الفيفا من جمعية غير ربحية إلى مؤسسة تكسب المليارات
٢٨ مايو ٢٠١٥تلقى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ضربة موجعة على خلفية الاعتقالات والتحقيقات التي طالت بعض الشخصيات النافذة فيه واتهامها بتبييض الأموال والحصول على رشى لمنح استضافة تنظيم كاس العالم 2018 لروسيا و2022 لقطر. وفي التطورات المرافقة لهذه الفضيحة طالب جريك دايك، رئيس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، السويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي للعبة بالتنحي عن منصبه. وقال دايك في تقرير نشره الاتحاد الإنكليزي للصحافة بموقعه على الإنترنت اليوم الخميس (28 مايو/ أيار 2015) "سيب بلاتر عليه الرحيل. عليه أن يختار بين الرحيل عن طريق الاستقالة أو من خلال التصويت ضده أو نبحث عن وسيلة ثالثة".
وكانت الشرطة السويسرية قد ألقت أمس الأربعاء القبض على سبعة مسؤولين بارزين في عالم كرة القدم لاتهامهم طبقا لتحقيقات أمريكية بالحصول على رشى. وتأتي هذه التحقيقات قبيل اجتماعات الجمعية العمومية (كونغرس) للفيفا غدا الجمعة والتي تشهد الانتخابات حيث يسعى بلاتر للفوز بولاية خامسة على التوالي في حين ينافسه نائبه الأردني الأمير علي بن الحسين. وفي تعليقه على الأحداث الأخيرة، قال بلاتر، الذي لم يرد اسمه ضمن المشتبه بهم في هذه التحقيقات، إنه يثق في أن التحقيقات بشأن الحصول على رشى "ستدعم بشكل هائل إجراءات الفيفا لاقتلاع الفساد من جذوره.. إنه وقت عصيب لكرة القدم وللمشجعين وللفيفا كمنظمة".
هذه الأحداث أو ما وصف بالزلزال يدفعنا إلى البحث في آليات عمل الاتحاد الدولي لكرة القدم والأسس التي يقوم عليها. فحسب القانون المدني السويسري، يعتبر الفيفا جمعية غير ربحية ملزمة بإعادة استثمار أرباحها واحتياطاتها من رأس المال في عالم كرة القدم، وخصوصا في برامج الشباب والتنمية.
وبخلاف الشركات العادية الأخرى فإن الاتحاد لا يلتزم سوى بدفع أربعة في المائة من الضرائب على أرباحه الصافية. وتعتبر بطولة كأس العالم، التي تنظم كل أربع سنوات أهم مصدر للدخل وهو ما حول المنظمة الكروية إلى مؤسسة عملاقة يقدر رأسمالها بالمليارات.
نمودج العمل
ويعتمد الاتحاد على أسلوب عمل واضح نسبيا، فهو يُلزم البلد المستضيف لبطولة كأس العالم بنفقات التنظيم. وإذا أراد هذا البلد الحصول على تعويضات إضافية من الفيفا عليه بداية أن يضمن له الإعفاء من الضرائب. ووفقا لتقديرات الخبراء فإن الفيفا حصل على إعفاءات ضريبية قدرت بحوالي 250 مليون يورو خلال مونديال 2006 ونفس الشيء تقريبا حصل في كأس العالم 2010 وفي المونديال الأخير في البرازيل. وحسب هذا النظام يتم إنشاء مناطق شبيهة بالمناطق الحرة المعفية من الضرائب في الدولة المحتضنة لبطولة كأس العالم يستفيد منها شركاء الفيفا، حيث يتم إعفائهم من الضرائب على الدخل وعلى المبيعات.
العائدات
وتعتبر عائدات بيع حقوق النقل التلفزيوني أهم مصدر للأموال داخل الفيفا ويتم مراقبة الالتزام بها بدقة كبيرة. وقد بلغت هذه العائدات في عام 2014 حوالي 742 مليون دولار. كما أن توزيع حق التسويق يضخ في ميزانية الفيفا 465 مليون دولار أخرى. وبذلك تكون الإيرادات الإجمالية للفيفا من مونديال 2014 قد بلغت حوالي مليار وتسعمائة مليون دولار أمريكي. أما صافي الأرباح فقدر بـ 141 مليون دولار. وقد ساهم ذلك في ارتفاع احتياطات المنظمة من رأس المال إلى مليار واثنين وخمسين مليون دولار.
أصل الفكرة
مونديال 1974 الذي احتضنته ألمانيا اعتبر نقطة تحول تاريخية في عمل الفيفا، حيث كانت تلك البطولة بداية تحول الهيئة المسؤولة عن كرة القدم إلى مؤسسة مالية كبيرة. ويعتبر الألماني هورست داسلر، ابن مؤسس شركة أديداس أدولف داسلر، أول من أدخل أشكال تسويق جديدة إلى الفيفا. فقد كان مدركا للإمكانيات الاقتصادية للاتحاد الدولي للعبة، وكان أول من جلب رعاة رسميين للفيفا.
واعتمدت خطته على ضم شركات عالمية إلى الاتحاد تكون قادرة على دفع الملايين مقابل الخدمات التي تحصل عليها، كأن تحتكر الإشهار (الإعلانات) ويسمح لها بالاستخدام الحصري لشعار كأس العالم بالإضافة إلى حصولها على حصص تذاكر مجانية عطفا على خدمات أخرى. والشركاء الحاليون للفيفا هم شركة أديداس الرياضية وشركة كوكاكولا وطيران الإمارات وشركة سوني للإلكترونيات بالإضافة إلى شركة هونداي للسيارات وشركة بطاقة الائتمان فيزا.
النفقات
وحسب قانون الجمعيات السويسري فإن الاتحاد الدولي لكرة القدم ينفق أيضا الكثير من الأموال وبالخصوص في المشاريع التنموية والتي بلغ حجم الاستثمار فيها العام الماضي حوالي 509 مليون دولار. كما حصلت المنتخبات المشاركة في كأس العالم 2014 في البرازيل على مجموع 358 مليون دولا، فيما حصل بطل العالم المنتخب الألماني وحده على 35 مليون.