القذافي يخير أوروبا بين الدعم المالي والتقني أو قوارب المهاجرين
٢٩ نوفمبر ٢٠١٠هدد الزعيم الليبي معمر القذافي بوقف فوري لجهود بلاده في الحد من الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى دول الاتحاد الأوروبي إذا لم يدعمه الاتحاد في ذلك ماليا وتقنيا، تصريحات القذافي جاءت لدى افتتاحه اليوم الاثنين (29 نوفمبر تشرين الثاني) في العاصمة الليبية طرابلس القمة الثالثة بين الدول الأفريقية والاتحاد الأوروبي. وقال القذافي أمام وزراء ورؤساء دول وحكومات نحو 80 دولة إنه في تلك الحالة ستصبح قارة أوروبا "المسيحية البيضاء" "سوداء". وذكر القذافي أن بلاده تريد من الاتحاد الأوروبي 5 مليارات يورو على أن تقوم بلاده في المقابل بوقف قوارب تهريب البشر التي تنطلق من السواحل الليبية إلى أوروبا.
مكافحة الهجرة السرية
وتهيمن على القمة مسالة الهجرة غير الشرعية التي باتت ليبيا المعبر الرئيسي لها. وتشتكي ليبيا من عدم حصولها إلا على جزء طفيف من المساعدات التي طلبتها من الاتحاد الأوروبي وهي 50 مليون يورو على مدى عامين للمساعدة على منع تدفق اللاجئين السريين (غير الشرعيين) ومراقبة الحدود. ويقول القذافي ان وقف تدفق المهاجرين عبر المتوسط هو مسؤولية اوروبا والدول الافريقية
ومن غير المتوقع التوصل إلى قرار حاسم بشان مطلب الزعيم الليبي معمر القذافي الحصول على خمسة مليارات يورو سنويا من الاتحاد الأوروبي لمعالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية التي توصف بأنها قنبلة موقوتة.
ويبلغ عدد سكان ليبيا نحو خمسة ملايين نسمة، إلا أنها تضم نحو مليوني مهاجر غير شرعي يبحثون عن عمل ويسعون إلى التوجه إلى أوروبا التي تعاني من أزمات تجعلها غير قادرة على دفع الأموال اللازمة لمعالجة هذه المشكلة.
وبعد ان رفضت ليبيا ان تكون "حارس الحدود لاوروبا" قررت اخيرا فرض غرامة على الهجرة غير الشرعية، والشهر الماضي انفقت ملايين على شراء اجهزة رادار لمراقبة سواحلها البالغ طولها 2000 كلم. وقال دبلوماسي من الاتحاد الاوروبي "لن تكون مفاجأة اذا طلب القذافي مزيدا من المال في القمة، فليبيا تعاني من مشكلة". ووصف القذافي إيطاليا في خطابه الافتتاحي بالشريك التعاوني الحقيقي الوحيد لليبيا في الاتحاد الأوروبي.
التعاون الاقتصادي
من ناحية أخرى أكد القذافي أن محاولات إقامة شراكة بين القارتين الإفريقية والأوروبية فشلت. وأضاف "بدأنا بسلسلة معاهدات، خلال قمة لشبونة في 2007، لكن هذه الاتفاقات لم تطبق وبقيت حبرا على ورق". ودعا القذافي إلى التعاون مع أوروبا على أساس "الند للند". وتابع "إذا فشل التعاون بين أوروبا وإفريقيا نستطيع أن نتوجه إلى أي كتلة أخرى مثل الصين وأميركا الجنوبية والشمالية أو أي كتلة تحترم نظمنا وثقافتنا ولا تتدخل في شؤوننا".
ويبدو أن القادة الأفارقة مصممون على التنديد مجددا بالاتفاقيات التجارية المقترحة من الاتحاد الأوروبي. إذ سيسعون لتأمين شروط أفضل لصادراتهم للاتحاد الأوروبي. وتقول الحكومات إنها تريد التأكد من أن الاتفاقات التجارية المقترح إبرامها مع الاتحاد الأوروبي، عادلة وتدعم أهداف القارة التنموية بعيدة المدى. وتعارض بعض الدول مثل جنوب أفريقيا بشدة إبرام اتفاقات جديدة للشراكة الاقتصادية.
على الجانب الآخر يشدد الاتحاد الأوروبي على أن الاتفاقات ستفيد أفريقيا، ويطالب بتحرير الأسواق وخفض التعريفات الجمركية المفروضة على البضائع الأوروبية في المقابل. وليس متوقعا أن تتمخض القمة عن قرارات مهمة، لاسيما في ظل غياب الزعماء الثلاثة الكبار في أوروبا
ولا يزال الاتحاد الأوروبي اكبر متبرع لإفريقيا واهم شركائها التجاريين، إلا انه يخشى ان يتم تهميشه بعد ان انضمت كل من البرازيل والهند وغيرها من الاقتصاديات العملاقة الناشئة إلى الصين في محاولة للاستفادة من خيرات القارة الغنية بالموارد الطبيعية.
غياب البشير
وتعقد القمة بمشاركة رؤساء دول وحكومات ثمانين دولة. ويغيب عنها الرئيس السوداني عمر البشير بعد أن أُشيع أنه سيشارك فيها، وأصدرت الرئاسة السودانية أمس الأحد بيانا قالت فيه إن السودان سيقاطع قمة الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي في ليبيا "للاحتجاج على ضغوط يمارسها الاتحاد الأوروبي على الرئيس السوداني عمر البشير كي لا يحضر". واتهم البيان الشديد اللهجة الاتحاد الأوروبي بتقويض استقرار الاتحاد الإفريقي، والتعامل مع إفريقيا بعقلية استعمارية. معروف أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت العام الماضي مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني بعد اتهامه بجرائم حرب وأعمال إبادة جماعية في إقليم دارفور.
جدير بالذكر أن قمة فرنسية-افريقية أرجأت العام الماضي ونقلت من مصر إلى فرنسا بعدما أصرت الحكومة الفرنسية على عدم دعوة البشير وهو ما رفضته القاهرة. وربما يبدو السودان محبطا من أن ليبيا وهي حليف مفترض لم تتخذ موقفا شبيها لموقف مصر ولم تصر على دعوة البشير للقمة التي تستمر يومين. وتوترت العلاقات بين ليبيا والسودان منذ موافقة طرابلس على استضافة خليل ابراهيم احد زعماء التمرد في دارفور برغم طلب الخرطوم بطرده.
(ه ع ا/دب ا/اف ب/رويترز)
مراجعة: يوسف بوفيجلين