات في هذا الشأن، مما يحتم علينا إعادة قراءة الأمور بعين ناقدة، حتى وإن كانت هناك ضرورة للتواصل مع حماس.
ما هي العلاقة بين التطورات الجديدة، كالتحالف مع حماس على سبيل المثال، والتغييرات التي طرأت على السياسة الداخلية في تركيا؟
لم تكن السياسة الخارجية التركية متأثرة بالوضع التركي الداخلي يوما مثلما هو الحال عليه حاليا. لقد تعزز نفوذ اردوغان، حيث حصد خمسين بالمائة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في شهر يونيو/ حزيران الماضي. كما قام بتهميش دور الجيش، مما دفع رئيس أركان الجيش التركي لتقديم استقالته، للتعبير عن الاستياء، الذي يشعر به جزء كبير من الشعب التركي. وهذا تطور جديد تماماً، فالسياسة الخارجية التركية كانت دائماً سياسة النخبة.
يبدأ رجب طيب اردوغان زيارته من القاهرة لمنطقة شمال أفريقيا. هل سيحاول رئيس الوزراء التركي في هذه الزيارة تعزيز نفوذ بلاده في المنطقة؟
ليس لدي شك في ذلك، فهذه أول زيارة من نوعها منذ خمسة عشر عاماً. عندما استعيد أحداث اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة، يبدو لي بأن هذه الإحداث كانت نوعاً من الاستعداد للزيارة. سيلقى اردوغان خطاباً من جامعة القاهرة وسيلتقي بالمجلس العسكري والحكومة الانتقالية وبالمنظمات الديمقراطية. كل هذه علامات تدل على أن اردوغان يريد عقد تحالف مع مصر، فمصر دولة تتمتع بدور ريادي قديم في المنطقة، وتركيا تستطيع أن تستفيد من التحالف مع مصر.
ماذا تعني هذه التطورات لأوروبا، فتركيا عضو في حلف الأطلسي ولكنها ليست في الاتحاد الأوروبي. فهل هذه التغييرات في مراكز القوى مدعاة لقلق أوروبا، فإسرائيل على سبيل المثال أصبحت في موقع الدفاع؟
هناك تغييرات في مراكز القوى وهذا ليس بسبب التحول، الذي طرأ على الموقف التركي فقط ولكن بسبب التطورات التي حملتها جلبها الربيع العربي...
الربيع العربي الذي يلقى دعما كبيراً من الغرب!
نعم وهذا شي جيد. لقد لعب الغرب دوراً بناءاً في ليبيا، مع التحفظ على موقف ألمانيا، وقد قوبل هذا الدور بالترحيب في الدول العربية. نعم هناك مدعاة للقلق، لكن ليس بهذه الصورة. أعتقد بأن ألمانيا لديها أيضاً الفرصة للمساهمة في هذه التحولات. من ناحية أخرى يجب أن نرسل لتركيا إشارة واضحة: لديكم حلفاء في الغرب وأيضاً في الاتحاد الأوروبي، الذي تسعون للحصول على عضويته.
يقوم وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيله، بزيارة لمنطقة الشرق الأوسط الآن، هل تلعب ألمانيا دوراً هاماً في المنطقة الآن؟
ألمانيا تتمتع بوضع جيد في المنطقة ولكنها لم تستفيد من ذلك بصورة كافية حتى الآن.
وما هو سبب ذلك؟
لقد قمنا بتحجيم أنفسنا بأنفسنا وذلك برفضنا المشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا وربما يكمن السبب في عدم تمتعنا بالذكاء الكافي للاستفادة من حلفائنا في الحوار السياسي مع الدول الأخرى وهذا ينطبق بصورة كبيرة على العلاقات الألمانية التركية الوثيقة، التي لم يتم الاستفادة منها.
في ظل التطورات الأخيرة هل تعتقد بأنه يتعين على الحكومة الإسرائيلية القيام بدور أكثر فاعلية للتأثير على الأحداث الجارية؟
بالنسبة لإسرائيل فهي تفقد حلفاءها في المنطقة، فهناك توتر في علاقتاها مع كل من تركيا ومصر، والغموض يلف علاقاتها مع الأردن. أعتقد بأنه يتعين على إسرائيل القيام بدور أكثر فاعلية، فإسرائيل هي الدولة الوحيدة، التي لم تتخذ حتى الآن موقفاً من الربيع العربي. وربما يستطيع المرء فهم هذا الصمت إذا وضع نفسه في موقف إسرائيل، التي تراقب الأحداث من هناك. لكن إسرائيل يجب أن تصبح أكثر فاعلية وانفتاحاً. أتمنى أن تكون حكومة الائتلاف الحالية هي السبب وراء هذا الموقف الإسرائيلي.
وهذا كان سؤالي، هل تعتقد أن حكومة نيتانياهو قادرة على القيام بلعب هذا الدور في ظل الضغوط الداخلية التي تمارس عليها؟
لقد برزت الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية في ظل الأزمة الدبلوماسية مع تركيا، فنيتانياهو وايهود باراك يقولان: دعونا نعرب عن أسفنا بالصورة الواضحة، التي تم الاتفاق عليها مع الدبلوماسيين الأتراك ودعونا ننزع فتيل الأزمة وهناك وزير الخارجية الإسرائيلي، ليبرمان، الذي يصب الزيت على النار ويتبادل اللكمات مع وزير الخارجية ورئيس الوزراء التركيين وهذا لن يدر النفع على أي أحد.
أجرى المقابلة: يورغ ديجينهارت ( راديو دويتشلاند كولتور)
ترجمة: مي المهدي
مراجعة: عبده جميل المخلافي