القوى الليبرالية في مصر ومخاطر التوافق مع إسلاميين و"فلول"
١٢ يوليو ٢٠١٣منذ سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر والمعارضة غير الإسلامية مستمرة في صعودها السياسي، فمحمد البرادعي أحد وجوه التيار الليبرالي، أصبح نائبا للرئيس المؤقت، فالبرادعي يحظى تقريبا بإجماع العديد من الأحزاب والتيارات غير الإسلامية.
ويبدو أن القوى الليبرالية في حاجة لإذابة خلافاتها مع القوى السياسية الأخرى، كأتباع نظام مبارك، أو القوى الإسلامية، وذلك ليتحقق التوافق السياسي الذي من الممكن أن يعبر بمصر إلى بر الأمان.
درس من عام 2012
لا أحد ينسى هزيمة التيار الليبرالي في الانتخابات الرئاسية في عام 2012، لو كانت هذا التيار قد عقد توافقا على مرشح واحد، لا ربما لم يصل الإخوان المسلمون إلى الحكم. فحركة "تمرد "التي استطاعت أن تحرك الناس وتدفعهم إلى الشارع في 30 يونيو/ حزيران، هي حركة تمكنت من تحقيق وحدة الصف، لأن المنتمين لها هم من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية.
غير أنه بسقوط محمد مرسي سيكون من الصعب الحفاظ على هذا التوافق، غير أن زياد العليمي ،أحد مؤسسي الحزب الديمقراطي الاجتماعي وعضو برلماني سابق متفائل:"خلال السنتين ونصف الماضية اكتسب جميع الثوار والقوى المدنية في مصر المزيد من الخبرة، كيف يخرجون إلى الشارع وكيف يعقدون التوافقات، وأعتقد أنه ينبغي على هذه القوى أن تتوحد حتى تستطيع بناء الدولة معتدلة."
الثوار في مواجهة الفلول
واحدة من التحديات التي تقف أمام الأحزاب غير الإسلامية هو عدم الوقوع في مأزق التشارك مع أنصار نظام مبارك، فالكثير من الذين شاركوا في مظاهرات 30 يونيو/ حزيران هم من الفلول. ويبقى السؤال إن كان سقوط مرسي كان سيتم بنفس السرعة لولا مشاركة الفلول.
الشباب الذين شاركوا في ثورة 25 يناير 2011 خصوصا يجدون صعوبة في التوافق مع الفلول، خاصة وأن جزءا من الفلول هم أعضاء الأجهزة الأمنية التي عذبت هؤلاء الشباب ومارست عليهم أشكالا من العنف الوحشي. بالنسبة لهم يبقى مشهدا تجريديا أن يستقبل المتظاهرون في التحرير رجال الأمن والجيش.
التوافق السياسي مع هؤلاء يبقى أمرا في غاية الصعوبة، لأن الكثير من الثوار يقدرون حقوق الإنسان ويرغبون في إجراء إصلاحات حقيقية داخل المؤسسات السياسية. يقول زياد العليمي بهذا الشأن:"لا يمكن التخلص من الكراهية بين الثوار وممثلي النظام القديم، الأهم أننا تعلمنا في السنتين الماضيتين ما يلي: لا يمكن للمرء أن يحقق انطلاقة جديدة نحو المستقبل، دون غلق أبواب الماضي وبشكل تام."
المصالحة الوطنية الصعبة
معالجة الماضي هو الأمر الذي يفتقده زياد العليمي وهو الأمر الذي يعتبره هاما. فإرث الماضي سيصعب إجراء مصالحة مع أتباع نظام مبارك، ومع النظام العسكري، بل وكذلك مع نظام الإخوان المسلمين. لأن تلك الخلافات تنعكس لدى الأحزاب والتيارات غير الإسلامية.
أحدث مثال على هذه الخلافات هو الإعلان الدستوري الجديد، يقول زياد عبد التواب نائب مدير معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان:"لقد رصدنا أن أهم المجموعات التي كانت لها المبادرة في احتجاجات 30 يونيو، لم يتم إشراكها في صنع قرار تعيين رئيس للوزراء، كما لم تكن لهم أي إمكانية في تقديم رؤيتهم وتصوراتهم في الإعلان الدستوري."
الصدامات الأولى مع الرئيس المؤقت
أولا قامت جبهة الإنقاذ الوطني برفض الإعلان الدستوري، غير أنها تراجعت بعد تأكيدات من الرئيس عدلي منصور بإجراء تعديلات على الإعلان. رسميا ترفض جبهة الإنقاذ الآن جزءا من الإعلان الدستوري فقط. غير أن زياد العليمي يقلل من شأن الخلاف بين الرئيس المؤقت والأحزاب ويقول:" إنه من السابق لأوانه تقييم التعاون بين الرئيس والأحزاب، فلا يمكن أن نقول الآن، إذا كان موقفه هو عدم التشارك فعلا، أم أن الأمر يتعلق بمجرد خطأ من أخطاء البدايات."
أيضا هناك خلاف حول كيفية مشاركة التيارات الإسلامية. الإعلان الدستوري يظهر بوضوح، أن المشرفين عليه حاولوا إرضاء السلفيين، حتى تعيين حازم الببلاوي الخبير الاقتصادي الشهير على رأس الحكومة، اعتبره البعض تنازلا من الجيش لصالح الإسلاميين، خلافا لمحمد البرادعي الذي لم يحظ بإجماع كل الأطراف لتعيينه كرئيس للوزراء. تضع الخلافات مع باقي التيارات السياسية القوى الليبرالية في مأزق، قد يحتاج إلى الكثير من الوقت لحله.