برلين تخطط للمساهة في إعمار العراق رغم حرب"داعش"
٢٦ يونيو ٢٠١٥تشير التطورات الراهنة في العراق وسوريا إلى أنّ تنظيم " الدولة الإسلامية" يحقق المزيد من التقدم والإنجازات على حساب معارضيه. ومن بين الإنجازات الأخيرة التي حققها التنظيم الإرهابي سيطرته على مدينتي الرمادي العراقية وتدمر السورية. كما تفيد التقارير الحالية إلى عودة "داعش" للهجوم على مدينة عين العرب كوباني الإستراتيجية على الحدود التركية.
ورغم كل هذه الحقائق المرة يخطط فريق عمل دولي برعاية الأمم المتحدة لفترة ما بعد انهيار التنظيم الإرهابي، خاصة في العراق. وتلعب ألمانيا إلى جانب الإمارات العربية المتحدة دورا رياديا في فريق العمل الذي يبحث عن سبل تحقيق الاستقرار في البلد بعد تحريره من قبضة تنظيم" داعش". وتشمل المخططات كيفية إعادة ملايين اللاجئين إلى بلدهم، بالإضافة إلى مشاريع إعادة أعمار البنية التحتية الأساسية، بما فيها الكهرباء وإمدادات المياه والرعاية الطبية والشرطة. كما يتم التخطيط أيضا لتطهير أراض واسعة من البلد من الألغام التي خلفتها الحروب في المنطقة.
بصيص أمل في العراق
ويتم التركيز في المقام الأول على العراق، حيث يبدو هناك بصيص أمل لإعادة الإعمار مقارنة مع سوريا. وفي هذا الصدد يقول أحد الدبلوماسيين من فريق العمل:" الوضع في العراق وسوريا يختلف اختلافا جذريا - ففي سوريا، لا يوجد لدينا شريك حقيقي على أرض الواقع" . ولكن المساعدين الدوليين ليس لديهم وقت محدد للمساهمة إعادة أعمار البلد، إذا يجب بداية " إعادة الأمن والاستقرار من قبل الجيش "، كما تقول مصادر دبلوماسية.
وقد حقق الجيش العراقي بعض الانتصارات على تنظيم "داعش"، إذ تمكن قبل نحو 3 أشهر من تحرير مدينة تكريت شمال بغداد. وقد بدأت الموجة الأولى من اللاجئين في العودة إلى المدينة بعد إخراج مقاتلي التنظيم الإرهابي منها. هذا في حين بقيت بعض الأماكن المحررة في شرق البلاد فارغة من السكان، ليس فقط بسبب النزاعات السياسية، ولكن أيضا بسبب ضعف البنية التحتية التي لا تشجع اللاجئين على العودة. وتشير التقارير إلى أن أكثر من ثلاثة ملايين عراقي قد هرب من بطش تنظيم" داعش".
تجنب سيناريو أفغانستان
وتقول وزارة الخارجية الألمانية في هذا الصدد:"يتعلق الأمر بتوفير الشروط الأساسية لعودة اللاجئين ". فبعد تحرير بعض المناطق لا يظل هناك وقت طويل لإعادة الأعمار، كما يقول دبلوماسي ألماني رفيع المستوى، مضيفا:" النهج الجديد يعود بالتأكيد إلى الخبرة المكتسبة من كيفية التعامل مع حرب أفغانستان. إذ تقول الأمم المتحدة إن الفترة الأولى مابين 60-90 يوما، تكون حاسمة ". فبعد سقوط نظام طالبان المتشدد في أفغانستان كانت وتيرة المساعدات التي يقدمها المجتمع الدولي بطيئة جدا على مدى سنوات. وهو من بين الأسباب، التي جعلت حركة طالبان قادرة على إعادة اكتساب القوة بعد سنوات قليلة، ما أدى إلى تدهور الوضع الأمني بشكل كبير.
الاستفادة من أخطاء الماضي
في الأزمة الحالية، يحاول المجتمع الدولي أن يتعامل مع الوضع بشكل أفضل. وجدير بالذكر أنّ فريق العمل من أجل استقرار العراق وسوريا هو جزء من التحالف الدولي الذي يضم 60 دولة تحارب تنظيم " الدولة الإسلامية" بأشكال مختلفة. البعض منهم يشارك في الغارات الجوية على مواقع "داعش" ، والبعض الآخر مثل ألمانيا يدعم المقاتلين الأكراد بالأسلحة في شمال العراق بالأسلحة، إضافة إلى مساعدة اللاجئين والتخطيط لفترة ما بعد سقوط التنظيم الإرهابي.
ويضم فريق العمل من أجل الاستقرار بالإضافة إلى ألمانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلين عن العديد من الدول الاسكندنافية، وهولندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا العظمى، وفرنسا،والأردن والمملكة العربية السعودية.
علاوة على ذلك هناك أيضا فرق عمل أخرى متخصصة في كيفية وقف الدعم المالي وتجفيف الموارد المالية للمقاتلين الإسلاميين، إضافة إلى إيجاد سبل لوقف استقطاب المقاتلين من جميع أنحاء العالم.
وتعتبر مدينة الموصل، التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي، بالغة الأهمية في مسلسل تطور الأوضاع في العراق. فرغم أمل الجيش العراقي في إعادة السيطرة على ثاني أكبر مدينة في البلاد، إلا أنّ وزارة الخارجية الألمانية تشير إلى أن ذلك رهين بتعاون السنة في الموصل في القتال ضد "داعش"، فالمشكلة الأكبر في العراق هي انعدام الثقة بين الغالبية السنية التي تعيش في المناطق التي تسيطر عليها "داعش" ، وبين الشيعة، الذين يشكلون الجزء الأكبر من سكان البلاد.