"اللاجئون السوريون في الأردن ضحايا حسابات سياسية ضيقة"
١٦ يونيو ٢٠١٢يشكو بعض اللاجئين السوريين في الأردن من تعرضهم لمضايقات تتمثل بتقييد أنشطتهم الإغاثية أو الإعلامية أو تعرّض عدد منهم إلى الاعتقالات إضافة إلى منع الدخول إلى الأردن، حتى إن الكثيرين منهم رفضوا التحدث لموقع DW عربية، ولو بأسماء مستعارة.
من جانبه يقول عضو مجلس النواب الأردني جميل النمري، في حوار مع DW عربية، إنه "إذا كان هناك معنى سياسي معين لما يجري فهو أن الميل السياسي الأردني لا يذهب باتجاه الثورة بل إلى صمود النظام القائم في سوريا". ويضيف النمري بأنه ربما يعتقد البعض أن سقوط النظام يفتح مزيدا من الضغوط في الأردن من أجل الإصلاح والتغيير إضافة إلى "المخاوف من سيطرة التيار الإسلامي" على الأمور في سوريا مما يقوي التيار نظيره في الأردن.
"المخابرات السورية تتسرب مع اللاجئين"
ويرى النمري أنه إذا كانت الحسابات الرسمية تذهب بهذا الاتجاه فهي "خاطئة كليا لأنها تقف ضد تيار التغيير وضد المستقبل فالتغيير أصبح حتميا". ويشدد النمري على أنه متيقن أن "التغيير في سوريا آت لا محالة ولا مكان لبقاء نظام الأسد". ويستدرك النائب الأردني بالقول إنه ليس متأكدا من أن التعامل مع اللاجئين السوريين والمعارضة السورية هذه دوافعه الوحيدة مشيرا إلى وجود بعض المخاوف الأمنية من أن "أفرادا من المخابرات السورية يتسربون مع اللاجئين". كما أن هناك مخاوف من تزايد أعداد اللاجئين الذين تجاوز عددهم المائة والعشرين ألفا والقلق من أن قضيتهم ستكون طويلة و"أنه لن يكون هناك حسم في سوريا"، حسب النمري.
ويؤكد النمري على ضرورة أن يكون هناك تعامل إنساني جيد مع السوريين، داعيا إلى ممارسة الضغط للحصول على دعم الأمم المتحدة لإقامة معسكرات للاجئين جديرة بهم إنسانيا لان الكثير منهم يلجؤون إلى البيوت العادية ويكون هناك أكثر من عائلة في بيت واحد ولذلك هناك حاجة لخطة سريعة يكون فيها مضمون إنساني حقيقي بدعم أممي.
"تضييق على اللجوء الإنساني"
أما الباحث والصحفي الأردني الدكتور محمد أبو رمان فيرى في حوار مع DW عربية، أن الموقف الرسمي الأردني فيما يتعلق بسوريا يتسم بحالة من الغموض وعدم الوضوح وتتداخل فيه الأبعاد السياسية بالإنسانية بشكل كبير جدا. ويضيف أبو رمان أن هذا الموقف شهد تحولات منذ انطلاق الثورة السورية موضحا أنه في البداية كان هناك سماح للاجئين بالدخول للأردن والقيام بالنشاطات السياسية والإعلامية وفي فترات لاحقة بدأ التضييق على النشاطات السياسية وترحيل بعض اللاجئين السوريين ومحاصرتهم وأخيرا أصبح "التضييق على قضية اللجوء الإنساني أيضا".
ويعرب أبو رمان عن اعتقاده أن قرار التضييق على عملية اللجوء الإنساني إلى الأردن يبرره المسؤولون بأن السماح بمجيء السوريين بدون قيود سيؤدي إلى دخول الآلاف منهم يوميا إلى الأردن، وهو ما لا تتحمله الدولة. كما أن هناك شكوى مريرة من المسؤولين بان المجتمع الدولي لا يقوم بمسؤوليته تجاه الوضع الاقتصادي للاجئين السوريين ولا يقوم بدعم الأردن لاستقبالهم، والكلام للباحث الأردني.
