بحثاً عن بداية جديدة.. حزب العمل الإسرائيلي يعيد تنظيم صفوفه
٢٢ مارس ٢٠٢١بعد ثلاثة إغلاقات طويلة بسبب جائحة كورونا، عاد صخب الحياة من جديد لمركز التسوق بجوار مدينة رحوبوت. وبينما تشق طريقها عبر حشد من الناس، تتوقف الزعيمة الجديدة لحزب العمل الإسرائيلي ميراف ميخائيلي كل بضعة دقائق لدردشة قصيرة أو لالتقاط صورة مع الناخبين.
وبالرغم من سماح حملة التطعيم الإسرائيلة السريعة بإعادة فتح البلاد، إلا أن اختلاط سياسي أو سياسية مع العامة خلال الحملة الانتخابية الحالية أمر ليس معتادا.
وتصوت إسرائيل في الثالث والعشرين من شهر مارس/آذار الجاري للمرة الرابعة خلال سنتين لاختيار أعضاء البرلمان، مع عقد غالبية الفعاليات افتراضيا عبر الإنترنت.
حزب العمل الإسرائيلي يعقد آماله على ميخائيلي البالغة من العمر 54 عاما. فبعدما اعتاد على مكانه داخل الحكومة، يعاني حزب حافودا، وهو الاسم العبري لحزب العمل، في السنوات الأخيرة ممّا وصفه البعض "اختفاء سياسيا". فخلال الانتخابات الثلاثة الماضية، تراوح عدد المقاعد التي حصل عليها داخل الكنيست الإسرائيلي ما بين ستة إلى سبعة مقاعد فقط من أصل 120 مقعداً. ما يعني أنه بالكاد يفوز بالحد الانتخابي الأدنى لضمان وجوده. وللمقارنة في عام 1992 في عهد رئيس الوزراء إسحاق رابين حصد 44 مقعداً.
في حديث أدلت به لموقع دويتشه فيله DW أثناء الحملة، أشارت زعيمة حزب العمل ميراف ميخائيلي إلى أن ”الجميع كانو على ثقة من "موت" حزب العمل ومن استحالة إحيائه"، على حد تعبيرها، لكنها لم تصدق ذلك.
وتقول ميخائيلي: ”حزب العمل لديه دور لإعادة الحلم الصهيوني، بيت لليهود يحقق المساواة للجميع، بمجتمع عادل وآمن ينبع من السعي نحو السلام. إسرائيل تحتاج إلى حزب حاكم قوي وسط اليسار. هذا ما أصرّ على إعادة بنائه الآن".
حان وقت التغيير
بيد أن ميخائيلي تواجه مهمة صعبة حيث أن معسكر اليسار الإسرائيلي تعرض منذ زمن إلى التقسيم. وهو ما استفاد منه اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو وحزب الليكود للسيطرة على الوضع.
وبينما تشق ميخائيلي طريقها بين الناس، يصيح البعض ”راج بيبي"، وهو ما يعني ”بيبي فقط"، في إشارة لشعار الأنصار المتشددين لرئيس الوزراء بينامين نتنياهو. حافظت ميخائيلي مع ذلك على ابتسامتها، وحتى عندما حاولت مجموعة من مؤيدي الليكود جرها لنقاش حول رؤساء وزراء الليكود السابقين مناحم بيغن وإسحاق شامير تجنبت ذلك بلباقة.
ولدى ميخائيلي رسالة لهم حيث تقول: ”نتنياهو استمر في الحكم لـ 12 عاما على التوالي. ورحيله مطلب ضروري"، مضيفة أنه ”فقط بعد رحيل نتنياهو يمكننا البدء في إعادة بناء ديمقراطيتنا وسياساتنا ومجالنا الاجتماعي".
أسوء وظيفة في السياسة الإسرائيلية!
بالفوز بالانتخابات التمهيدية في شهر يناير/كانون الثاني، كان على ميخائيلي إعادة بناء الحزب مجدداً. وبعد فوزها، وصفت الكاتبة أنشيل بفيفر في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية ميخائيلي بكونها ”الزعيمة العاشرة للحزب خلال 20 عام، دون حساب الأشخاص الذين تعاقبوا على المنصب".
