الكويت واستقبال اللاجئين - أبواب موصودة وجيوب مفتوحة
٢١ يونيو ٢٠١٦شوارع عريضة، طرق سريعة، ناطحات سحاب، واجهات أبنية براقة. هنا الكويت. على مدار عقود، كانت هذه الدولة الخليجية الصغيرة مغناطيسا جاذبا للعمالة الباحثة عن فرص أو للباحثين عن وطن جديد. كان هذا في الماضي، أما اليوم فقد تغيرت هذه الصورة حد التلاشي، فكويت اليوم لا تسمح بدخول إلا أشخاص معينين إلى أراضيها، وتقريباً لا تطأ قدم أي لاجئ التراب الكويتي.
"الكويت ليست بلد لجوء"...و"الأسباب"
على أي حال، يريد اللاجئون السوريون التوجه إلى أوروبا، على حد تعبير المواطن الكويتي، عبدالله (29 سنةً): "يعتقد اللاجئون السوريون أن أوروبا أفضل من العالم العربي. هذا هو الرأي السائد. إنه لأمر مستغرب أن يغادر المزيد نحو أوروبا، في حين إننا، كجيران، لا نستقبل أي أحد منهم".
منذ اندلاع نيران الحرب الأهلية في سوريا لم يصل إلا القليل من اللاجئين إلى الكويت. وتتم معاملتهم هنا كما لو كانوا عمالاً، حسب ما يقول الباحث السياسي، شفيق الغبرا، ويضيف: "يُسمح للسوريين الحاصلين على عقود عمل بدخول الكويت، أو لعائلة من يعمل في الكويت. غير ذلك لا يسمح لأحد من السوريين بالدخول". ولكن الكويت ليست وحدها من يفعل ذلك؛ فدول الخليج الأخرى لا تستقبل لاجئين.
ويعزو الغبرا ذلك إلى البعد الجغرافي بين سوريا ودول الخليج وإلى البنية السكانية: "ليس للكويت حدوداً مع سوريا ولذلك لا تواجه الكويت هذه المعضلة بشكل كبير. أمر آخر لا يجب نسيانه، وهو أن 40 بالمائة من سكان الكويت هم مهاجرون إلى الكويت، وليسوا بكويتيين". ويشير الغبرا هنا إلى مخاوف تغير التركيبة السكانية للكويت وغيرها من الدول الخليجية.
"التبرع بالأموال بديلاً عن استقبال اللاجئين"
بدلاً من استقبال لاجئين، فقد تبرعت الكويت بالكثير من الأموال لصالح اللاجئين. ففي السنة الماضية وحدها، تبرعت الكويت بما يقارب نصف مليار يورو. وفي عام 2014 كُرمت الكويت على كرمها وانخراطها في قضية اللاجئين من جهات على قدر كبير من الأهمية كالأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون. واستضافت الكويت عدة مؤتمرات للدول المانحة لسوريا. غير أن هند فرانسيس من مركز الدراسات الكويتي، "الراي للدراسات الإستراتيجية والبحوث"، تعتقد أن ذلك غير كاف: "أعتقد أن ما يحتاجه اللاجئون وبشكل عاجل وطناً وليس مالاً. يحتاج اللاجئون فرصة لبدء حياة جديدة مع عائلاتهم ويعيشوا مثل باقي الناس. أرى أنه يتوجب على دول الخليج استقبال المزيد من اللاجئين، وهذه الدول قادرة على ذلك بالفعل".
بخلاف الكثير من الدول الغربية، لم توقع الكويت وقطر والبحرين وعمان والإمارات العربية المتحدة على "اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين"، وهي التي تبنتها الأمم المتحدة منذ عام 1951. كما أن دول الخليج لا تعتبر نفسها بلاد هجرة واستقرار، بل مجرد بلاد تستقبل، ولوقت محدود، اليد العاملة.
وحتى أن هند فرانسيس نفسها، المنحدرة من أب وأم لبنانين، لا تحصل بشكل أوتوماتيكي على الجنسية الكويتية، على الرغم أنها ولدت ونمت وترعرعت في الكويت.
"اللاجئون الفلسطينيون درسوا الكويتيين"
يمكن للسوريين المقيمين في هذه الدولة الخليجية الصغيرة البقاء بعد انتهاء عقود عملهم، ما دامت رحى الحرب دائرة في بلدهم. غير أنه لا أفق لهم أبعد من ذلك، شأنهم شأن أي عامل من أي دولة أخرى. المواطن الكويتي عبدالله غير راض عن ذلك ويتمنى على الحكومة أن تتبنى سياسة أكثر ليبرالية فيما يخص اللاجئين: "أعتقد أنه يتعين علينا استقبال اللاجئين وإدماجهم في منظومتنا. فالكويت مشهورة بأنها استقبلت الكثير من اللاجئين. ربما يتعين علي أن لا أدعوهم باللاجئين، بل بالفلسطينيين المقيمين هنا في الكويت؛ فهم قدموا خدمات جليلة للكويت في عدة ميادين، وقبل كل شيء في مجال التعليم. فلقد تلقى والداي وعماتي وخالاتي وكل عائلتي تعليمهم ودروسهم على أيدي أساتذة فلسطينيين".