ويقول أبو رمان إن هناك شعورا بدأ قبل أشهر لدى مطبخ القرار في عمان بأن النظام السوري يتماسك وأنه لن يسقط تحت وقع الثورة السورية وبأنه ليس من مصلحة الأردن الدخول في "مواجهة مباشرة" مع النظام السوري. وحسب أبو رمان فإن هناك رهانات أخرى بأن بقاء النظام السوري هو من مصلحة الاستقرار السياسي في الأردن وقد انعكست "هذه الرهانات الرسمية على الموقف من النشاط السياسي والإعلامي للاجئين السوريين".
"الموقف الأردني مرتبك بين حسابات متناقضة"
ويضيف الكاتب والصحفي الأردني محمد أبو رمان أن من يحكم المشهد الداخلي هو المنظور الأمني الذي يتعامل مع اللاجئين السوريين بمنطق القلق والحذر وليس بمنطق فتح القنوات السياسية معهم. ويرى أن الأردن لم يستطع لغاية الآن إدارة المرحلة السياسية بشكل ناجح فهو "يتناقض مع نفسه وفي علاقته مع اللاجئين السوريين ومع النظام السوري". والأردن بذلك "لم يكسب لا اللاجئين السوريين ولا الثورة السورية ولا النظام السوري". وهذا الموقف برأيه هو "أسوأ موقف يمكن أن يُتخذ. وبالفعل بحث عنه صانع القرار في عمان واتخذه".
ويخلص أبو رمان إلى القول بان الموقف الأردني "مرتبك" بين حسابات متناقضة فهو متحالف مع المجتمع الدولي والأوروبيين من جهة والأصدقاء والعرب الذين يدفعون بقوة في اتجاه إسقاط النظام السوري، وفي المقابل هناك من يرى في مطبخ القرار أن سقوط النظام السوري "ليس في مصلحة الأردن ولا في مصلحة الاستقرار السياسي الداخلي".
"رفض شعبي لسياسات الحكومة تجاه السوريين"
وعلى الصعيد الشعبي الأردني أصبحت الاعتصامات تنتقد موقف الحكومة من اللاجئين السوريين وتطالبها بعدم التضييق عليهم وترحيلهم والسماح لهم بدخول المملكة.
وحاولت DW عربية الحصول على رد رسمي من السلطات الأردنية دون جدوى لكن تصريحات المسؤولين الأردنيين الرسمية تنفي منع السوريين من الدخول إلى الأردن مؤكدين أن المنع هو لبعض الحالات الفردية سواء في المطار أو من خلال الحدود البرية ولأسباب أمنية و"هذا حق للأردن مع كل الجنسيات ليس فقط مع الأشقاء السوريين خاصة أن دخولهم لا يتطلب تأشيرة".
وتتحدث وسائل إعلام ومواقع الكترونية أردنية غير رسمية عن سياسة جديدة بدأت تنفذها السلطات الأردنية فيما يتعلق بدخول السوريين إلى الأردن تحسبا "لعمليات تخريبية" قد تلجأ لها مجموعات موالية للنظام السوري. وحسب هذه المصادر فإن السلطات اكتشفت عناصر مندسة بين اللاجئين كانت تخطط للقيام بأعمال انتقامية أو القيام بتصرفات تسيء لهؤلاء اللاجئين على الأراضي الأردنية. فقد تم ضبط عناصر ادعت أنها من الجيش السوري الحر وأنها فرت من الجيش السوري النظامي وتبين فيما بعد أنها عناصر مدسوسة من النظام السوري من أجل ملاحقة المنشقين أو اللاجئين.
محمد خير العناسوة – عمان
مراجعة: أحمد حسو