كرب الأجنة قد تكون له تداعيات مدى الحياة

لا يعرف غوستاف، وهو طفل في الخامسة من عمره، ما الذي ينتظره. ولكنه يبدو هادئا – على الأطق للوهلة الأولى. في غضون ذلك يعمل العلماء على إعداد بعض التجارب التي تهدف إلى اختبار مدى قدرته على التحمل وعدم الإصابة بالكرب (stress). ونحو 80 بالمائة من الأطفال قد مرروا بهذه التجارب، نصفهم عاش حالة من الكرب عندما كانوا أجنة في أرحام أمهاتهم. وهاهو أول اختبار يبدأ. وفجأة يقول الطبيب ماتياس شفاب، وهو رئيس الفريق البحثي، لغوستاف: "سأروي لك الآن بداية إحدى القصص وأنت تحاول الآن أن تقوم بسرد الحكاية إلى النهاية".

وبخلاف ما كان البعض يتوقع، فإن غوستاف لا يزال هادئا، لا بل يشعر بثقة في النفس، ذلك أنه يجيد سرد الحكايات. لكن الطبيب شفاب يريد زعزعة هذه الثقة من خلال طرح أسئلة غير منتظرة من قبل غوستاف، بحيث يقاطع غوستاف متسائلا: "ولماذا لاح في الأفق فجأة ضوء؟ ما الذي يمكن أن يكون ذلك؟" ويبدو أنه نجح في مسعاه، إذ أن غوستاف يرد وقد طغت علامة الحيرة على وجهه، قائلا: "لا أعرف..!"

ويقوم خلال التجربة الاختبارية جهاز خاص بقياس كهرباء الدماغ وكذلك ارتفاع ضغط الدم ودقات القلب. ومن خلال هذا الاختبار تظهر الفوارق بين الأطفال بوضوح. ثم يقوم الأطباء بفحص مخ الطفل عن قرب، ذلك أنهم يريدون معرفة ما إذا كانت الفوراق في ردة الفعل لدى الأطفال تعكس بدورها فوارق في تركيبة المخ وما إذا كان لها تأثير على العمر البيولوجي للمخ، ذلك أن نظرية الأطباء تقول إن مخ الطفل الذي عاش حالة من الكرب في بطن أمه تصاب بالشيخوخة بشكل أسرع من الأطفال الذين لم يعيشوا حالة كرب وهم أجنة. وعلى الرغم أن النظرية مازالت في طور التجربة، إلا أن الأطباء يأملون في الكشف عن المسببات وبالتالي المساهمة في أن يعيش الإنسان لفترة طويلة وهو بصحة وسعادة جيدة.