ترشح شفيق "استفزاز" للسيسي و"إرباك" للحسابات الإقليمية
٣٠ نوفمبر ٢٠١٧في فصل جديد من فصول العبث في الشرق الأوسط وبعد الاستقالة "المتريثة" لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ظهرت دولة خليجية أخرى تمنع شخصية عربية من السفر لأسباب سياسية، على الأقل حسبما يدعيه أحمد شفيق رئيس الوزراء المصري الأسبق والمرشح الرئاسي الذي واجه مرسي بعد ثورة يناير 2011. شفيق أكد، في شريط فيديو بثته قناة الجزيرة القطرية، أن قرار المنع يرتبط بعزمه خوض الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، كما أصر شفيق على العودة لمصر "خلال الأيام المقبلة".
وبهذا الشأن، وفي حوار مع DW عربية أكد وليد الشيخ الإعلامي والخبير في الشأن المصري المقيم في ألمانيا أن طموح أحمد شفيق الرئاسي يشكل تحديا لشرعية عبد الفتاح السيسي بحكم الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها رئيس الوزراء الأسبق ليس فقط لدى الرأي العام المصري، ولكن أيضا داخل المؤسسة العسكرية. المثير أيضا أن الإمارات، الحليف المقرب من نظام السيسي، أقدمت على خطوة تذّكر بسيناريو استقالة الحريري، ما يؤكد أن الحسابات الإقليمية لعبت دورا أساسيا في هذه القضية، رغم أن الإمارات نفت ما ادعاه شفيق واتهمته بـ"نكران الجميل".
منافس مزعج للسيسي
في شريط الفيديو تحدث شفيق عن "خبرته الطويلة في القوات المسلحة" و"النجاح الذي شهد به الجميع" أثناء توليه وزارة الطيران المدني". وسبق لشفيق أن قاد قوات سلاح الجو المصري، وبرز اسمه بعد أن عينه حسني مبارك رئيسا للوزراء. وارتبط اسمه بشكل خاص بخسارته للانتخابات الرئاسية عام 2012 أمام محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في أول انتخابات ديموقراطية تعرفها البلاد وكان الفرق بينه وبين مرسي ضئيلا جدا من حيث الأصوات، بل إن شفيق ذهب لحد التشكيك في نتائج الانتخابات آنذاك وقال إنه تم التلاعب بها.
الدكتور معتز سلامة خبير شؤون الخليج والباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية له رأي آخر إذ أوضح في حوار مع DW عربية أنه "لو تقدم شفيق اليوم للانتخابات لتبدد الكثير من الصورة التي رسمها لنفسه أو رسمت حوله عام 2012". ويتابع "المصريون مهتمون اليوم باستعادة الدولة الوطنية بعكس المرحلة السابقة التي كان فيها خطر داهم هدد الدولة ما أدى لانقسام في أصوات الشعب بين أنصار الدولة وأنصار النظام السابق ثم أنصار الإخوان المسلمين". إلا أن وليد الشيخ يرى أن الوزن السياسي لشفيق حاليا يكمن في كونه "مرشح احتجاجي محتمل ضد السيسي".
ابن الدولة العميقة...ولكن؟
عرف شفيق بانتقاداته لسياسة السيسي سواء من حيث تخليه عن تيران وصنافير أو من حيث مشاريعه الاقتصادية الفاشلة في قناة السويس وغيرها. وإضافة لوقوفه ضد جماعة الإخوان المسلمين دعا شفيق في فيديو إعلان ترشحه إلى تطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وأوضح أن "الديمقراطية الحقة والحقوق الإنسانية الطبيعية ليست بمنحة من أحد كما أنها لا تمنح أو تطبق تدريجيا إطلاقا" في إشارة لتصريحات السيسي التي لا تعتبر الديموقراطية أولوية. ولكلام شفيق وزنه خصوصا وأن المنظمات الحقوقية تشتكي بطش نظام السيسي فيما تعتبره أسوأ حملة قمع في تاريخ البلاد.
غير أن شفيق يبقى ابنا بارا من أبناء الدولة العميقة حيث شغل مناصب حساسة في الحكومة وداخل المؤسسة العسكرية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. ولربما استطاع شفيق إعادة انتاج وجه آخر للدولة المصرية مختلف عن الذي يقدمه السيسي حيث هناك من يرى أن "شخصية كشفيق ستحظى بدعم الغاضبين والمستائين من سياسة السيسي حتى من قيادات المخابرات العامة التي أطاح السيسي بالعديد منهم، وحتى داخل بعض قيادات الجيش" على حد تعبير الشيخ.
حاجز الحسابات الاقليمية
"يرى وليد الشيخ في "الخطوة الإماراتية محاولة لمنع شفيق من المضي قدما في الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية، فالإمارات استضافت شفيق، بعدما تم توجيه اتهامات له في مصر وصفها البعض بأنها اتهامات سياسية، هدفها منعه من العودة لمصر وتهديد شرعية عبد الفتاح السيسي". ويذهب الشيخ إلى القول أن الأمر يتعلق بعملية اقليمية تقوم على تحالف الصقور "ترامب، ابن سلمان، إبن زايد والسيسي". وبالتالي، فإن ترشح شخصية كشفيق من شأنها إرباك معادلات إقليمية في طور التشكل بالمنطقة.
الشيخ خلص إلى أن هناك مقاربتان: الأولى تقول إن الإمارات ضد ترشح شفيق بسبب تحالفها مع السيسي. وهناك رأي آخر يقول إن الإمارات تخشى أن تتهم بأنها تلعب بورقة شفيق لصالحها خصوصا وأن الكثيرين قالوا إن شفيق لن يترشح إلا بقبول إماراتي.