انقطاع الطمث.. جهود برلمانية لكسر حاجز الصمت في ألمانيا
٢٦ أكتوبر ٢٠٢٤تقول مجموعة " 9 ملايين"، التي تضم أطباء وصيادلة وأكاديميين ألمان، إنه لا يزال يُعتبر الحديث عن انقطاع الطمث موضوعًا حساسًا يُفضل الكثيرون تجنبه، وهو ما يشير إلى وجود تابوهات اجتماعية تحيط بهذا الموضوع.
وقد سُمّيت المجموعة بهذا الاسم للدلالة على العدد الكبير من النساء اللواتي يمررن بهذا التغيير.
وتقول المجموعة أن هذه القضية لا تُناقش بشكل كافٍ من الناحية الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية، مما يؤثر بشكل مباشر على نصف السكان بينما يؤثر على النصف الآخر بشكل غير مباشر.
من جهة أخرى، تؤكد المنظمة أن انقطاع الطمث يُعتبر موضوعًا مُهملًا في مجال طب النساء، حيث لا يحظى بما يكفي من الاهتمام في الدراسات التي يُجريها أطباء النساء، كما يُغفل من قبل الأطباء العامين.
وأضافت المنظمة أن الأطباء ليس لديهم حافز مالي لتغيير هذا الوضع، بسبب عدم قدرتهم على تحصيل أكثر من 16 يورو (17.30 دولار) من شركات التأمين الصحي مقابل الاستشارات المتعلقة بانقطاع الطمث.
تسلط مجموعة 'نحن تسعة ملايين' الضوء عبر موقعها الإلكتروني على التحديات التي تواجه صحة المرأة، وهي قضايا لطالما حذر منها الأطباء والنساء على حد سواء.
توضح المجموعة أن نقص التمويل المخصص لأبحاث صحة المرأة، والتركيز في الدراسات الطبية على الذكور دون الإناث، بالإضافة إلى عدم تدريس أعراض النوبات القلبية لدى النساء في كليات الطب، قد أدى إلى ضعف المعرفة بمرحلة انقطاع الطمث، التي تمر بها النساء عادةً بين سن 45 و55 عاماً.
تشير الدراسات إلى أن ما لا يقل عن ثلث النساء يعانين من أعراض شديدة لانقطاع الطمث، مثل الهبات الساخنة والأرق، بالإضافة إلى الاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية ومشكلات عصبية مثل الصداع النصفي وصعوبة التركيز. هذه الأعراض تُسبب اضطرابات كبيرة في العمل والحياة الأسرية.
قضايا المرأة محاطة بالصمت
ويسعى اقتراح جديد من الكتلة البرلمانية للمحافظين (يمين الوسط) في ألمانيا، التي تضم الحزبين الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، إلى تغيير الطريقة التي يتم بها تناول موضوع انقطاع الطمث. تهدف هذه الخطة إلى تعزيز التركيز على انقطاع الطمث في الدراسات الطبية وممارسات الصحة العامة.
وقالت إيمي تسويلنر، الممرضة المتخصصة وعضو البرلمان عن الحزب المسيحي الاجتماعي، والتي قدمت الاقتراح إلى البرلمان الألماني، لوكالة DW: "نحتاج إلى كسر حاجز الصمت حول هذا الموضوع. يحدث انقطاع الطمث في مرحلة حيوية من حياة المرأة، حيث تكون النساء مستقِرّات في وظائفهن وحياتهن الأسرية ويتحمّلن العديد من المسؤوليات."
وأضافت تسويلنر أن "انقطاع الطمث لا يؤثر فقط على النساء الأكبر سنًا، بل هو أيضًا يهم النساء الأصغر سنًا، والرجال والفتيان، وله تأثيرات اقتصادية كذلك. لذا، من الضروري مناقشته بشكل أكبر.
وقد رحب بعض الأعضاء في الائتلاف الحاكم، الذي يتكوّن من الحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، بهذا الاقتراح. فقد أعربت ساسكيا فايسهاوبت، عضو في حزب الخضر، عن ترحيبها بهذه المبادرة.
وأضافت فايسهاوبت أن انقطاع الطمث، مثله مثل القضايا الصحية الأخرى، كسرطان بطانة الرحم والعقم والحيض، نادرًا ما يتم تسليط الضوء عليه في المجالات الطبية والاجتماعية. و"نتيجة لذلك، لا تعرف العديد من النساء أن الأعراض التي يشعرن بها هي علامات على انقطاع الطمث. وإلى أن هذا النقص في الوعي قد يؤدي إلى عدم فهم النساء لحالتهن الصحية، مما يستدعي ضرورة تعزيز المعرفة حول هذا الموضوع".
يسعون لكسب تأييد الناخبات؟
لم تتبنَّ النائبة عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني، هايكه إنغيلهارت، الاقتراح المطروح. حيث اتهمت حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي بطرح الأمر لمجرد استخدامه انتخابيا قبل الانتخابات الاتحادية المفترض إجراؤها العام المقبل. وتساءلت: ما السبب وراء عدم اتخاذ أي إجراء حيال ذلك بعد 16 عامًا في المنصب تحت قيادة المستشارة السابقة أنغيلا ميركل؟
كما انتقدت إنغيلهارت غموض الاقتراح، مشيرةً إلى أن الكتلة المحافظة صوتت في وقت سابق من هذا العام ضد ميزانية حكومية خصصت ملايين اليوروهات لتمويل أبحاث صحة المرأة.
تواجه الكتلة البرلمانية ليمين الوسط صعوبة في التأثير على الناخبات، حيث تصدر مرشحها لمنصب المستشار، فريدريش ميرتس، عناوين الأخبار مؤخرًا بعد قوله إنه لن يسعى لفرض توازن بين الجنسين في حكومته. وتظهر استطلاعات الرأي أن ميرتس غير محبوب بين الناخبين بشكل عام، وبشكل خاص بين النساء.
في عام 2017، كانت نحو 30 بالمئة من ناخبي الحزبين الديمقراطي المسيحي، والاجتماعي المسيحي من النساء، ولكن بحلول عام 2021، ومع مغادرة ميركل، انخفضت هذه النسبة إلى 25 بالمئة.
البحث عن خطة مشتركه
قالت السياسية تسويلنر إن "أهمية وجود خطة مشتركة بين الأحزاب لتحسين صحة المرأة تكمن في تسليط الضوء على هذا الجانب". وأبدت أسفها لتردد الحزب الديمقراطي الاجتماعي في هذا الخصوص، مشيرةً إلى أن قلة النساء في مناصب قيادية يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه هذا الاقتراح، بالإضافة إلى نقص أطباء النساء في المناطق الريفية".
وأضافت تسويلنر أنه "يمكن أن توفر الخطة المال بالفعل"، و"يمكن أن تؤدي تحسينات التدخلات الطبيةإلى تقليل التكاليف المستقبلية". وأكدت أن هذا سيساعد النساء في الحصول على مواعيد طبية بسهولة.
وأعربت تسويلنر عن أملها في أن تستلهم من النماذج الموجودة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث تتعاون السياسيات لكسر الصمت حول قضايا مثل انقطاع الطمث. واختتمت بقولها: "لن أقول أبدًا إننا لم نركز على صحة المرأة، بل ركزنا عليها وعلى مواضيع أخرى مهمة أيضًا".
أعدته للعربية: ندى فاروق