النساء العربيات يتنافسن في بطولة كرة القدم الأولى
٢٥ أبريل ٢٠٠٦بينما بدأت كرة القدم النسائية في فرض نفسها على الساحة الرياضية منذ أن بدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بتنظيم كأس العالم كرة القدم النسائية رسمياً كل أربع سنوات عام 1991، ظلت المشاركة العربية بعيدة تماماً عن الساحة. وبعد أن حاربت النساء في العالم طويلاً لتغيير الآراء المسبقة التي تؤكد أن النساء لا يصلحن للعب كرة القدم، الرياضة الشعبية الأولى، دخلت النساء العربيات في نفس المعركة ليؤكدن أن لعب الكرة لن يؤثر على أنوثتهن ولن يقلل من حشمتهن، حيث يختار الكثير من الفتيات والنساء ارتداء الحجاب أثناء اللعب. من 19-29 أبريل/نيسان تقام أول بطولة عربية نسائية لكرة القدم ينظمها الاتحاد المصري لكرة القدم في مدينة الإسكندرية بمصر، وعلى رأسه الدكتورة سحر الهواري العضو في فيفا والتي تعمل منذ عشر سنوات على تشجيع كرة القدم النسائية بمصر. وقبل بدء البطولة بأسبوعين، نظم معهد جوته الالماني بالقاهرة زيارة لفريق النساء الألماني TSV-Ludwigsburg والمدربة تينا تونا ماير- التي قادت فريقها للحصول على كأس العالم عام 2003- إلى مصر. و في ملتقى ثقافي ورياضي مع الفريق المصري، تبادلت الشابات الألمانيات والمصريات الخبرات وقمن بالعديد من اللقاءات داخل وخارج الملعب على شكل أنشطة رياضية وثقافية وتدريبات خاصة. تينا التي قادت فريقها للعديد من الانتصارات، تركت تدريب المنتخب العام الماضي لتهتم بتنمية المواهب للمنتخب عن طريق إدخال كرة القدم للفتيات في المدارس والقيام بعدة مشاريع كروية أخرى لتشجيع الكرة النسائية، من بينها رحلتها إلى مصر.
كرة القدم النسائية تشق طريقها في مصر
تشارك سبعة منتخبات في أول بطولة عربية. وتعد كلا من الجزائر والمغرب على رأس الفرق المرشحة للفوز، إلا أن الفريق المصري حقق تقدماً ملحوظ. وهو ما يجعل اللاعبات المصريات يطمحن في الفوز، كما تؤكد اللاعبة صفية عبد الدايم: "نحن مستعدات بشكل جيد، وقد قمنا بالعديد من معسكرات التدريب. أتمنى أن نفوز باللقب". وصفية عبد الدايم تلعب ضمن فريق نادي القاهرة- ايه سي ميلانو، وهو فريق شريك للفريق الإيطالي الشهير. الشابة التي تبلغ 18 عاماً وتدرس التسويق بالجامعة، بدأت لعب الكرة منذ أن كانت في العاشرة من عمرها، وهي ترى أن المجتمع بدأ تدريجياً في تقبل دخول الفتيات في مجال الرياضة، وأيضاً في مجال كرة القدم: "بالطبع ساهم بعض الأشخاص في هذا التغيير، وعلى رأسهم الدكتورة سحر الهواري، التي نعتبرها أماً لكرة القدم النسائية في مصر. إنها تفعل كل ما بوسعها لتنشر هذه الرياضة وتجعل المجتمع أكثر تقبلاً لها". كان لسحر الهواري دوراً واضحاً في تقدم الكرة النسائية في مصر بالرغم من الصعوبات الاجتماعية والمادية التي واجهتها، فقد أنشأت في عام 1996 هيئة لكرة القدم النسائية تابعة لاتحاد الكرة المصرية. واليوم يصل عدد النساء المشاركات في الدوري المصري لكرة القدم النسائية إلى 600 لاعبة، أما عدد اللاعبات بصفة عامة في مصر فيصلن إلى 2500 شابة وفتاة في 20 فريقا مختلفا. وقالت الدكتورة سحر في حديث لإذاعتنا: "إن هناك الكثير من الصعوبات المادية التي تواجهنا، هذا بالإضافة إلى عدم الاهتمام الكافي من جانب الأجهزة الرياضية بدعم الكرة النسائية، لكن لابد من القول بأن الاهتمام الإعلامي بهذه البطولة كان مشجعاً، وكذلك الاهتمام الدولي بها".
