العلاقات اليمنية الألمانية - آفاق واسعة لشراكة متميزة
١ مارس ٢٠٠٨تعد الشراكة لألمانية اليمنية نموذجا يحتذى به في العلاقات الدولية القائمة على أساس التعاون المشترك والاحترام المتبادل، لاسيما بين دولة كبيرة بحجم ألمانيا ودولة تصنف في أخر القائمة ضمن الدول الأقل نمو والأكثر فقرا في العالم. يذكر هنا أن العلاقات بين البلدين تعود إلى خمسة وثلاثين عاما خلت، حيث كانت برلين وصنعاء قد دشنتا علاقاتهما الدبلوماسية في عام 1969. ومنذ ذلك الحين أخذت هذه العلاقات تنمو وتتطور، وأخذت ألمانيا على عاتقها تقديم الدعم المالي والفني لعملية التنمية في اليمن.
"ألمانيا شريك يعتمد عليه"
وفي تقييمها لعلاقات التعاون بين برلين وصنعاء قالت آنيتا فريك، المسؤولة عن برنامج التعاون مع اليمن في دائرة الشرق الأوسط بوزارة التنمية والتعاون الاقتصادي الدولي الألمانية، إنها تسير بشكل جيد جدا، مشيرة في مقابلة مع موقعنا، إلى أن هذه العلاقات ترسخت أكثر مع مرور الزمن، بحيث أصبحت تتسم حاليا بالثقة المتبادلة والانفتاح.
وللتدليل على طبيعة الانفتاح والشفافية التي تسود علاقات البلدين قالت المسوؤلة الألمانية إن بلادها تجري حوارا سياسيا صريحا ومكثفا مع اليمن من أجل تحسين الأداء الإداري الحكومى، و ترشيد الموارد الطبيعية وكذلك رفع مستوى السياسة التعليمية والصحية في البلد. وتابعت قائلة: "اعتقد أن ألمانيا شريك نقدي لليمن، لكنه شريك يعتمد عليه بشكل كبير جدا".
التركيز على المشاريع الحيوية لعملية التنمية
باشرت ألمانيا دعمها لليمن في بداية الأمر في المساهمة في إنشاء البنى التحتية مثل المطارات والطرق والشوارع. ثم اتسعت مجالات التعاون لتشمل قطاعات مختلفة، لكنها ظلت مركزة في القطاعات الحيوية لعملية التنمية مثل مجال المياه والصرف الصحي، حيث يعد ممارسة دور في الحفاظ على الموارد المياه وضمان استمرارية التزود بها للشرب والري "على درجة عالية من الأهمية بالنسبة لنا، كون اليمن من أفقر بلدان العالم في مجال هذه الموارد"، كما تقول فريك. أما المجال المهم الأخر المهم فهو قطاع التعليم، حيث تم التركيز منذ وقت بعيد على دعم وتطوير التعليم الأساسي ثم أتسع ليشمل حاليا التعليم الإعدادي. وحظي التعليم الفني والمهني بدعم ألماني ملموس . هذا بالاضافة إلى دعم وتشجيع المشاريع الاقتصادية والخدمات الصحية، ومشاريع تنمية الريف ودعم تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا، وتشجيع الصناعات التقليدية.
دعم سخي وشراكة مميزة ضد الفقر
بلغ إجمالي المساعدات الألمانية لليمن حتى عام 1999م ما يزيد عن مليار وربع المليار مارك ألماني. وتضاعف حجم الدعم حيث احتلت ألمانيا عام 2006 المرتبة الأولى على قائمة الدول المانحة لليمن على الصعيد الثنائي والمرتبة الثانية بعد الاتحاد الأوروبي، الذي تساهم برلين من خلاله في دعم التنمية في اليمن. وحاليا تشكل ألمانيا "المانح الأهم" بعد بريطانيا، حسب المسؤولة الألمانية، حيث يبلغ حجم هذا الدعم 73 مليون رصدت للعامين 2007 و2008.
كانت برلين قد ضمت اليمن في عام 2001 ضمن أربع دول نامية على مستوى العالم إلى "برنامج الألفية الألماني" لخفض معدلات الفقر إلى النصف بحلول عام 2015.م، الأمر الذي أهل اليمن للحصول على دعم إضافي قدره 13 مليون يورو. وعند سؤالها عما إذا كانت اليمن قادرة على بلوغ أهداف الألفية في الوقت المحدد لها؛ قالت المسؤولة الألمانية أن الهدف "الوحيد" الممكن تحقيقه في هذا الجانب هو مجال التعليم الأساسي وتحديدا إلحاق الفتيات بالتعليم، بينما لن تستطيع تحقيق بقية الأهداف.
الحفاظ على التراث الإنساني وإعادة تأهيل المدن
وهناك دعم وتعاون نوعي يتمثل في الحفاظ على المدن التاريخية، إلى جانب التنقيب عن الآثار وصيانتها من قبل فرع المعهد الألماني للآثار والذي يتم تمويله من قبل الخارجية الألمانية. وفي هذا الجانب خصصت الحكومة الألمانية ميزانية لدعم جهود المحافظة على الإرث التاريخي باعتباره تراثا إنسانيا، منل ترميم مدينة شبام حضرموت التي توجد بها أقدم ناطحات سحاب في العالم مبنية من الطين، وكذلك مشروع مدينة زبيد التاريخية، حيث يتم إلى جانب الحفاظ على التراث الثقافي لهذه المدن إعادة تأهيلها اقتصاديا من خلال تنمية المجتمع المحيط وخلق فرص عمل فيها عبر فتح ورش لتدريب الفنيين والمعماريين فيها.