اليمن..بعد الحرب الكوليرا كارثة أخرى تجتاح البلاد
١٥ مايو ٢٠١٧بعد ساعات من إعلان وزارة الصحة التابعة للحوثيين أن 115 شخصا توفوا جراء الإصابة بمرض الكوليرا في العاصمة اليمنية صنعاء، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم الاثنين (15 مايو/آيار 2017) إن الكوليرا أودت بحياة 180 شخصا منذ 27 أبريل/ نيسان وأن هناك 11 ألف حالة أخرى يشتبه بإصابتها بالكوليرا في أنحاء البلاد.
الخوف يتملك الجميع
وفي حديث مع DW عربية قال الطبيب اليمني محمد الكمالي من صنعاء إنه قبل نحو أسبوعين لوحظ وجود حالات إصابة بالإسهال، لكنها تختلف عن حالات الإسهال العادية الموجودة عادة في اليمن. الإسهال الجديد كان حادا ومختلفا وأصبح منتشرا بين الأطفال والشيوخ والنساء "بشكل لم أره في حياتي من قبل في اليمن منذ أتممت دراستي للطب بالمجر قبل 21 عاما." عندها أجريت الفحوصات واتضح أنه مرض الكوليرا، الذي انتشر خصوصا في العاصمة صنعاء، يوضح الكمالي.
وكانت سلطات الحوثيين قد أعلنت أن هناك اشتباه في إصابة 8500 شخص بالمرض، لكن الكمالي يتوقع أن يكون عدد المصابين أكثر من ذلك بكثير. فرغم أنه ليس لديه إحصائيات دقيقة، حسب قوله، إلا أنه يملك عيادة متوسطة الحجم في صنعاء ويلاحظ حاليا كثرة المترددين عليه لتلقي العلاج، أكثر من أي وقت مضى.
الكوليرا منتشرة في عموم اليمن، حسب ما أكد عادل علي ثامر، مسئول الإعلام والنشر لدى هيئة الهلال الأحمر اليمني في محافظة صنعاء. وقال ثامر في حديث مع DW عربية "وباء الكوليرا منتشر في محافظة صنعاء وأمانة صنعاء وفي عدن وتعز ولحج وفي الضالع وحضرموت. في كل محافظات الجمهورية الوباء منتشر بشكل كبير جدا."
ويعتقد الكمالي أن الكوليرا ترعب الناس هناك حاليا: "المشكلة أن الناس خائفون، وحتى من هو مصاب منهم بقليل من المغص، يتملكه الخوف خشية أن يكون قد أصيب بالكوليرا."
الفقر يمنع مرضى من الوصول للمستشفى
عندما يتلقى المصاب بالكوليرا العلاج في الحال فإن نسبة الشفاء تتخطى 99 في المائة، حسب ما يعتقد الطبيب محمد الكمالي. لكن علاج مرضى الكوليرا في اليمن ليس سهلا، رغم أن العاملين بالقطاع الصحي "يبذلون قصارى جهدهم" يوضح الطبيب اليمني.
وحسب علم محمد الكمالي فإن هناك مناطق تشهد نقصا في العلاج وأخرى متوفر فيها العلاج. رغم ذلك فهناك من لا يستطيع تلقي العلاج، بسبب أنه "معدم". ويوضح الكمالي أن من هذا حاله إذا وصل إلى المستشفى فإنها تستقبله "لكن لابد أولا أن يصل إليها، لأن هناك من المرضى من ليس معه نقود ليركب بها المواصلات، بل إن منهم من ليس معه نقود ليشتري طعاما."
