تجربة الإخراج ما بين الموهبة والدراسة
٦ أبريل ٢٠١٢هل من الممكن تعلم صناعة الأفلام؟ هل الدروس والمحاضرات التي تقدم في الجامعات كافية لتعلم الإخراج؟ وهل تعتبر أكاديمية الفنون أو معاهد السينما المكان المناسب لتعلم مثل هذا الاختصاص؟ إنها أسئلة متعددة يطرحها المهتمون بمجال الإخراج، باعتبار أن قائمة المخرجين المشهورين الذين لم يدرسوا في مثل هذه المعاهد طويلة جدا، وتضم أسماءا لامعة مثل المخرج الألماني راينر فيرنر فاسبيندار. فالأخير لم يتم قبوله في أكاديمية الفنون في ميونخ ، لكنه أصبح من أكبر مؤسسي السينما الألمانية الحديثة. والشيء نفسه يسري على مواطنه تيم تويكير، الذي صقل مواهبه من خلال عمله في دور سينما شهيرة في برلين والتي تحمل اسم "موفيميانتو"، وهو يعمل اليوم في هوليود ويقوم بإخراج أفلام تكلف ميزانيات خيالية. في المقابل، نصادف العديد من الأمثلة لمخرجين قطعوا مَدرجا أكاديميا لتعلم فن الإخراج، و يعد فلوريان هينكال مخرج الفيلم الألماني "حياة الآخرين" خير مثال على ذلك، وذلك إلى جانب فيندرس ودوريس دوري وهما من المخرجين الذين حققوا نجاحا كبيرا وأنهوا دراستهم في هذا المجال.
معاهد الفنون كنقطة انطلاق
لكن، هل تغيرت الأمور في وقتنا الحاضر وكيف يرى جيل الشباب أهمية المعاهد لتعلم فن الإخراج؟ للإجابة على هذا السؤال، تمت الاستعانة بمخرجين شباب. ويتعلق الأمر بجيسيكا كرومماخر التي درست في أكاديمية الفنون في ميونخ، ويان زابيل في معهد "كونراد فولف" الواقع في مدينة بوتسدام، و كريستيان شفوشوف الذي أنهي دراسته قبل أربع سنوات في أكاديمية الفنون التابعة لمدينة لودفيغسبورغ.
وبالنسبة لكريستيان ، كانت أكاديمية الفنون "أفضل نقطة انطلاق للمضي في هذا الطريق"، بحكم أن طالب الإخراج " لا ينشغل كثيرا في أولى سنوات الدراسة بما سيحدث بعد التخرج". ولكريستيان العديد من الأفلام، كان أولها فيلم "طفل نوفمبر" الذي لاقى نجاحا كبيرا وحصل على العديد من الجوائز، ثم فيلم "المستثيرة" الذي عمل فيه العديد من الأسماء الشهيرة، وتم عرضه في عدد من المهرجانات السينمائية. ويشرح كريستيان كيف أنه "استغل فترة تواجده في المعهد للقيام بعدة تجارب، قصد التعرف على نقاط قوته والاندماج داخل فريق عمل وبناء شبكة علاقات، يستفيد منها حتى اليوم".
النظرية أم التطبيق؟
يان زابيل من جهته يعد مثالا للمخرجين الذين لم يدرسوا الإخراج بشكل مباشر، فبعد أن أنهى دراسة التصوير في معهد بوتسدام، قام بإخراج فيلم "النهر كان في البدء انسانا". وقد منحه هذا الفيلم شهرة لا بأس بها على المستوى الأوروبي. وهو يحكي قصة شاب ألماني سافر إلى إفريقيا وهناك اختلطت عليه الأمور بشكل يفقد فيه صوابه. والفيلم عبارة عن رؤية تأملية للمعاناة الانسانية، وقد فاز بجائزة المخرجين الجدد في مهرجان سان سيباستيان الإسبانية لعام 2011.
ويرى يان زابيل أهمية التكوين الأكاديمي ، لكن الثقة اكتسبها المخرج وكما يقول عبر العمل التطبيقي. وقد صور فيلمه في إفريقيا، برفقة الممثل ألكسندر فيلينغ وتقنيين، بينما لاقى الفيلم استحسانا كبيرا من قبل الجمهور والنقاد في عدد من المهرجانات.
في المقابل وبعدما أنهت دراستها في مجال الانتاج التلفزي والوثائقي قررت جيسيكا كرومماخر خوض مجال الإخراج، بل ونجح أول أفلامها "الميت" ليصبح الفيلم الوحيد الذي مثل ألمانيا في مهرجان البندقية في نسخته الأخيرة. وحول أهمية الدراسة تقول جسيكا إنه لولاها لما استطاعت اليوم العمل في محطات تلفزيونية لضمان لقمة العيش. فرغم نجاح فيلمها غير أن ذلك لا يضمن لها تغطية مصاريف الحياة، مضيفة "أنها تبحث عن جهات تدعمها لتمويل فيلمها الثاني، وهي واثقة من أنها ستنال الشهرة يوما ما، بشكل يساعدها مستقبلا على التفرغ لمجال الإخراج فقط".
الكاتبة: يوخن كورتن/ وفاق بنكيران
المراجعة: هبة الله إسماعيل