باحث مصري: الإخوان المسلمون يسعون لتفتيت التيار السلفي
٤ مارس ٢٠١٣يشهد تيار الإسلام السياسي في مصر سلسلة من الانقسامات والخلافات تعد الأقوى من نوعها خصوصا بين الإخوان والسلفيين وداخل التيار السلفي ذاته. ولمعرفة المزيد حول هذه الخلافات وأبعادها أجرت DW عربية الحوار التالي مع الباحث المصري أشرف الشريف أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية. الشريف يوضح في هذه المقابلة خلفيات هذه الانقسامات وأثرها على الانتخابات القادمة.
DW عربية: شهدت الساحة السياسية مؤخراً عدة انقسامات غالبيتها داخل التيار السلفي، داخل حزب النور، والانقسام داخل الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح وانسحاب عدد من رموز التيار السلفي منها، إلى أي مدى هذه الانقسامات حقيقية؟
أشرف الشريف: لكي نفهم طبيعة هذه الانقسامات لابد أن نعي أنه لا يوجد تيار سلفي متماسك ومتحد بالأساس، بل هناك فضاء سلفي يجمع جهات وأفكارا مختلفة الرابط بينها هو الإيمان بالمنهج السلفي الذي يقوم على ثلاثة أسس: تصحيح العقيدة، طلب العلم، والانضباط السلوكي. وغالبية الأفراد داخل هذه الفضاء كانوا يرفضون التنظيم في حزب أو جماعة لأنهم يرون أن التنظيم يفتت وحدة المسلمين، والجماعة الوحيدة التي خرجت عن هذا الإجماع كانت الدعوة السلفية.
لذلك بعد الثورة ومع انفتاح المجال السياسي برزت الدعوة السلفية التي قررت العمل على طريقة جماعة الإخوان المسلمين وأنشأت ذراعا سياسيا لها هو "حزب النور" الذي طرح نفسه كممثل للسلفيين. لكن بالنسبة لقطاعات كبيرة من السلفيين في مصر، خصوصاً من هم خارج الإسكندرية، بدا أن الحزب يقدم الكثير من التنازلات عن المنهج السلفي كالسماح بترشح المرأة، وبذلك ازدادت حدة الخلافات داخل الفضاء السلفي حتى وصلنا إلى ثلاث جبهات رئيسية.
أولى هذه الجبهات يمثلها حازم صلاح أبو إسماعيل (المرشح الرئاسي السابق) وتضم مجموعة من الشباب السلفي الذي رأى في أبو إسماعيل ممثلاً للطريق السلفي الحق الذي يرفض أن يقدم أي تنازلات. والثانية جبهة تضم أحزابا سلفية صغيرة كحزب الفضيلة والأصالة، والقسم الثالث انضموا لحزب النور السلفي في محاولة لتحويله لحزب حقيقي يعبر عن السلفية وليس كمجرد ذراع سياسي للدعوة السلفية التي تتمركز في الإسكندرية.
لكن حتى حزب النور شهد انقسامات مؤخراً، ما السبب في ذلك إذن؟
الدعوة السلفية أرادت أن تدير حزب النور بالطريقة التي تدير بها جماعة الإخوان ذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة. لكن في حين أن لدى حركة الإخوان ميراثا تنظيميا طويلا وصلات قوية مع قواعدها، نرى أن الدعوة السلفية حديثة النشأة وبالتالي محاولتها للسيطرة على الحزب كانت تواجه بالفشل.
فعلى سبيل المثال حين تم الإ‘لان عن تأييد حزب النور للمرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح كان هذا قرار الدعوة السلفية، وليس قرار الحزب والنتيجة أن قواعد الحزب لم تصوت فعليا لعبد المنعم أبو الفتوح. بالتالي انفجرت كل هذه الخلافات أثناء مُحاولة إجراء انتخابات داخلية في الحزب، وانقسم لفئتين مجموعة تتبع الدعوة الفلسفية وياسر برهامي ومجموعة خرجت مع رئيس الحزب عماد عبد الغفور.
هذا على مستوى الانقسامات داخل حزب النور لكن أيضاً داخل صفوف التيار الإسلامي هناك انقسامات حادة آخرها تبادل الاتهامات بين الرئاسة وحزب النور وانسحاب كل أعضاء التيار السلفي من الفريق الرئاسي، ما هي طبيعة الصراع بين السلفيين والإخوان؟
منذ البداية يعرف الإخوان أن السلفيين أكبر منهم في العدد وأن الخطاب السلفي الديني هو المسيطر بكثافة على الشارع ويشكل وعي جمهورهم الانتخابي الأساسي. ومنذ تنحي (الرئيس السابق حسني) مبارك اتبع الإخوان المسلمون مع السلفيين تكتيكا واضحا وهو "السيطرة أو التحييد". فكانوا يغرون الأسماء المؤثرة بالمناصب، أو يحيدونهم عن الصراع من خلال الدخول معهم في تحالفات مؤقتة مثلما حدث في كل الاستفتاءات على الدستور.
وعمل الإخوان أيضاً على خلق "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" كمظلة تضم العديد من شيوخ السلفية من التيارات المختلفة وتضم خيرت الشاطر (نائب المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين) أيضاً في عضويتها. وهي الهيئة التي تحولت لذراع سياسي للإخوان داخل الفضاء السلفي، وعملوا من خلالها على تفتيت وحدة الصف السلفي. ففي الانتخابات الرئاسية رأينا أنه بينما أعلنت الدعوة السلفية تأييدها لعبد المنعم أبو الفتوح، أعلنت الهيئة أن الرئيس محمد مرسي أقرب للمنهج السلفي.
كما لعب الإخوان مؤخراً دوراً أيضاً في التوفيق بين حازم صلاح أبو إسماعيل وعماد عبد الغفور رئيس حزب النور السابق ليشكلوا حزب الوطن السلفي الجديد. فالإخوان يدركون جيداً أنهم يفقدون جزءا من شعبيتهم، وهذا الجزء ستذهب حصته الأكبر إلى التيار السلفي لذلك يريدون أن يخلقوا أذرعا سياسية لهم داخل الفضاء السلفي.
لكن هل هناك اختلافات عميقة على مستوى المشروع السياسي بين السلفيين والإخوان، بمعنى آخر هل وصولهم للسلطة يمكن أن يحدث فرقاً؟
كلا الطرفيين لا يرغبان في تغيير قواعد اللعبة الحالية على المستوى الداخلي أو الخارجي، لكن كل طرف لديه مسار وتحالفات مختلفة. فعلى المستوى الخارجي مثلا لا يرغب السلفيون أو الإخوان في تغيير العلاقة مع أمريكا، لكن بينما يبني الإخوان سياساتهم الخارجية على محور إيران، قطر، تركيا، لا يشعر السلفيون بارتياح كبير اتجاه التقارب مع إيران ويفضلون بناء سياسة خارجية مصرية تعتمد على محور السعودية ـ الإمارات.