يوم أمس الأحد تم الإعلان عن أمانة العاصمة اليمنية أنّ صنعاء أول محافظة منكوبة بالكوليرا في اليمن. ويقول عادل ثامر إن المستشفيات الحكومية والمتخصصة في مواجهة وباء الكوليرا وصلت إلى مرحلة نفاد الأدوات والمواد الصحية، التي يمكن من خلالها مكافحة المرض ويضيف أن وزارة الصحة أعلنت في كل مديرية مستشفى أو مرفقا خاصا بالكوليرا، لكن الضغط عليها كبير جدا بسبب عدد المرضى وعدم وجود المحاليل والأدوية وعدم وجود العاملين في المرافق الصحية وكذلك غياب الرواتب منذ 8 شهور. ورغم ذلك فإن "تلك المستشفيات تستقبل المرضى وتعطيهم المحاليل وتقوم بعزلهم ومراقبتهم، لكن العدد مهول ومن الصعب أن تستطيع مستشفى أو اثنتان في المديرية تغطية المطلوب"، بحسب مسئول الهلال الأحمر.
أسباب انتشار الكوليرا في اليمن
عوامل عديدة تدفع بالوباء للانتشار فالانقسام السياسي والنزاعات المسلحة ووجود سلطات موازية وجماعات إرهابية وغيرها يجعل الحديث عن تضافر الجهود لمواجهة الكوليرا مجرد أمنية. إضافة إلى ذلك البلد يمر بأزمة اقتصادية، ومن أكبر المشاكل في اليمن، مصادر المياه. "إنها أحد مسببات انفجار الكوليرا وعندنا عدم اهتمام بالنظافة الشخصية، وهناك الأكلات والأطعمة الملوثة المكشوفة وبرك المياه المفتوحة، وصنابير السبيل، والمجاعات أيضا فهناك ناس أصبحوا يأكلون من القمامة وهذه من أسباب مرض الكوليرا"، يوضح عادل ثامر.
يقول محمد الكمالي إن تراكم القمامة منذ فترة في صنعاء أو ما شابه، بسبب إضراب عمال النظافة ربما يكون سببا لانتشار الكوليرا، وأنه إنه إذا توافرت الأموال فيمكن عمل الكثير لمواجهة الوباء.
كيف يتصدى اليمن للوباء في هذه الظروف؟
"المنظمات الدولية العاملة في اليمن تقدم جهدا نشكرهم لأجله" يقول عادل ثامر ويضيف "لكننا نريد المزيد من العمل والتمويل لمواجهة هذه الكارثة." فهناك حاجة للمواد الأساسية مثل اللقاح والمضادات الحيوية وغيرها ناهيك عن أدوات تعقيم المياه وأماكن تخزينها.
يوضح الكمالي أنه يجب أن يتم تثقيف الناس صحيا عن طريق المنظمات غير الحكومية والقطاع الصحي الحكومي والقطاع الخاص. ويقول عادل ثامر إن المؤشرات تكشف أن الوباء سيزداد انتشارا بشكل كبير جدا، فالمحاليل والعقاقير الطبية الأولية واللقاحات الخاصة بالمرض بدأت تنفد في المستشفيات الحكومية وهذه هي الكارثة الحقيقية التي يمكن أن تجعل الكوليرا تجتاح اليمن بشكل كبير جدا ولن نستطيع مواجهة هذا الاجتياح، يعتقد المسئول بالهلال الأحمر.
وبوسع المراقب ملاحظة حاجة السكان الى توعية، وهو ما ذهب اليه الدكتور الكمالي "فالناس ليس لديها وعي بالكوليرا، ليس لديهم المعلومات عن كيفية التعامل مع المريض أو كيفية نقله إلى المستشفى وعلامات الإصابة بالمرض. ولذلك هناك حاجة للمزيد من العمل وحملات التوعية والإجراءات الوقائية للعاملين في أماكن التعامل مع الكوليرا وهناك حاجة للتعامل مع البرك المائية."
وينصح الطبيب اليمني محمد الكمالي من تظهر عليه الأعراض بالتوجه بسرعة إلى أقرب مركز، "والمراكز متوفرة في اليمن ولا بد من الحرص على سلوكيات النظافة العامة."