الفائزة بجائزة البوبز: نريد إخراج الاستغلال الجنسي من دائرة المحرمات
١٨ يونيو ٢٠١٣في اليوم الثاني من منتدى DWالعالمي للإعلام تم توزيع جوائز المسابقة العالمية للبوبز 2013، التي تُمنح سنوياً لأفضل الناشطين على الشبكة العنكبوتية، من أصحاب المشاريع الإبداعية والجريئة التي تدعم الحرية والانفتاح والتواصل. وفي تقديمها للفائزين قالت أوته شيفر، رئيسة تحرير في DW: "كانت شبكات التواصل الاجتماعي أداة مهمة في إحداث الكثير من التغييرات في عالمنا اليوم".
جائزة أفضل مدونة كانت من نصيب الصيني لي شبنغ بينغ، الذي يعد رمزاً من رموز مناهضة الرقابة في الصين، ما عرضه للكثير من المضايقات من قبل السلطات الصينية. جائزة أفضل إبداع كانت من نصيب مشروع Free Weibo.com، الذي يعرض لأساليب الرقابة في الصين. أما جائزة منظمة "مراسلون بلا حدود" فقد ذهبت هذا العام إلى المدونة والناشطة الحقوقية "فابي كوساسي" من توغو. وتتناول المدونة انتهاكات الشرطة وعنفها ضد الصحفيين.
جائزة منتدى الإعلام العالمي كانت هذا العام من نصيب مشروع Info Ladiesالبنغالي، التي تقدم للمناطق المحرومة من الإنترنت في البلد معلومات عن الصحة والزراعة والتنمية. أما جائزة أفضل ابتكار فحاز عليها موقع Me & My Shadow، التي تبين لمستخدمي الإنترنت الآثار التي نخلفها بعد تصفحنا في الإنترنت وطريقة آمنة لاستخدام الشبكة العنكبوتية بعيدة عن المخاطر.
الناشطة المغربية هدى المقدم تسلمت جائزة أفضل نشاط اجتماعي عن المبادرة الشبابية المغربية 475 ضمن أفضل حملة على الشبكة العنكبوتية. المبادرة تدعم حقوق النساء المغتصبات في المغرب، حيث يمكن للمغتصِب أن ينجو من عقوبته حسب المادة 475 من القانون الجنائي المغربي في حالة زواجه من الضحية. وبعد تسلمها الجائزة كان لـDWعربية هذا الحوار مع هدى المقدم:
DW: مبروك تسلمك الجائزة هدى. ما هو مشروعكم، الذي فاز بجائزة "أفضل نشاط عبر شبكات التواصل الاجتماعي" لمسابقة DWلأفضل المدونات BOBs 2013، ومتى بدأ العمل فيه؟
هدى المقدم: مشروعنا وأسمه "475" عبارة عن حملة على الفيسبوك وتويتر. التسمية متأتية من المادة 475 من القانون الجنائي المغربي. هذا البند كثيراً ما يُساء استخدامه من قبل الكثيرين في المغرب، سواء كانوا من القضاة أو الأشخاص العاديين أو حتى السلطات. من خلاله يتم إجبار ضحايا الاغتصاب والتعنيف الجنسي من النساء على الزواج بالمغتصب. لكن في الحقيقة أن المادة تنص على موضوع آخر.
بدأ العمل في المشروع صيف 2012 أي قبل عام من الآن. أطلقنا الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم بدأنا بتصور فيلم وثائقي عُرض في آذار/ مارس الماضي. يروي الفيلم قصة أمينة الفيلالي، التي انتحرت بعد الحُكم بتزويجها من مغتصبها. نفقات الفيلم جمعناها من خلال تبرعات أتتنا من جميع أنحاء العالم من خلال الإنترنت، لكن غالبية المتبرعين كانوا من المغرب.
هل تعتبر هذه المشكلة اجتماعية في المقام الأول أو هي ناتجة عن فشل التشريع في معالجة جرائم الاغتصاب؟
اعتقد أنها مشكلة اجتماعية أولاً، لأن الضحايا لا يلجؤون دائماً إلى تدخل القانون لحل هذه المشكلة. الخوف من الفضيحة بسبب العادات والتقاليد السائدة هناك يدفع بعض الأشخاص إلى التكتم عليها درءا للفضيحة. اعتقد أن الحل سيكون من خلال إنشاء قاعدة قانونية تحرم بشكل واضح ومطلق هذه الجريمة حتى لا نكون مطالبين فقط بمعاقبة قضاة يؤولون أو يفهمون نصوص القانون المغربي بشكل خاطئ. المشكلة كبيرة ومتفشية في المغرب، وتخلف ضحايا كثر.
ومسؤولية السلطات هي إيجاد حل جذري لها والتعامل مع الموضوع بصراحة، لكن رئيس الحكومة صرح مؤخراً في البرلمان بأن حالات تزويج المغتصبات لا تتعدى 440 حالة فقط، وكرر كلمة "فقط" مرات عدة. وكأنه يعتبر أن المشكلة لا ترقى إلى مستوى الاستئثار باهتمام السلطات والرأي العام في المغرب، بينما هي في الواقع مشكلة كبيرة ينبغي إيجاد حلول لها.
