المستشار الألماني يدعو إلى اتفاق استقرار شراكة مع البوسنة والهرسك
بعد عشر سنوات من انتهاء الحرب في البلقان تقف البوسنة والهرسسك على مفترق طرق، إذ أن الغالبية العظمى من شعبها تؤيد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن النهج السياسي القائم يعرقل تحقيق تقدم حقيقي على هذا الصعيد. وبالرغم من مشاركة المسلمين والصرب والكروات في السلطة، إلا أن كلا منهم ما زال متمسكا بأهدافه القومية.
في غضون ذلك جاءت زيارة المستشار الألماني غيرهارد شرورد أمس الثلاثاء للبوسنة والهرسك وتأكيده على ضرورة التقارب بين الاتحاد الأوروبي من جهة والبوسنة والهرسك من جهة أخرى لتؤكد على جهود بروكسل الرامية إلى ضم البلد إلى الاتحاد الأوروبي. وأعرب شرودر في الزيارة عن تأييده للتقارب بين الجانبين قائلا إن بلاده تؤيد توقيع اتفاقية استقرار وشراكة مع الحكومة البوسنية على أن يمهد ذلك للانضمام إلى الاتحاد. وقال المسؤول الألماني بعد لقاء مع رئيس الوزراء البوسني عدنان تيرشيك إن الإصلاحات التي قامت بها الحكومة البوسنية على الصعيد الداخلي أحرزت تقدما ملحوظا. في الوقت ذاته لم يحدد المسؤول الألماني وقتا معينا لانضمام البلد إلى الاتحاد الأوروبي. وقال شرودر في هذا الخصوص إنه من الصعب الحديث في الوقت الحاضر عن تاريخ محدد. ووصل المستشار إلى البوسنة والهرسك امس في زيارة تستغرق يوما واحدا يلتقي فيها مع رئيس الوزراء البوسني عدنان تيرشيك وممثل المجموعة الدولية بادي آشدون. كما سيزور شرودر قوات "يورفور" الدولية المرابطة في البوسنة والهرسك. يشار إلى أن الجيش الألماني "بوندسفير" يشارك منذ عشر سنوات بقوة قوامها 1100 جنديا في هذه القوات.
محكمة الجزاء الدولية
أما بخصوص التعاون مع محكمة الجزاء الدولية في لاهاي الهولندية فقد ناشد شرودر الحكومة البوسنية ببذل جميع الجهود الرامية إلى إلقاء القبض على مجرمي حرب هاربين. تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي يشترط بدء محادثات الانضمام مع سراييفو باستعدادها للتعاون الكامل مع محكمة الجزاء الدولية وملاحقة مجرمي الحرب التي شهدتها منطقة البلقان عام 1995. ويدور الحديث قبل كل شيء عن إلقاء القبض على الزعيمين الصربيين رادوان كاراشيش وراتكو ملاديش. كما تطالب بروكسل بإجراء إصلاحات جذرية في أجهزة الشرطة.
"أمهات سريبرينيتسا"
تخلل زيارة المستشار الألماني للبوسنة والهرسك لقاء مع وفد من تجمع "أمهات سريبرينيتسا" اللواتي فقدن رجالهن في المذبحة التي وقعت عام 1995 في أوج الحرب الأهلية في بلدة سريبرينيتسا التي قتلت فيها القوات الصربية قرابة ثمانية آلاف رجل وشاب بوسني مسلم بالرصاص. وقال شرودر في اللقاء مع الأمهات إن بلاده تشعر بمعاناة أهالي سريبرينيتسا وإنها ستقدم المساعدة لهم بقدر المستطاع. تجدر الإشارة إلى أن تقرير دولي سبق له تحميل الحكومة الهولندية والأمم المتحدة مسؤولية الإخفاق في منع قتل آلاف المسلمين في المذبحة التي وقعت في القرية عام 1995، وذلك بعد استيلاء القوات الصربية على القرية. وكانت الأمم المتحدة أعلنت في حينها أن سريبرينيتسا قرية آمنة، لكنها تعرضت لهجوم شنه الجيش الصربي دون أن يرد جنود الأمم المتحدة الذي بلغ عددهم 110. ويقول التقرير: صحيح أن الجنود الهولنديين كانوا مسلحين بأسلحة خفيفة ولم يتلقوا تدريبا ملائما للوقوف في وجه القوات الصربية، ولكن قيادة الجنود ارتكبت خطأ عندما لم تفتح ملفات تحقيقات بخصوص التقارير التي أشارت إلى وقوع مجازر جماعية ضد المسلمين البوسنيين.
ناصر جبارة