البطولة تساعد على تحقيق شعبية أكبر لكرة القدم النسائية
إلا أن شعبية كرة القدم النسائية في مصر مازالت بعيدة تماماً عن مثيلتها للرجال، هذا بالاضافة الى أن الدعاية التي تحظى بها متواضعة جداً، وذلك على حد قول صفية عبد الدايم التي ترى في هذه البطولة النسائية الأولى دفعة للرياضة العربية:" عندما بدأنا في اللعب لم يكن أحد يهتم بنا، ولكن عندما أعلن عن هذه البطولة، تغير الأمر قليلاً. إنها بالفعل فرصة هائلة للتعريف بالرياضة النسائية أخيراً". ويشاركها الرأي وليد كردي، الأمين العام المساعد لاتحاد الكرة العربي والمشرف على البطولة، الذي قال: "الإقبال القليل من الجماهير كان متوقعاً، لكن بث المباريات على أكثر من قناة تلفزيونية وإذاعة واهتمام الصحافة سيساعد في تحقيق مزيد من الشعبية، خاصة وأن مستوى اللاعبات كان مشرفاً. أما المفاجأة الحقيقية فكانت مستوى المحكمات اللاتي أثبتن جدارة تجعلهن قادرات على المنافسة العالمية". مستوى المحكمات فاجأ الجميع، وبعد قيامهن بالعديد من المعسكرات التدريبية، أصبحن بالفعل قادرات على حمل الراية على المستوى العالمي. وأكدت سحر الهواري أن العالم العربي بدأ بالفعل في السير في الطريق الصحيح: "البطولة حتى الآن تسير بشكل جيد جداً من الناحية التنظيمية ومن ناحية المستوى الفني أيضاً، وخاصة بالنسبة للاعبات شمال إفريقيا يلعبن بشكل ممتاز"
المباريات المتبادلة هي السبيل لاكتساب الخبرة
يبدو أن هذا التطور في مستوى الكرة النسائية لا يكفي بعد لوضعها على المستوى الدولي للمنافسة، فبينما يمكن لبعض الدول الغنية مثل قطر والبحرين دعم فرقها مادياً وتعيين أفضل المدربات، تعجز الدول الفقيرة عن تخصيص ميزانية كبيرة لتطوير تلك الرياضة. لذلك يعد التعاون الدولي غاية في الأهمية، وقد أكد الأستاذ محي الدين من الاتحاد العربي لكرة القدم أن التواجد الدولي في افتتاح البطولة وخاصة الألماني كان في غاية الأهمية: "هناك إحدى المرسلات من الفيفا لمتابعة البطولة وتقديم تقرير عنها، وكذلك كان هناك اهتماماً ألمانياً كبيراً، تسعى عن طريقه ألمانيا أيضاً للتسويق لكأس العالم". التبادل الرياضي بين مصر وألمانيا كان في غاية الأهمية بالنسبة للفريق المصري، فقد نظم معهد جوته برنامج تبادل ثقافي ورياضي بين فريق مصر وفريق تي.اس.فاو لودفجزبوج الألماني لمدة أسبوع، وكان له أثراً إيجابياً على الفريق المصري لأنه أتاح للاعبات فرصة مراجعة طريقة اللعب قبل بدء البطولة. المدربة الألمانية لم تتوقع هذا الأداء من الجانب المصري، كما أنها لم تتوقع أيضاً الحماس والسعادة التي أظهرتها الفتيات أثناء اللعب. صانعة البطولات الألمانية رأت أن طرق التدريب المتبعة من الفريق المصري مازالت تحتاج إلى الكثير من التطوير، وإن كان الكثير من اللاعبات أظهر مستوى جيدا: "مازلن في بداية الطريق، وأنا أعتقد أن كرة القدم النسائية الإفريقية تحتاج إلى كثير من الدعم. هناك بعض اللاعبات اللاتي تملكن الموهبة للعب على مستوى دولي. لكن يجب أن تقام الكثير من المسابقات في أفريقيا حتى يمكن جمع المزيد من الخبرات".