بعد الدعوة لانتخابات مبكرة.. إلى أين تتجه إسرائيل؟
٨ ديسمبر ٢٠١٤أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بنفسه نهاية تحالفه الحكومي مبكراً، وأقال اثنين من وزرائه، داعياً إلى انتخابات مبكرة. واتهم نتنياهو وزير المالية يئير لبيد رئيس حزب "هناك مستقبل"، ووزيرة العدل تسيبي ليفني، رئيسة حزب "الحركة،" بـ"الإنقلاب" عليه. كما أوضح نتنياهو أنه لا يمكنه مواصلة الحكم في ظل ذلك المعطى.
ومن بين القضايا الخلافية في هذا التحالف وسط ـ اليمين، الذي كان من منذ البداية تحالفاً هشاً، عددٌ من الأمور من بينها: رفع ميزانية وزارة الدفاع، إضافة إلى مشروع قانون ينص على تعريف إسرائيل كدولة يهودية قومية. وفي أول تصويت على قرار حل الحكومة داخل الكنيست صوت 84 نائباً على من أصل 120، لصالح حل المجلس التشريعي، مقابل امتناع نائب واحد عن التصويت.
نتنياهو في الحكومة المقبلة؟
ويبدو من المؤكد أنه لن يتم في شهر مارس/ آذار القادم تكليف بنيامين نتنياهو للمرة الرابعة بتشكيل الحكومة الجديدة. لكن بعض المراقبين يقولون إن "كل شيء ممكن". ورغم أن نتنياهو يتولى منذ فترة طويلة المسؤولية، بيد أن بعض المراقبين يقولون إنه لم يحقق حتى الآن إلا القليل. زيادةً على ذلك، فالبعض يحملونه مسؤولية إجراء انتخابات مبكرة، والتي سوف تكلف دافعي الضرائب الإسرائيلين حوالي 500 مليون دولار.
في وسط مدينة القدس، وبالتحديد في شارع التسوق "بن يهودا"، فإن النهاية المبكرة لحكومة نتنياهو لم تفادجئ أحداً. وبالكاد يوجد شخص توقع أن يدوم هذا التحالفى الحكومي غير المتكافئ. لكن في نفس الوقت، فلا أحد يتحمس للانتخابات المبكرة. وتقول المواطنة الإسرائلية أورلي ليرمان في شارع بن يهودا: "أعتقد أن نتنياهو يمكنه أن يمنع الإنتخابات، الآن ليس الوقت المناسب لإجرائها. فالحالة الأمنية في القدس صعبة والإنتخابات تكلّف الكثير من المال الذي لا يوجد هناك لزوم لإنفاقه".
وتضيف أورلي ليرمان، إنها كانت دائما تصوت لحزب الليكود، ولكنها الآن ستصوت لصالح حزب جديد. "أنتظر بفارغ الصبر أن يهب نسيم منعش"، على حد تعبيرها. بيد أن بعض المارة كموزع السلع أوري هاريل، عبروا عن تفهمهم لقرار نتنياهو بإعلان إجراء انتخابات مبكرة. "أستطيع أن أفهم ذلك، إذ ينبغي أن يكون رئيس الوزراء قادراً على التصرف وألا يُنتقد باستمرار، وأن يعاق من قبل شركائه في التحالف". ويضيف أوري هاريل أن "الانتخابات هي خطوة صحيحة ومنطقية".
ماهي الأسماء المنافسة لنتنياهو؟
استطلاعات الرأي قد تصيب بنيامين نتنياهو بالتوتر. فحسب نتائج استطلاع للقناة الإسرائيلية الثانية، أعلن 65 بالمئة من المستطلعة آرائهم أنهم ضد تعيين نتنياهو رئيساً جديداً للوزراء في الحكومة المقبلة، مقابل 30 بالمئة فقط يودون أن يتولى مرة أخرى رئاستها.
