تبرئة خيرت فيلدرز وآثارها على التعددية الثقافية في هولندا
٢٤ يونيو ٢٠١١وصف السياسي الهولندي اليميني خِيرْت فيلدَرز الحُكم القضائي النهائي له بالبراءة في محكمة أمستردام بأنه "انتصار لحرية التعبير"، يوم الخميس 23 يونيو/ حزيران 2011. وكانت قد تمّت محاكمة السياسي الشعبَويّ فيلدرز على خلفية تـُهَم عديدة وُجِّهت إليه منها معاداته للإسلام وانتقاداته له بأنه دين عنف وتحريضه على كراهية المسلمين. وقد أعرب ممثلو المجموعات التي أقامت دعوى قضائية ضد تصريحات السياسي الهولندي عن خيبة أملهم من حكم المحكمة، معتبرين أن الحُكم ضد مبدأ حماية حقوق الأقليات الدينية. ويخططون لتقديم القضية إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، بعد محاولتهم استخدام جميع الوسائل القانونية في هولندا لإدانته دون جدوى.
القضاء الهولندي: انتقاد الإسلام بشكل عام مسموح به
وقال القاضي مارسيل فان أوستن الذي ترأس جلسة المحاكمة إن تصريحات فيلدرز بشكل عام كانت تقع ضمن "الحدود المسموح بها"، لكنه أكد أن فيلدرز دعا في فترة زمنية قصيرة إلى ممارسة العنف ضد المسلمين، في حين أكد فيلدرز أنه ليس لديه أي مشكلة مع المسلمين المندمجين في المجتمع والمتقبلين لِقِيَم دولة هولندا.
وتابع القاضي تعليقه قائلاً إن"ادعاء فيلدرز بأن الإسلام هو دين عنف ومطالبته بفرض حظر على هجرة المسلمين جاءا في إطار نقاش واسع في هولندا، كان يدور حول سياسة الهجرة"، وإن الأمر يجب أن يُنظر إليه في هذا السياق.
"التسامح الزائد يؤدي إلى الجهل بالواقع"
ومنذ وقت ليس بقصير تتم في هولندا مناقشة قضية الهجرة، وهو البلد الذي كان يُعتبر لفترة طويلة نموذجاً للاندماج. وقد تنامى الرفض الشعبي في السنوات العشر الماضية لما يسمى بالمجتمع متعدد الثقافات في هولندا بشكل ملموس، بحسب ما يقوله المحلل السياسي الألماني الخبير في الشؤون الهولندية أندرياس فاغنر من جامعة غوتنغِن في حديث مع دويتشه فيله. ويرى الخبير أن الاتجاه العام في هولندا كان لفترة طويلة يفترض أن الكثير من التسامح ومن حرية التعبير يمكنه تحقيق تقدم في مجال الاندماج، لكن العديد من الهولنديين الآن أصبح لديه انطباع أن "التسامح الزائد يؤدي إلى الجهل بحقائق الأمور وأنه لا بد لهولندا من إمساك الأمور بشكل أكثر حزْماً صرامة"، كما يقول أستاذ العلوم السياسية الألماني.
ويرى فاغنر أن المجتمع الهولندي هو مجتمع متعدد الثقافات وأن هذا ليس مجرد فكرة مطروحة ولكن حقيقة ملموسة موجودة في هولندا، مؤكداً على أن خُمس عدد السكان الهولنديين هم من أصول مهاجرة، بل إن المهاجرين يُمثـِّلون أغلبية في بعض المدن الكبيرة، مثل مدينة روتردام التي تبلغ فيها نسبة المهاجرين أكثر من 50 في المائة من العدد الإجمالي للسكان.
قوانين أكثر صرامة
وعلى خلفية هذه الأوضاع استفاد خِيرْت فيلدَرز من سياسته التقييدية ضد المهاجرين، وتلقت حكومة الأقلية المتكونة من المحافظين والليبراليين اليمينيين زخَماً سياسياً إلى الأمام، استطاع من خلاله وزير الداخلية المحافظ بييت هاين دونـَر الأسبوع الماضي من إعلان توجُّه جديد بشأن سياسة الاندماج. ويقضي توجيه الوزير بإلزام المهاجرين القادمين من ثقافات أخرى ومن أديان أخرى ببذل الجهد في إدماج أنفسهم في المجتمع الهولندي دون تلقي أي مساعدات حكومية بهذا الشأن. وأصبح إلزامياً على المهاجرين الراغبين في الحصول على الجنسية أن يتكفلوا بأنفسهم بكل مصاريف دورات تعلم اللغة الهولندية وتعلم القوانين الداخلية لهولندا، ومَن لا ينجح في امتحان الاندماج فلن يحصل على إقامة في هولندا.
لكن زعيم المعارضة يوب كوهين من الحزب الديمقراطي الاجتماعي يعتبر هذا التغيُّر في سياسة الاندماج "خطأً تاريخياً". وهو يرى أن مبدأ: "انتبهوا على أنفسكم أو ارحلوا" الذي فُرض على المهاجرين في هولندا سيكون له ضريبته وآثاره السلبية. هذا فضلاً عن معاناة أربعين في المائة من الشباب المهاجر، بين عُمر 15 و24 سنة، من البطالة في هولندا. وهذه إحصائية يصفها الألماني أندرياس فاغنر بالمرعبة.
زابينه فابَر / علي المخلافي
مراجعة: عماد غانم