منظمات إنسانية تحذر من وضع كارثي في غزة
٢٩ أكتوبر ٢٠٢٣وسط تفاقم المعاناة الإنسانية لسكان غزة إثر القصف الإسرائيلي المكثّف على القطاع، يعتزم مجلس الأمن غدا الاثنين بحث الأزمة بين إسرائيل وغزة، وفقاً لتقارير إعلامية متطابقة. بينما جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تحذيراته من "كارثة إنسانية تتكشف أمام أعيننا"، بعد تحذيراته السابقة حول خشيته من "وابل غير مسبوق من المآسي" في القطاع الصغير الذي يقطنه نحو 2,4 مليون نسمة وتسيطر عليه "حماس".
وصباح الأحد (29 أكتوبر/ تشرين الأول 2023)، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الآلاف من سكان غزة اقتحموا مستودعات ومراكز توزيع المساعدات التابعة لها واستولوا على الطحين (الدقيق) و"مواد البقاء الأساسية".
وأضافت الوكالة التابعة الأممية في بيان "هذه علامة مقلقة على أن النظام المدني بدأ في الانهيار بعد ثلاثة أسابيع من الحرب والحصار المشدد على غزة".
حاجة ملحة إلى المساعدات
توقفت إمدادات المساعدات المتجهة إلى غزة منذ أن بدأت إسرائيل قصف القطاع الفلسطيني ردّاً على هجوم دامٍ شنّته حركة حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وحماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنّفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وفي التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر أحكمت اسرائيل حصارها على غزة قاطعة عنه المياه والكهرباء والمواد الغذائية في حين أن القطاع يخضع أصلا لحصار بري وجوي وبحري منذ تولي حركة حماس السلطة فيه في 2007.
ومنذ 21 تشرين الأول/ أكتوبر، دخلت 84 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية من مصر إلى غزة، حسب الأمم المتحدة، في حين أن هناك حاجة إلى مئة شاحنة على الأقل يوميا، وفق المنظمة الأممية.
وضع طبّي كارثي
في وقت سابق أعلنت معظم مستشفيات غزة بأنها لم تعد قادرة على معالجة المرضى سواء من جراء تعرضها للقصف أو بسبب نقص الوقود والمعدات الطبية. وقد توقف عمليا 12 مستشفى من أصل 35 عن العمل. فيما قال الهلال الأحمر الفلسطيني اليوم الأحد إنه تلقى تحذيرات من السلطات الإسرائيلية لإخلاء مستشفى القدس في قطاع غزة على الفور. وأضاف في بيان على فيسبوك "منذ ساعات الصباح يشهد محيط مستشفى القدس غارات متواصلة أدت إلى تدمير المباني المحيطة به في محيط 50 مترا".
بدورها أكّدت منظمة أطباء بلا حدود السبت أن بعض العمليات الجراحية تجرى بلا تخدير عام للمرضى بسبب نقص عقاقير التخدير.
وتحدّث رئيس بعثة أطباء بلا حدود في القدس المسؤولة عن الأراضي الفلسطينية ليو كانز لفرانس برس عن عملية أجريت هذا الأسبوع على "طفل يبلغ 10 سنوات". وقال "اضطررنا إلى بتر نصف قدمه اليسرى تحت تأثير تخدير جزئي، على أرضية المستشفى في الممر لأن كل غرف العمليات كانت ممتلئة".
الدعوة للتوجه نحو الجنوب
من جهته جدد الجيش الإسرائيلي دعوته إلى المدنيين للتوجّه نحو جنوب غزة، قائلا إنّ الجهود الإنسانية في تلك المنطقة من القطاع المحاصر "ستتوسّع".
وذكر الجيش عبر منصة إكس (تويتر سابقا) "يجب على المدنيين في شمال غزة وفي مدينة غزة أن ينتقلوا مؤقتا إلى جنوب وادي غزة، نحو منطقة أكثر أمانا حيث سيكون بإمكانهم الحصول على مياه وغذاء ودواء. وغدا (الأحد)، ستتوسع الجهود الإنسانية... بقيادة مصر والولايات المتحدة".
لكن الفلسطينيين يقولون إنه لا يوجد مكان آمن، حيث دمرت القنابل أيضا المنازل في جنوب القطاع المكتظ بالسكان. وقد عاد آلاف منهم باتجاه الشمال لعدم توافر مساكن ومساعدات في الجنوب على ما أفادت الأمم المتحدة.
يأتي ذلك، في وقت أقرّت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة في نيويورك قراراً غير ملزم يطالب بـ "هدنة إنسانية فورية". وقد رحبت حركة حماس بالقرار ورفضته إسرائيل.
مظاهرات داعمة للفلسطينيين
وأدت الأزمة إلى خروج مئات الآلاف من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في مدن في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وآسيا أمس السبت.
وتؤيد الدول الغربية بشكل عام حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، خاصة بعد الهجوم الدموي لحماس والذي راح ضحيته 1400 إسرائيليّاً غالبيتهم مدنيون. بيد أن غضباً شعبيا بدأ يتصاعد، تزامنا مع إعلان وزارة الصحة الفلسطينية التابعة لحماس بأنّ القصف الإسرائيلي أدى إلى مقتل أكثر من 8 آلاف شخص وهو أكبر عدد من القتلى في غزة منذ الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005. وهي أرقام يشكك البيت الأبيض في صحتها، بينما تقول الأمم المتحدة إنها أرقام "ذات مصداقية".
وخرج الآلاف السبت في لندن وباريس ونيويورك وبرلين تأييدا للفلسطينيين ورُفعت شعارات تطالب بوقف كامل لإطلاق النار وعدم الاكتفاء بهدنة إنسانية.
ووفق السلطات البريطانية شارك نحو 100 ألف شخص في "المسيرة من أجل فلسطين"، فيما أعلنت شرطة العاصمة لندن اعتقال متظاهر للاشتباه في اعتدائه على أحد عناصرها. كما أضافت أن رجلا آخر اعتقل أيضا لإدلائه بتصريحات عنصرية وتهديدات بالقتل.
أما مظاهرة باريس فشهدت مشاركة الآلاف من الأشخاص، رغم قرار الحظر الأمني، وفق مراسلي وكالة فرانس برس، والذي أيدته محكمة إدارية السبت مشيرة إلى "التهديد الجسيم المتمثل في الإخلال بالنظام العام" وسط "تصاعد التوترات المرتبطة بالأحداث في قطاع غزة مع تزايد الأعمال المعادية للسامية في فرنسا".
و.ب/ع.غ /س.ك (أ ف ب، رويترز، د ب أ)