تركيا تستحوذ على قلوب اليونانيين الفارين من الأزمة
١٢ يناير ٢٠١٢تجتذب سوق العمل الألمانية آلاف الأوروبيين على رأسهم اليونانيين والاسبان في أعقاب تفجر أزمة الديون في تلك البلدان التي تشهد إفلاس عدد متزايد من الشركات، وتسجل نسبة عالية من البطالة، لاسيما في صفوف الشباب. وقفزت أعداد المهاجرين إلى ألمانيا في النصف الأول من عام 2011 ، وذلك بسبب تدفق الهجرة الوافدة من شرق أوروبا في المقام الأول. وجاء ذلك في تقرير صدر عن مكتب الإحصائيات الاتحادي في مدينة فيسبادن الألمانية. وقال المكتب في تقريره إن العدد الإجمالي الذي هاجر إلى ألمانيا في النصف الأول من 2011 بلغ نحو 435 ألف شخص.
" أريد أن أغادر مع زوجي وابنتي. لم يعد هناك آفاق مستقبلية أمام ابنتي. طبعا كل بداية صعبة، لكن في كل مكان الوضع أفضل من هنا. وإذا تمت الأمور حسب رؤيتنا، فإننا سنغادر إلى اسطنبول. وإذا لم يتحقق ذلك، سنتوجه إلى أستراليا، المهم هو الرحيل". هذا ما قالته يونانية من العاصمة أثينا خلال مشاركتها في برنامج تلفزيوني.
اسطنبول تمارس جاذبيتها على اليونانيين
اسطنبول باتت تحتل المرتبة الأولى كوجهة للهجرة، لتتحول تركيا العدو اللدود سابقا إلى البلد المحبوب لعدد متزايد من اليونانيين. ويقول البروفيسور دميتريوس تريانتافيلو الذي يدرس منذ سنة بجامعة اسطنبول إن الكثير من الأمور تغيرت في العلاقة بين اليونان وتركيا.
"منذ أن حلت فترة انفراج بين البلدين، يعني قبل 12 عاما تغير أيضا شيء داخل عقول أفراد الشعبين في إدراك الآخر. والى جانب بلدان الهجرة التقليدية مثل بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا أو فرنسا أدى هذا التحول ببعض اليونانيين، حسب مستواهم التعليمي إلى التساؤل أكثر لماذا لا أحاول حظي في تركيا؟"
ويفيد البروفيسور دميتريوس تريانتافيلو أن الوجهة التركية تحولت إلى نموذج ناجح. ويرأس هذا الأستاذ في الأثناء مركز الدراسات الدولية والأوروبية بجامعة قدير هاس باسطنبول، وقال بأن تركيا تحولت إلى موقع جذاب بالنسبة إلى الأكاديميين، وقال " نحن كأكاديميين نعرف من خلال إحصائية أن جامعتين على الأقل في تركيا تعدان من بين أفضل مائة جامعة في العالم. وهذه الحقيقة ليست متوفرة لدينا في اليونان".
ويشير زميله التركي البروفيسور نيكوس أوسونولو إلى أن الشباب بوجه خاص يغادرون إلى تركيا حيث ُشغفوا بالساحة الثقافية وديناميكية اسطنبول، معتبرا أنه لا أحد كان يتصور قبل عشر أو عشرين سنة حدوث هذا التطور.
طراز الحياة التركية يعجب اليونانيين
والمثير للانتباه هو أن 40 طيارا يونانيا يعملون حاليا لدى شركات طيران تركية، وكانوا قبلها أعضاء في سلاح الجو اليوناني. ولم تكتس تركيا هذه الجاذبية بالنسبة إلى اليونانيين بفضل نموها الاقتصادي فقط، بل أيضا لأنها قريبة جغرافيا من اليونان، وبالتالي ليس هناك دوما ضرورة لانتقال كافة أفراد العائلة إلى تركيا. كما أن طراز الحياة متشابه، وهذه حقيقة تنطبق بشكل خاص على الحياة في اسطنبول. ويقول البروفيسور تريانتافيلو في هذا السياق " أعتقد أنه في حال مجيء اليونانيين إلى هذا البلد، ولاسيما إلى اسطنبول التي تختلف عن باقي تركيا يلاحظون بأن الشعبين التركي واليوناني يتقاسمان عدة ميزات: مثل ثقافة الطبخ، والحياة الليلية والخ... وهذا يسهل على الكثير من اليونانيين اتخاذ القرار".
ويعتقد بعض المراقبين أن تدفق اليونانيين الذين يهاجرون إلى تركيا سيستمر في المستقبل المنظور، خاصة أن الوضع الاقتصادي في اليونان يزداد تأزما. وربما تحل مشكلة المواصلات في كبرى المدن اليونانية قريبا حيث يقدر عدد أصحاب السيارات الذين ألغوا تراخيص سياراتهم بحلول نهاية عام 2011 بأكثر من 250 ألف شخص.
كريستيان بوتكيرايت/ محمد المزياني
مراجعة: عبده جميل المخلافي