الناخبون المصريون في برلين: الأمن أولاً
١٧ مايو ٢٠١٤في الساعات الأولى من الصباح الباكر، يجلس طبيب العظام المصري شريف عبد الرؤوف ليرتشف قهوته قبل الذهاب إلى السفارة المصرية في برلين للإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية. اختار شريف أن يشارك في أول أيام التصويت، المستمر لأربعة أيام متواصلة حتى الثامن عشر من مايو/ أيار.
ويعتبر الطبيب المصري الشاب "إنها خطوة مهمة بالنسبة لي"، مضيفاً: "سأنتخب المشير عبد الفتاح السيسي. بالنسبة لي، فإن المرشح الذي سيحفظ هوية مصر هو الذي سأنتخبه".
بين المشاركة والمقاطعة
شريف نموذج للعديد من المصريين الذين اختاروا المشاركة في الانتخابات، غير أن أصواتاً أخرى تنادي بالمقاطعة، إذ نظمت جماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنتها الحكومة المصرية منظمة إرهابية على أراضيها، تظاهرة أمام بوابة براندنبورغ الشهيرة في قلب العاصمة برلين، مطالبة أنصارها بعدم المشاركة في الانتخابات التي يشرف عليها" نظام انقلابي" حسب تعبيرهم، في إشارة إلى عزل الرئيس السابق محمد مرسي في الثالث من يوليو/ تموز الماضي.
مصري آخر، وهو صاحب مطعم في برلين خرج لتوه من مركز الاقتراع، يقول: "إلى متى سنقاطع الانتخابات؟ قاطعنا بما فيه الكفاية. نحن مصريون ورأينا سيشكل الفرق". ويتابع بالقول: "لا أنتظر الكثير من الرئيس، لكن أنتظر من الناس الكثير، فالرئيس لن يستطيع أن يحقق شيئاً إذا لم يتلق دعماً من الناس. أتمنى فعلاً أن نتوقف عن اللامبالاة".
وعن المرشح الذي اختاره، يقول: "انتخبت السيسي لأنني أعتقد أنه يده قوية من أجل الأمن والمصلحة العامة، وأعتقد كذلك أن لديه خبرة أكثر من أي مرشح آخر. لقد كان مسؤولاً عن المخابرات العسكرية".
مشاركة انتخابية في أجواء عائلية
في مبنى السفارة المصرية، توافدت عائلات مصرية للمشاركة في الانتخابات. كما أن هناك من حرص على اصطحاب أطفاله معه إلى داخل غرفة الاقتراع كنوع من "الدروس الوطنية"، كما تقول ميريت، وهي مواطنة مصرية مقيمة في الولايات المتحدة وتزور برلين بغرض العمل. وتضيف ميريت: "سأنتخب المشير السيسي، لأنه أفضل الموجودين. سأعطيه صوتي عن قناعة، لأن مصر بحاجة لرجل مثله من أجل عودة الاستقرار"، ثم تشير ضاحكة وهي تأخذ صورة تذكارية مع أطفالها: "نحن نحب السيسي".
من جانبه، أكد سفير جمهورية مصر العربية لدى ألمانيا، محمد حجازي، الذي كان يشرف على سير العملية الانتخابية مع طاقم السفارة، لـDW عربية أن "هناك أجواء إيجابية، إذ نلاحظ حرص المواطنين على الإدلاء بأصواتهم وهذا تعبير عن التزام المصريين بالسعي من أجل استقرار وأمن مصر وبناء مؤسسة الدولة وإنجاح ثورتين"، في إشارة إلى ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام مبارك واحتجاجات 30 يونيو التي أدت إلى عزل مرسي، المنتمي إلى الإخوان المسلمين.
وعن نسبة المشاركة، يضيف السفير حجازي: "هناك توافد عال المستوى، سواءً على مستوى القنصليتين في فرانكفورت وهامبورغ أو هنا في برلين"، مشيراً إلى أن "المشاركة كانت بالمئات وما زلت أتوقع ارتفاع نسبة المشاركة في عطلة نهاية الأسبوع".
خوف من عودة الدولة العسكرية
فادي حليم شاب مصري يبلغ من العمر 25 عاماً، جاء إلى برلين بغرض الدراسة. وبمجرد ما انتهت حصة اللغة الألمانية، توجه إلى مبنى السفارة، التي ظلت أبوابها مفتوحة حتى التاسعة ليلاً. ويقول حليم: "انتخبت حمدين صباحي لأنه أفضل الموجودين ... في الانتخابات الماضية لم أنتخب حمدين صباحي وإنما انتخبت خالد علي، لكني أعطيته صوتي اليوم، أولاً لمبادئه الاشتراكية واهتمامه بالعمال والفقراء، ثم لأنني لا أريد عودة الجيش إلى الحكم".
غير أن فريد، الذي يعمل في قطاع السياحة بين مصر وألمانيا، لم يعد يرى في عودة الجيش إلى الحكم مشكلة، إذ يقول لـDW عربية: "سأنتخب السيسي لضمان الأمن. عندما أكون في ألمانيا، أريد أن أكون مطمئناً على زوجتي عندما تخرج إلى الشارع في مصر، وأعتقد أن السيسي وحده من سيحقق ذلك".
وعن شفافية العملية الانتخابية، يقول السفير محمد حجازي إن التصويت يتم في حضور وكلاء المرشحين، مشيراً إلى أن "لدينا لجنة مراقبة تابعة لجامعة الدول العربية أيضاً. أما في مصر، فسيكون هناك مراقبون من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وعدد آخر من المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني".
هذا وستتم عملية فرز الأصوات داخل السفارة مساء يوم غد الأحد. وسيتم إعلان نتيجة اللجان الفرعية وتبليغها لوكلاء المرشحين ثم إعلانها رسمياً. أما الإخوان المسلمون في برلين، فقد قرروا مواصلة تنظيم تظاهرات ضد الانتخابات وإيصال صوتهم للجمهور الألماني.