الماكينات تفي بالمطلوب قبل المرغوب وكيميش المفاجأة
٢٢ يونيو ٢٠١٦أخيرا تنفس بطل العالم الصعداء بعد أن ضمن برصيد سبع نقاط صدارة المجموعة الثالثة من منافسات دور المجموعات ببطولة كأس أمم أوروبا لكرة القدم المقامة حاليا في فرنسا. وبتذبذب ملحوظ أمام فرق يسيطر عليها اللعب الدفاعي، كانت الحصيلة على الورق فوز بهدفين أمام أوكرانيا وتعادل سلبي أمام بولندا وفوز بهدف يتيم أمام إيرلندا الشمالية. جميع هذه الفرق لم تشكل أي خطورة حقيقية على مانويل نوير، ما أهدى المانشافت مرمى خاليا من الأهداف لأول مرة منذ عشرين عاما في دور المجموعات في البطولة الأوروبية.
غير أن المنتخب الألماني لم يلعب بمستوى بطل للعالم، وإنما اكتفى بتقديم المطلوب على المرغوب، مع تحسن تدريجي قد ينذر بانطلاقة نوعية في دور خروج المغلوب.
استهل المنتخب الألماني مسيرته أمام أوكرانيا بمشاكل دفاعية قوية، سرعان ما تبخرت بعد عودة ماتس هوملز إلى جانب "الجدار الفولاذي" جيروم بواتينغ، ليعود خط الدفاع في مباراته الثانية أمام بولندا إلى صلابته وثباته. لكن خط الوسط دخل هذه المرة دائرة الانتقادات وبحق، خاصة وأن النجوم الكبار على غرار مسعود أوزيل وتوني كروس وسامي خضيرة أخفقوا أمام البولدنيين في تطوير الفرص أو حتى إتمام لُحمة الفريق.
منطقة الموت
في المقابل، كانت المباراة أمام إيرلندا الشمالية مساء الثلاثاء (21 يونيو/ حزيران 2016)، أفضل بكثير من وجهة نظر المانشافت، خاصة في الشوط الأول الذي عاد فيه أبطال العالم إلى مستواهم الهجومي. وساعدهم في ذلك تراجع الخصم إلى وسط الملعب، لتعلب الماكينات بأسلوب سلس اقترن بإنهاء جيد للهجمات. بيد أن النتيجة النهائية لم تعكس عدد الفرص الفتاكة التي حصل عليها الفريق ولم يترجمها إلى أهداف. وهو الأمر الذي يفسر افتقاد المدرب يواخيم لوف إلى نتيجة "مقنعة" حسب وصفه.
الآن وبعد تحقيق المطلوب، ظهر المدير الفني للمنتخب الألماني ولأول مرة متحمسا، وقال عقب المباراة في حوار للقناة الأولى الألمانية: "أنا سعيد بدور خروج المغلوب"، وتابع: "بالنسبة لي إنها المباريات الأفضل. فعلى المنافس أن يقدم شيئا وإلا فسيذهب إلى بيته".
وهذا صحيح. لكن المشوار الألماني الذي سُطر له لقب بطولة يورو 2016 كهدف أولي، لن يكون سهلا على الإطلاق. فلسوء حظ عشاق كرة القدم، ستقام في دور ثمن النهائي مواجهات بمثابة نهائي مبكر، لعل مباراة إيطاليا وإسبانيا أبرزها. وكان لسقوط إسبانيا حاملة اللقب أمام كرواتيا 2-1 في الدقائق الأخيرة أمس الثلاثاء، وفشل انكلترا في تحقيق الفوز على سلوفاكيا تزامنا مع تخطي ويلز روسيا وتصدرها المجموعة الثانية، أشعلا مواجهات المنطقة السفلى من جدول النهائيات.
ويعني ذلك أن إسبانيا ستصطدم بإيطاليا في دور الثمن الإثنين القادم، والفائز من مواجهة "ستاد دو فرانس" سيكون مدعوا لمواجهة ألمانيا بطلة العالم أو أحد المنتخبات التي تحتل المركز الثالث، أي عمليا هناك ربع نهائي ناري محتمل بين إيطاليا وألمانيا أو إسبانيا وألمانيا.
كيميش المفاجأة
ومن هذا المنطلق، يمكننا أن نفهم الاحتفاء المحتشم للوف تجاه النجم الصاعد يوشوا كيميتش. ففي الوقت الذي انهال عليه الجميع بعبارات الإطراء وعلى رأسهم سامي خضيرة وتوماس مولر، اكتفى لوف بالقول بأن كيميش لعب بمستوى جيد. وشارك النجم الصاعد (بايرن ميونيخ) في مركز الظهير الأيمن بدلا من بينديكت هوفيديس لكنه مال أكثر ناحية مركز الجناح في ثاني مشاركة دولية له مع الماكينات.
وفي الحقيقة قدم كيميش أداء ملفتا، رغم أن هدف الفوز الذي حمل توقيع ماريو غوميز، ولقب رجل المباراة ناله مسعود أوزيل. وقد أعطى نجم البافاري الذي استفاد بشكل كبير من مدربه السابق بيب غوارديولا، حيوية ملحوظة للهجمات الألمانية على الجهة اليمنى، عكس ما كان سائدا حيث اقتصر الطلعات الخطيرة على جهة اليسار فقط.
ولم يشعر كيميش على الإطلاق بأي توتر بقميص بلاده، مظهرا مستوى فنياً عالياً عبر تمريرات متقنة، وتوزيع جيّد للكرة، بل وحتى كاد أن يسجل هدفا مبكرا في مرمى إيرلندا الشمالية. وقد يكون كيميش من أفضل الخيارات المطروحة على لوف في مباراة الفريق القادمة والتي سيواجه فيها سلوفاكيا على أكثر تقدير وفقا للمعطيات المتاحة إلى غاية اللحظة. لكن السؤال هل سيكون الأمر كذلك، إذا ما تعلق الأمر بفريق قوي يعتمد على الأجنحة وأكثر خطورة على الدفاع، والمقصود هنا إيطاليا أو إسبانيا.
ومن هذا المنطلق يمكن قراءة تحفظ لوف حول شخص اللاعب كيمش، رغم تصريحاته التي أكد فيها أنه "كان قويا في ألعاب الهواء، ولعب بشكل جيد في الدفاع وصنع الكثير من الحركة في الأمام".
بالطبع الإجابة على هذا السؤال تستدعي وضع كيميش على أرض الاختبار أولا، لكن ما أبداه مع فريقه بايرن ميونيخ في مسابقة دوري الأبطال خاصة أمام يوفينتوس الإيطالي (الدور ثمن النهائي) أو في نهائي كأس ألمانيا بين بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند، يدل على أن كيميش قادر على الصمود، أما الخبرة فمسألة وقت فحسب.