تعتبر ميخائيلي، والتي تحولت من صحفية لسياسية، شخصية عامة في إسرائيل. فالسيدة المعروفة بارتدائها للون الأسود خدمت من قبل كعضوة عن حزب العمل في الكنيست منذ عام 2013، وينظر لها كسياسية تقدمية تناصر المرأة وحقوق المثليين. وتؤيد ميخائيلي حلّ الدولتين مع الفلسطينيين ودائما ما تقتبس رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين في توجهه القائم على ”الأمن والسلام".
وعند بداية تسعينات القرن الماضي، كانت قيادة حزب العمل الإسرائيلي معروفة بكونها ”معسكر السلام" اليساري، إلى أن عُقدت مفاوضات أوسلو التي تمّ توقيعها من قبل رابين ورئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات في عام 1994. وتعرض رابين للاغتيال بعدها في عام 1995 على يد متشدد يميني يهودي، وتعطلت بذلك عملية السلام، فنشبت الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000.
ويشرح المحاضر بمركز هرتسليا متعدد التخصصات IDC ماوز روزينتال أنه وبعد انهيار عملية السلام مع الفلسطينيين في عام 2000 ”أضاع حزب العمل بطريقة ما طريقه"، على حد تعبيره. ويقول روزينتال: ”عناصر أخرى من النظام السياسي الإسرائيلي استطاعت إعطاء إجابات على الأسئلة التي كانت أكثر وضوحا أو أكثر إثارة". وتعرض معسكر السلام للتهميش إلى حد كبير وأصبح نصف الناخبين الإسرائيلييين على الأقل مؤيدين لليمينولاستمرار الاحتلال العسكري للأراضي الفلسطينية.
وتنسب ميخائيلي تراجع الحزب لسنوات من ”التحريض ونزع الشرعية" من اليسار الإسرائيلي على يد نتنياهو وجبهة تيار اليمين. وبسؤالها عمّا حدث في السنوات الأخيرة، ترى ميخائيلي أن الحزب ”وصل بالفعل للقاع" منتقدة بشدة قيادات حزبها السابقة لعدم الوفاء بالوعود الانتخابية والانضمام لحكومة نتنياهو.
بيت وسط اليسار!
أكدت ميخائيلي على شخصية وسط اليسار لحزب العمل، والذي حصل على دفعة بقيادتها. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب يمكنه الفوز بسبعة مقاعد بعد انتخابات مارس/آذار القادم, وتظهر استطلاعات الرأي أن العديد من الداعمين هم نساء.
تقول شابة صوتت سابقا لحزب مرتس المنتمي لجبهة اليسار: ”أعتقد أنها قدمت سجلا لما تدافع عنه منذ أن كانت صانعة للقانون. كما يعجبني توجهها النسائي نحو السياسة". أما بالنسبة للسيدة المتقاعدة تامر ليفي، والتي طالما دعمت حزب العمل، تعد ميخائيلي "الزعيمة المناسبة لعلاج الصدع الموجود بالمجتمع"، مشددة أن كونها "السيدة الوحيدة التي تقود حزب، أمر في حد ذاته عظيم".
ولفترة قصيرة، كانت ميخائيلي على استعداد للانضمام لتحالف حكومي، ولكن بدون نتنياهو حيث قالت: "لا يوجد تحالف للتغيير واستبدال نتنياهو بدون حزب العمل، حزب العمل جزء رئيسي لمثل هذا التحالف". قد يكون ذلك صعباً جدّاً بسبب المواقف المختلفة للأحزاب الإسرائيلية بشأن تحالف بدون نتنياهو، ما يزيد من حجم التحديات أمام ميخائيلي إلى جانب مهمتها في قيادة حزب العمل لكي يعود حزبا رئيسيا داخل المشهد السياسي الإسرائيلي.
تانيا كريمر/ د.ب.