بعد عام على الثورة المصرية..هل أسقط الشعب النظام؟
٢٧ يناير ٢٠١٢عام مر على ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر، غير أن الآراء تختلف بشدة حول تقييم نتائج هذه الثورة ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها. وبدا مستخدمو صفحة دويتشه فيله على موقع فيسبوك متشائمين، إذ رأى معظمهم أن الثورة لم تحقق أهدافها أو لم تحقق سوى القليل. أيمن ماهر مثلاً يرى أن حصيلة الثورة كانت "دمار الاقتصاد وانتشار البلطجة وضياع مصر لمدة عشرين سنة قادمة"، فيما قال كريم فتحي إن الثورة المصرية "لم تحقق أي شيء حتى الآن سوى إسقاط رأس النظام"، موضحاً أن "الثوار لا يريدون هدم الجيش أو مؤسسات الدولة ولكن يريدون إسقاط المجلس العسكري الذي لا يريد تسليم السلطة للمدنيين ولكن يريدها "لمن يريد" أو يريد تحويل مصر لمنوذج باكستاني، حيث أن الجيش وطنطاوي متورطون مثل مبارك ولا يريدون ترك السلطة إلا لمن يريدون". وبينما أكد كثير من المشاركين على أن "الثورة لم تنته بعد" من وجهة نظرهم، ذهبت أميرة ميرا أبعد من ذلك لتقول إن "الثورة فشلت وجاءت بالفاشية الدينية والديكتاتورية العسكرية".
اتاحة الفرصة للبرلمان المنتخب
أما المستخدم علي القيسي فاختلف مع هذه الآراء وقال في تعليقه على صفحة فيسبوك "لقد حققت الثورة ما يحلم به كل مواطن عربي ومصري وأنا شديد الأسف والحزن من مجموعة عمدت إلى اللجوء للسواد لإفساد الفرحة وتشويه صورة مصر".
ومن جانبه هنأ كلاوس براندنر، النائب في البرلمان الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي وعضو لجنة الشؤون الخارجية الشعب المصري بعيد الثورة الأول في مداخلته في برنامج "مع الحدث"، مشيراً إلى أنها كانت إنجازاً هائلاً وأنها أسفرت عن أول انتخابات "دون تلاعب". ورغم المخاوف التي يواجهها الغرب تجاه فوز الإسلاميين، إلا أن البرلماني الألماني يرى أنه "لا يجب أن يوجه المرء النقد الشديد تجاه هذه النتائج بل أن نتيح للبرلمانيين الفرصة لتحقيق شيء ما في المستقبل".
"شرعية الثورة أولاً"
لكن د. حسام عيسى، الناشط والمفكر السياسي وأستاذ القانون الدولي في جامعة عين شمس يرى في مداخلته في برنامج "مع الحدث" أن الذي تحقق من برنامج الثورة "قليلا جداً لكنه رغم ذلك هام جدا". يأتي "إقصاء مبارك وابنه ومن حوله" على رأس هذه الإنجازات في رأيه، بالإضافة إلى حقيقة خروج الشعب المصري للشارع وشعوره أنه أصبح يملك مقاليد الأمور، وهو ما يعتبره المفكر المصري أمراً هاماً للغاية. لكن ما لم يتحقق من برنامج الثورة في رأيه هو "تصفية نظام مبارك بأكمله"، بالإضافة إلى بدء العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية. ويرى د. عيسى في هذا الإطار، أن الثورة يجب أن تستمر لتحقيق الضغط الشعبي والوصول إلى أهدافها، ورغم أنه لا يعتبر نفسه من أنصار تسليم السلطة الفوري إلا أنه يرى أن "الشرعية يجب أن تبقى شرعية الثورة أولاً ثم شرعية مجلس الشعب، لأن مجلس الشعب استمد سلطته من الثورة".
وفي هذا السياق قال د. حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة وعضو المجلس الاستشاري، في البرنامج نفسه إن "الثورة هي التي يمكن أن تنقذ مصر كلها من حالة فساد وتدهور اقتصادي وتبعية غير مسبوقة"، مشيراً إلى أن الأمل هو أن تتمكن الثورة من تأسيس نظام ديمقراطي حقيقي يستطيع أن ينتشل البلد من هذه الأوضاع، ويرفض د. نافعة اتهام الثوار بكونهم السبب في التدهور الاقتصادي في البلاد بسبب ما يقومون به من اعتصامات ومظاهرات. ووضح أستاذ العلوم السياسية أن الشعب المصري يريد نظاماً ديمقراطياً كاملاً وهو لذلك يرفض الوضع الخاص الذي يحظى به الجيش حالياً بعيداً عن المساءلة، وأضاف أن المصريين سيرفضون أي صفقة محتملة بين المجلس العسكري والإخوان قد ينتج عنها "مرشح رئاسة توافقي".
"إنهاك متعمد للقوى الثورية"
ورغم أن انتخاب مجلس الشعب كان من أهم الإنجازات العملية للثورة حتى الآن، إلا أن نسبة تمثيل القوى الثورية فيه جاء ضعيفا، وهو ما علله وائل قنديل، مدير تحرير جريدة الشروق المصرية في مداخلته في برنامج "نادي الصحافة"، قائلاً: "كان هناك تخريب متعمد وممنهج للمسار السياسي الصحيح في مرحلة ما بعد الثورة المصرية". ورغم أن الانتخابات لم تكن مزورة لكنه يرى أنها "لم تكن انتخابات عادلة مؤسسة على قواعد تليق بدولة قامت بثورة". ويضيف أن "القوى الثورية تم إهلاكها بمعارك أسفرت عن قتلى وشهداء آخرين في الأيام التي سبقت عملية الاقتراع، وهو ما أجهض كل الخطط البديلة التي كانت مطروحة آنذاك لتسليم السلطة لحكومة إنقاذ وطني".
أما رامي حافظ، الباحث البرلماني بمؤسسة المعهد الديمقراطي المصري، فيرى أن السبب الرئيسي في فشل الشباب في الانتخابات هو قلة الإمكانيات المادية لديهم وقلة خبرتهم في العملية السياسية وأضاف في تعليقه في برنامج "شباب توك": "لم تكن هناك جهات سياسية دعمت الشباب بالشكل الكافي، والنظام الانتخابي كان صعباً بالنسبة لهم". وفي البرنامج نفسه، ذكرت مريم النقر، الناشطة والأكاديمية، أن البرلمان الحالي هو "برلمان ما بعد الثورة" وليس برلمان الثورة، لكنها في الوقت نفسه ترى أنه يجب إعطاؤه الفرصة لأنه "البرلمان الذي اختاره الشعب"، موضحة أن السلطة المنتخبة ليست السلطة الوحيدة، لأن "ميدان التحرير سيبقى وسيلة الضغط الشعبي عند اتخاذ القرارات".
من جانبها، قالت الصحفية الألمانية الشابة ناعومي كونراد إن التساؤل الأساسي يجب أن يكون "ما هي القوة والسلطة التي يتمتع بها البرلمان وما هي درجة السلطة التي يرغب المجلس العسكري في التخلي عنها في الفترة القادمة". ووافقها الرأي رامي حافظ مضيفا أن البرلمان المصري لا يتمتع حالياً بصلاحيات كبيرة مثل برلمانات العالم الأخرى.
سمر كرم
مراجعة: عبده جميل المخلافي