انتخابات البرلمان الأوروبي.. أمل وتحديات للأوروبيين الجدد
٤ يونيو ٢٠٢٤مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان الأوروبي، المقررة ما بين 6 و9 يونيو/حزيران، أجرى موقع "مهاجر نيوز" مقابلات مع ألمان من أصول مهاجرة، ينتخبون لأول مرة بعد حصولهم على الجنسية الألمانية. تهدف هذه المقابلات للتعرف على مدى اهتمامهم بالانتخابات وما إذا كانوا قد قرروا المشاركة فيها، بالإضافة إلى استكشاف كيفية اختيارهم للحزب الذي سيمنحونه أصواتهم، من أجل المساهمة في تشكيل الوجه السياسي الجديد للبرلمان الأوروبي، الذي يقرر ميزانية الاتحاد الأوروبي ويتبنى القوانين بالتعاون مع مجلس أوروبا.
ورغم أن العديد من القرارات المتعلقة بالهجرة تُتخذ داخلياً من قبل حكومات الدول الأعضاء، فإن القرارات التي تؤثر على مختلف الدول يتم اتخاذها على مستوى الاتحاد الأوروبي. ويعد الإصلاح الشامل لنظام الهجرة في أوروبا نموذجاً بارزاً للقرارات التي يتخذها الاتحاد وتلتزم بها جميع الدول الأعضاء.
التجربة الديمقراطية الأولى
شروان مصطفى، المقيم في مدينة أوبرهاوزن بولاية شمال الراين فيستفاليا، أعرب عن سعادته لموقع "مهاجر نيوز" لمشاركته في الانتخابات لأول مرة. وقال الشاب البالغ من العمر 26 عاماً: "إنها المرة الأولى التي أنتخب فيها في حياتي. لم يسبق لي أن انتخبت في سوريا، حيث غادرتها عندما كنت صغيراً بعمر 13 عاماً، متجهاً إلى تركيا ثم ألمانيا". وأضاف: "عندما تلقيت بطاقة الانتخاب عبر البريد، تملكتني مشاعر مختلفة. الآن أستطيع أن أُحدث تغييراً في السياسة الأوروبية، لا فرق بيني وبين أي ألماني آخر، لدينا نفس الحق".
وأوضح شروان أنه شعر بقيمة كبيرة لنفسه لكونه قادراً على المشاركة في الانتخابات، واختار التصويت المسبق عبر البريد، إذ يمكن لمن يرغب التصويت بطرق متعددة، منها البريد، خاصة إذا لم يرغب في الانتظار حتى موعد الانتخابات.
اهتم شروان ببرامج الأحزاب الانتخابية الكبيرة، حيث بدأ ببرنامج الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU)، الحزب الذي كانت تنتمي إليه المستشارة السابقة أنغيلا ميركل، والتي اشتهرت بإتاحة الفرصة للاجئين السوريين للقدوم إلى ألمانيا. لكنه شعر أن برنامج الحزب لم يلب توقعاته كألماني من أصول مهاجرة. ثم نظر إلى برنامج الحزب الديمقراطي الحر (FDP)، لكنه وجد أنه يركز على مصالح أصحاب العمل أكثر من العاملين، وهو ما لم يناسبه كونه يعمل في أحد المصانع.
في النهاية، استقر رأيه علىحزب الخضر. وعن هذا الاختيار، قال شروان: "كنت سعيداً باختياري. لم يجبرني أحد عليه، ورأيت في حزب الخضر اهتماماً بموضوع اللاجئين والعناية بهم. كما أنني أعتقد أن موضوع البيئة مهم أيضاً".
"حقي في الاختيار والتعبير"
آرام بدر، الألماني من أصل سوري والمقيم في مدينة ماغديبورغ عاصمة ولاية ساكسونيا أنهالت، يؤكد على أهمية المشاركة في الانتخابات، مشيراً إلى أن ذلك يعد واجباً على جميع الألمان من أصول مهاجرة لمواجهة المد اليميني المتطرف في أوروبا. يقول بدر: "هذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها في الانتخابات. لم أتمكن من الانتخاب في سوريا، لذا ستكون هذه مشاركتي الأولى".
يضيف بدر: "خرج الناس في سوريا بمظاهرات وقاموا بالثورة من أجل الحق في الانتخاب العادل وتقرير المصير، لذا فإن المشاركة في الانتخابات واجب مقدس لكل لاجئ قدم إلى ألمانيا أو غيرها من الدول الأوروبية".
بدر، الذي يدرس الخدمة المجتمعية في الجامعة، يوضح أنه يبحث في البرامج الانتخابية للأحزاب عن المساواة والشفافية والتوزيع العادل للفرص والثروة. يقول: "أريد أن يشعر الجميع بأن لديهم فرصة وأن لهم نفس الحقوق في إطار من الشفافية العالية".
يعتزم بدر انتخاب الحزب الديمقراطي الإشتراكي الألماني (SPD)، ولكنه يعتقد أن على الأحزاب فعل المزيد من أجل دمج اللاجئين في المجتمع وإتاحة الفرص لهم.
برامج انتخابية ناقصة
يرى الشاب حسن رمو، المقيم في مدينة يينا في ولاية تورينغن شرق ألمانيا، أن البرامج الانتخابية للأحزاب في هذه الدورة الانتخابية لا تزال تفتقر إلى الشمولية والنضج فيما يخص اللاجئين والمهاجرين. يقول رمو: "البرامج الانتخابية الحالية لا تعترف باللاجئين والمهاجرين ككتلة انتخابية مهمة. هناك اهتمام بموضوع اللجوء، لكنه يركز أكثر على الجوانب الإنسانية وليس على التعاطي مع اللاجئين كناخبين مؤثرين".
رمو، الذي يعمل في مجال الألياف البصرية وحصل على منصب قاضي فخري في يينا، يعتقد أن الأحزاب ستدرك قريبًا أهمية استقطاب أصوات الناخبين من الأصول المهاجرة عبر برامج انتخابية تلبي تطلعاتهم في الاندماج والتغيير المجتمعي.
يضيف أن هذه الانتخابات تمثل تجربته الديمقراطية الأولى، وهو سعيد بذلك. ويتمنى أن يرى المزيد من الوجوه ذات الأصول المهاجرة في قوائم المرشحين للأحزاب المختلفة. يقول: "الانتخابات المستقبلية ستستقطب المزيد من المهاجرين الذين يرون فيها الطريق الأفضل لتحقيق الذات ومحاربة التطرف في المجتمع".
ويشير رمو إلى أن العديد من طلبات التجنيس المقدمة من اللاجئين تشمل بنداً يعبر عن رغبتهم في الحصول على الجنسية من أجل القدرة على الانتخاب. نصح رمو العديد من أصدقائه بالمشاركة في الانتخابات وقدم لهم النصح وترجم لهم أهم البنود الانتخابية ليتمكنوا من الاختيار. يضيف: "أرى في عيون العديد من الأصدقاء رغبة حقيقية في التغيير، يمكنهم الآن التعبير عن رأيهم بصراحة دون خوف أو قلق، وهو الأمر الذي افتقدوه في موطنهم السابق".فيما يرى ويرى بدر أنه بينما يواجه اللاجئون تحديات متعددة في المجتمعات التي استقروا فيها، تظل مشاركتهم في العملية الديمقراطية أداة قوية لتعزيز أصواتهم وتشكيل سياسات تتناغم مع احتياجاتهم ومطالبهم.
الكاتب: علاء جمعة