أمانتائج استطلاع أجرته صحيفة "معاريف" اليومية فتتكهن بأوقات عصيبة تنتظر نتنياهو الذي لا يزال رسمياً رئيس للوزراء، فرغم التقدم الواضح لكتلة أحزاب اليمين، ولكن لا يزال من غير الواضح ماهي هوية السياسي الذي سيكون على رأس التحالف. ومن بين الأسماء المحتملة: نفتالي بينيت زعيم حزب "البيت اليهودي" ذو التوجه الديني القومي الداعم لسياسة الإستيطان. ومن الأسماء المطروحة أيضاً وزير الخارجية الحالي أفيغدور ليبرمان زعيم حزب"إسرائيل بيتنا"، الذي أنهى تحالفه مع حزب الليكود، ويريد الانخراط على المستوى الحكومي مستقبلاً.
ومن بين السياسيين الآخرين القادرين على منافسة رئيس الوزراء الحالي سياسيين اثنين فقط من حزب الليكود وهما: جدعون ساعر، وزير الداخلية السابق، الذي كان قد أعلن قبل شهرين اعتزاله السياسة، إضافة إلى موشيه كاهلون، أحد المقربين السابقين من نتنياهو والذي انسحب من الليكود عام 2013.فكاهلون الذي شغل منصب وزير الاتصالات سابقاً يمكن أن يقود السباق لمنصب رئيس الوزراء على رأس حزب الليكود. وفي حال حصوله على تزكية من الحزب فإن الإحتمالات ستكون عالية لجذب ناخبين من يسار الوسط.
التحالفات الممكنة في الانتخابات الجديدة
ولكن أحزاب يسار الوسط تريد أيضاً إعادة ترتيب أوراقها. وتتحدث تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تحالف جديد بين حزب العمل وحزب الحركة. ويرى زعيم حزب العمل اسحاق هرتسوغ أن ذلك التحالف أمامه فرصة للنجاح. وفي المرتبة الثانية في قائمة التحالف يمكن أن تكون تسيبي ليفني، زعيمة حزب "الحركة". كما أن حزب "هناك مستقبل" الذي أسسه المذيع التلفزيوني السابق يائير لبيد، والذي ظهر بشكل مفاجئ في الانتخابات الأخيرة كثاني أقوى حزب في إسرائيل، هو بصدد وضع خطة لتشكيل تحالف لمنع تشكيل حكومة جديدة بزعامة نتنياهو، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.
مجموعة من العوامل توجه اختيارات الناخبين
وحسب غيديون راحات، الباحث في مجال الأحزاب السياسية بالجامعة العبرية بالقدس، فإن الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة "عرفت مفاجئة، لأن الناخبين يحسمون قرارهم في الدقيقة الأخيرة". فالمواطنون هم أقل ولاء للأحزاب، ويغيرون اليوم الأحزاب بسرعة. وفي نهاية المطاف، فإن "الصراع الانتخابي يتوقف على المواضيع، والأحداث التي تقع أثناء الحملة الإنتخابية". وكتب الصحافي عاموس هرئيل في صحيفة هآرتس الليبرالية في عطلة نهاية الأسبوع الماضي إن"إرهابياً واحداً في القدس أو صاروخاً من غزة يمكنه تحديد المستقبل السياسي لرئيس الوزراء".
أما نتنياهو فإنه سيركز كما كان الحال دائماً، على موضوعه المفضل لحث الإسرائليين على المشاركة في الحملات الإنتخابية وهو موضوع الأمن. غير أن معظم الإسرائيليين يرون أن المشاكل الإقتصادية للبلد تأتي في المقام الأول، متبوعة بالأمن والعدالة الإجتماعية. وخلال الأشهر القادمة قبل موعد إجراء الانتخابات، قد تحدث أشياء كثيرة، ويمكن للاتجاهات ونتائج استطلاعات الرأي الحالية أن تكون متقادمة جداً.