تدشين بناء مسجد ضخم في مدينة كولونيا بعد نحو عامين من الجدل
١٠ نوفمبر ٢٠٠٩دشن الاتحاد الإسلامي التركي في ألمانيا، المعروف اختصارا بـ (ديتيب) يوم السبت الماضي ( 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 ) بناء مسجد كبير في شارع فينلور شتراسه بحي إيرينفيلد في مدينة كولونيا الألمانية. حضر الاحتفال بوضع حجر الأساس لبناء المسجد ممثلون عن الطوائف المسيحية واليهودية والجمعيات والاتحادات الإسلامية وكذلك عمدة مدينة كولونيا يورغين روتيرس، وسلفه فريتس شراما. وفي بداية الاحتفال قالت المتحدثة باسم ديتيب، عائشة آيدين، مخاطبة الحاضرين: "أنتم جميعا جزء من عملية بناء هذا المسجد الذي يعتبر حدثا تاريخيا، كما يعد أحدث المساجد، ليس في مدينة كولونيا فحسب، وإنما في ألمانيا أيضا".
وفي مكتبها يوجد نموذج معماري للمسجد بطول مترين وعرض مترين، يظهر الشكل الذي سيكون عليه مبنى المسجد وهو شكل الزهرة. وتقول عائشة آيدين بأن هذا النموذج يشتمل على ما لم تشتمل عليه التصميمات الأخرى للمسجد، التي كانت قد أثارت الكثير من الجدل. موضحة أنه يشتمل على بناء واضح جدا يدل على أن المسجد "سيكون منفتحا، وشفافا، ومشوقا لزيارته، وليس منغلقا".وأضافت عائشة آيدين أنه لهذا قرر الاتحاد الإسلامي التركي في ألمانيا اختيار التصميم الذي وضعه المهندسان المعماريان الألمانيان باول بوم وابنه غوتفريد، إذ إنه يحمل إلى جميع المساجد فكرة الدعوة إلى زيارة المسجد، والتي تتمثل في أنه "يشتمل على عناصر كثيرة تحث الآخرين على زيارته دون خوف"
مخاوف من نشوء جيتو إسلامي
بدأت قصة بناء هذا المسجد الكبير عام 2007، ففقي ذلك العام أعلن ديتيب مشروعه لبناء هذا المسجد، ما أثار انتقادات كثيرة في مدينة كولونيا، وعلى رأس المنتقدين ممثلو حركة "برو كولن" أي حركة "من أجل كولونيا". وأثارت هذه الحركة المخاوف من بناء هذا المسجد الذي زعمت أنه سيكون "مأوى للمتطرفين"، وعلاوة على ذلك سيتسبب بناء المسجد في حدوث فوضى في حركة المرور، وفي أزمة في أماكن وقوف السيارات، وفي حدوث ضوضاء، بسبب الأذان على سبيل المثال. ومنذ أسابيع تدعو هذه الحركة التي تضم يمينيين شعبويين إلى الاحتجاج ضد وضع حجر أساس المسجد، ولبى الدعوة العشرات الذين خرجوا في مظاهرة احتجاجية أول أمس السبت.
بيد أنه على مدى العامين الماضيين كانت تجري مناقشات حول بناء هذا المسجد في كنيسة فيرزونونغسكيرشه البروتستانتية في مدينة كولونيا، ورأس هذه المناقشات قسيس الكنيسة كارل - هاينتس إفلاند. وعلى سبيل المثال تناولت هذه المناقشات أن مبنى المسجد يضم إلى جانب مكان العبادة محلات تجارية، الأمر الذي قد يؤدي إلى نشوء جيتو إسلامي، كما يقول القسيس إفلاند، مضيفا أنه "عندما يتحول المسجد باستمرار إلى مكان للعزلة، فإنه بذلك تجري إعاقة الإمكانيات التي نحتاج إليها للتلاقي والتعارف". بيد أن القسيس إفلاند يقول بأن التلاقي والتعارف هما ما يأمله، أي التعارف المتبادل بين المسيحيين والمسلمين، وبين الألمان والأتراك وغيرهم من الأجانب، ولذلك فإنه سيضع نهاية للمناقشات حول المسجد. وأضاف القسيس إفلاند: "يجب أن نتعلم جميعنا أن مدينة كولونيا لا تعلن فقط أنها مدينة منفتحة، ولها طابع مدن البحر المتوسط، وإنما تعلن أيضا أن على سكانها أن يتقبلوا معايشة ذلك. وهذا ما وصلنا إليه هذا العام؛ عام 2009".
بناء المسجد علامة على الرغبة في الاندماج
ويشارك القسيس إفلاند في الرأي أعضاء طائفته، الطائفة البروتستانتية، ويقولون بأن كل طائفة دينية تستحق أن يكون لها مكان تجمع موقر. من جانبه قال رئيس الاتحاد الإسلامي التركي في ألمانيا شادي أرسلان بأن هذا المسجد سيكون " جسرا بين الماضي والمستقبل، واستثمارا من أجل المستقبل المشترك". كما أعرب كل من رئيس الكنيسة البروتستانتية في كولونيا، رولف دومينغ، وأسقف الكنيسة الكاثوليكية، راينر فيشر، والمتحدث باسم الطائفة اليهودية في كولونيا أبراهام ليرار، أن وضع حجر أساس مبنى المسجد، هو في نفس الوقت وضع حجر الأساس لحياة سلمية مشتركة بين الجميع في ألمانيا.
وفي تصريحات له إزاء وضع حجر الأساس لمبنى المسجد وصف توماس كوفين، مفوض شؤون الاندماج في حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا التي تتبعها مدينة كولونيا، وصف بناء هذا المسجد بأنه "إشارة إلى اندماج المسلمين في المجتمع الألماني".
هذا وتبلغ مساحة مبنى المسجد ستة عشر ألفا وخمسمائة متر مربع، ويشمل المبنى مصلى مساحته ألفا متر مربع، ويتسع لألف ومائتي شخص، وتعلو المصلى قبة بارتفاع خمسة وثلاثين مترا، ومئذنتان يبلغ طول كل منهما حوالي خمسين مترا. وإلى جانب المصلى يضم المبنى قاعة للمؤتمرات، وصالات للرياضة والشؤون الاجتماعية، وفاعة للمحاضرات، وعشرة محلات تجارية.
الكاتب:ميشائيل بورغيرس / محمد الحشاش
مراجعة: عبده جميل المخلافي