الفيلم العربي: طموحات كبيرة وحضور متواضع على الساحة السينمائية العالمية
١١ فبراير ٢٠٠٩أتت المشاركة العربية في مهرجان برلين الدولي للسينما "برليناله" في دورتها التاسعة والخمسين لعام 2009 متواضعة كعادتها، فلم تسجل سوى مشاركة ثلاثة أفلام عربية وهي فيلم "لندن ريفر" للمخرج الجزائري رشيد بوشارب وفيلم لبناني "سمعان بالضيعة" للمخرج سيمون الهبر والآخر"ميكانو" للمخرج المصري محمود كامل.
الفن السابع وصور الواقع
وعلى الرغم من أهمية الفن السابع في التعريف بمشاكل وواقع البلدان العربية، إلا أن حضورها يكاد يقتصر على المشاركة في عدد قليل من المهرجانات الدولية. وفي هذا الإطار يقول بسام قنديل من جمعية المصدرين المصرية، التي تمثّل صناع السينما في العالم العربي في مهرجان البرليناله لعام 2009: "إن الناس لا يعرفون الكثير عن الشرق الأوسط. والسينما تعكس مشاكلنا على شاشتها الفضية".
لكن يبدو أن العديد من صناع السينما العرب، خاصّة منهم في تلك المناطق في العالم العربي مثل العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية، قد أدرك أهميّة الفن السابع في تعريف العالم بمشاكله وقضاياه كما تيقّن من أن الفيلم بإمكانه أن يلعب دورا مهماً في تسليط الضوء على تأثير الاضطرابات والصراعات على الحياة اليومية للأشخاص العاديين.
وفي هذا الإطار أتت مشاركة الفيلم الوثائقي "سمعان بالضيعة" للمخرج اللبناني اللبناني سيمون الهبر في مهرجان البرليناله. ويتناول المخرج في فيلمه قصة عمّه، الذي عاد ليعيش في قرية صغيرة كانت قد هُجرت ودُمّرت إبان الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما.
وعن دوافع تصوير هذا الفيلم يقول الهبر: "أردت أن القي الضوء على هذه الظاهرة الغريبة، التي حدت بعمّي لهجر الحياة الحضرية والعودة للاستقرار والعيش في قرية مهجورة، وكيف تسنى لهذا الرجل العودة والتغلّب على جروح ماض ملئ بالآلام والدماء"، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
طموحات عربية عريضة
وتأكيدا على الطموحات السينمائية الدولية الجديدة للعالم العربي تحرّكت كلا من مصر والأردن لتعزيز وجودهما في أكبر معارض السينما في العالم ومنها القسم التجاري بمهرجان برلين السينمائي الدولي وسوق الفيلم الأوروبي. وفي إطار هذه الجهود تقوم الآن اكبر أربع شركات للإنتاج السينمائي في مصر بالدعاية والترويج لفيلم مصري في البرليناله فضلا عن مهرجان "كان" الدولي وسوق الفيلم الأمريكي. لكن السينما المصرية، التي وُصفت يوماً بـ"هوليوود الشرق"، ما زالت تواجه تحديات كبيرة، على الرغم من مرور نحو نصف قرن على تأميمها، كما يرى بعض الخبراء السينمائيين.
ومن جهة أخرى افتتحت الأردن ولأول مرة سوقا تجارية في سوق الفيلم الأوروبي في برلين كما تعتزم أن يكون لها وجود تجاري في مهرجان "كان" الدولي وسوق الفيلم الأمريكي، ويقول جورج ديفيد، الذي يمثل لجنة السينما الملكية الأردنية بالبرليناله، في هذا الإطار: "إن صناعة السينما في الأردن لا تزال تحبو". وأشار ديفيد إلى أنه من ضمن الأهداف دعم الحضور السينمائي الأردني على الساحة الدولية، مشيرا إلى النمو السريع، الذي تتميّز به صناعة السينما في الأردن. فقد كان يتم في الأردن إنتاج نحو 5 أفلام سينمائية فقط في السنة قبل عشرين عاما.
وارتفع هذا الرقم إلى نحو 20 فيلما الآن مع ظهور مجموعة جديدة من المخرجين الأردنيين الشبان الذين يستخدمون السينما كوسيط يلقون الضوء من خلاله على مجمل القضايا الاجتماعية والسياسية التي تمس بلادهم والمنطقة. ويقول ديفيد إن صناعة السينما "تعد جزءا من ثقافة شعب"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه بإمكانها أن تساهم في إضافة أبعاد جديدة إلى هوية البلاد .