بعد عام على انطلاق الحملة. هل تحقق بعض أهدافها؟
لم تتفاعل السلطات مع حملتنا، لكن كان هناك مشروع اقتراح لتغيير هذه المادة بالضغط من جمعيات حقوقية مغربية. وكان هدفنا من الحملة هو تسليط الضوء على ما يُرتكب باسم هذا القانون. نزور العائلات نوضح لهم الجوانب والتبعات القانونية لهذا الأمر، وعلاقة الدين بذلك أيضاً. نريد أن يتجرأ الناس على الحديث حول زواج الضحية من مغتصبها وإخراج هذا الأمر من دائرة المحرمات إلى النقاش العام. وهذا ما بدا واضحاً من خلال حوارات الفيلم وردود الفعل التي ظهرت بعد عرضه.
تتحدث وسائل الإعلام الغربية عن دور للدين في هذه الظاهرة. إلى أي حد يساهم الدين فعلاً في شرعنتها باعتقادك؟
دور الدين يتوقف على كل شخص على حدة، فهناك من يجد في الدين ما يشرع هذه الأفعال، وهناك من لا يعتقد بذلك. بالنسبة لي فإن من السهل استغلال أي دين لترويج فكرة ما أو شرعنتها، لكني شخصياً لا اعتقد أن مشكلة تزويج الضحية من مغتصبها في المغرب تكمن في الدين، لأنك لو حاورت شخصاً معنياً لا يورد الدين كسبب من الأسباب. المبرر الذي يُساق دائماً لشرعنة تزويج الضحية من مغتصبها هو أن الفتاة يجب أن تكون عذراء وعفيفة لكي تتمكن من الزواج في المغرب. وكل من تتعرض للاغتصاب تفقد عفتها وبالتالي لن يقدم أحد على الاقتران بها. لذلك يرى البعض أن تزويجها من مغتصبها هو الحال.
برأيك ما هي الحلول للقضاء على هذه الظاهرة؟ هل هي اجتماعية بحته؟ من يمكنه تغيير هذا الواقع؟
(تضحك) لا أعرف. لو كنت أعرف حلاً جذرياً لهذه الظاهرة لكنت قد قدمته. اعتقد أن أساس الحل يكمن قبل كل شيء في أن يجد هؤلاء الضحايا من يستمع لهن، فليس كل من تتعرض لمثل هذه المشكلة قادرة على حلها وعلى علم بمقتضيات القانون. وهذا الدور يمكن أن يقوم به مثلاً الأطباء النفسيون ومنظمات المجتمع الدولي. وحتى على أفراد الشرطة أيضاً تغيير تعاملهم مع المغتصبات، ففي أحيان كثيرة يتم اتهام الضحية بأنها السبب في اغتصابها بسبب طريقة ملبسها مثلاً.
ليس هناك أدنى مساعدة تقدم للضحية لدرجة أن كل من تتعرض للاستغلال الجنسي تجد نفسها وحيدة في مواجهة هذه المشكلة.
وما هو دور الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني إذن؟
كثير من الجمعيات أطلق مجموعة من المبادرات في هذا المجال، وخاصة خلال العامين المنصرمين، أي بعد الضجة التي أثيرت حول انتحار أمينة الفيلالي. ومنذ ذلك الحين يناضل الكثيرون من أجل تغيير هذه المادة ومتابعة القضاة الذين يسيؤون استخدام المادة 475. حتى أن هناك جمعيات أصبحت توفر الملاجئ لهولاء الضحايا. لكن نشاط هذه الجمعيات ما يزال محدوداً جداً، إذ يقتصر على المدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط وطنجة، بينما تغييب تماماً عن المدن الصغيرة والقرى النائية. وبالتالي فإن المشكلة تكون أكثر تفشياً في هذه المناطق بسبب غياب نشاط هذه الجمعيات هناك.
ماذا يعني لك الفوز بجائزة البوبز؟
اعتبر هذا الفوز اعترافاً بجهود المشاركين في هذا المشروع وتبرع له. وفي الوقت نفسه يمثل قوزنا بالجائزة إدراكاً بحجم مشكلة الاستغلال الجنسي، التي لا توجد في المغرب فقط بل وفي دول أخرى أيضاً. الفوز بهذه الجائزة كان يمكن أن يكون من نصيب مشروع آخر، لكن هذا لا يهم. ما يهم هنا هو انتشار مبادرات تسعى لتسليط الضوء على مشكلة الاستغلال الجنسي ومعالجتها. وهذا يتيح أيضاً مناقشة الظاهرة ليس في نطاق محلي فقط، بل وعلى مستوى عالمي أيضاً. هذا الفوز أتاح لنا أيضاً فرصة اللقاء بناشطين من دول أخرى، يبذلون الكثير من الجهود في القضية نفسها. وهذا هو الفوز الحقيقي بالنسبة لي.
أجرى الحوار: عماد غانم وسهام أشطو