"العراق مُقبلٌ على صراع طائفي وإيران منشغلة بنفسها"
٢٥ سبتمبر ٢٠١٠لم تتسع القاعة الكبرى في معهد الدراسات الشرق أوسطية في مدينة ماربورغ للجمهور الغفير الذي حضر للاستماع إلى محاضرة البروفيسور الفرنسي جيل كيبل Gilles Kepel ، فقرر منظمو مؤتمر جمعية المستشرقين الألمان الانتقال إلى قاعة أوسع.
يعتبر جيل كيبل، الأستاذ في معهد باريس للدراسات السياسية، أحد أشهر المتخصصين في قضايا الشرق الأوسط والإسلام السياسي والحركات الجهادية في العالم العربي، وله مؤلفات عدة في هذا المجال. وفي محاضرته التي استغرقت أكثر من ساعة، تحدث جيل كيبل عن أسباب ظهور حركات الإسلام السياسي حيث ربط ظهورها نهاية عشرينات القرن الماضي مع القضاء على الخلافة الإسلامية. وقال إن عقد التسعينات شهد حدوث انشقاقات في الحركات الإسلامية وبروز تيارين، أحدهما معتدل يسعى إلى إقامة جسور بين الإسلام ومتطلبات العصر الحديث، ومثاله الإسلام التركي، وثانيهما تيار متطرف يدعو إلى الانفصال التام عن الغرب ويعتبر كل ما هو غربي كفرا.
دويتشه فيله التقت المفكر الفرنسي وأجرت معه الحوار التالي:
دويتشه فيله: بات تنظيم القاعدة الآن ضعيفا في العراق، هل تتوقع أن يعود إلى قوته بعد انسحاب القوات الأمريكية؟
جيل كيبل: لا أظن، أفتكر أن النضال في العراق سيكون نضالا بين الطوائف من أجل السلطة نفسها، عندنا من جهة طائفة داخل الشيعة "تلعب" مع الإيرانيين، وهذا شيء مهم جدا. وعندنا اتجاه ثان مستقل أكثر عن طهران يريد أن يلعب دورا، وهذا التيار تيار مزدوج بين بعض الشيعة وبعض السنة، إياد علاوي على سبيل المثال. وأفتكر أن تنظيم القاعدة أو أي تنظيم عسكري متطرف إرهابي سيلعب دورا هامشيا على ساحة العنف، لكن ليس له دور سياسي فعلا، مثلما حصل بعد 2003.
يبدي بعض الخبراء مخاوف من أن يصبح العراق ساحة لإيران وأن تسيطر إيران على المنطقة بعد انسحاب القوات الأمريكية، ويدور الحديث عن "هلال شيعي" ممتد من طهران إلى جنوب لبنان. هل تشاطر هذه المخاوف؟
أفتكر أننا نرى الآن في الساحة السياسية الإيرانية مشاكل كبيرة ولاسيما الصراع بين تيارين في إيران. فهناك من جهة الحرس الثوري، البزدران، وهم يساعدون نظام الرئيس أحمدي نجاد، وهو إلى حد ما في انتظار رجوع المهدي المنتظر. وهذا يعني على الساحة السياسية أنه يرفض الدور الجوهري الذي يلعبه النظام الديني، "آية الله فلان"، و"حجة الله فلان"، و"الملا فلان". وهذا الصراع داخل النظام الإسلامي بين الحرس الثوري من جهة وبين جيل الثورة، الانقلاب الإسلامي كما يقولون باللغة الفارسية، من جهة ثانية، هذا هو الصراع الأساسي الذي يؤدي إلى ضعف إيران على الساحة الإقليمية. وأنا لا أعتقد أن إيران ستكون الآن قادرة على تصدير ثورتها إلى الخارج.
هناك النموذج التركي ووصول الإسلاميين إلى السلطة، هل هذا هو شكل الحركات الإسلامية المقبل في الدول العربية تحديدا بعيدا عن العنف والإرهاب؟
إلى حد ما، أفتكر مثلا أن النموذج التركي موجود في وسط الأفكار السياسية ضمن مثلا الإخوان المسلمون في مصر، وهناك مثال في الكويت، الإخوان و السلفيون يشاركون في البرلمان الكويتي. هذا سيكون جزءا من الساحة السياسية في الشرق الأوسط في المستقبل القريب. وحتى الآن عندنا في لبنان الدور الكبير الذي يلعبه حزب الله في البرلمان وحتى في أنظمة الشرطة والنظام اللبناني.
سؤال أخير عن المسلمين في أوروبا، كيف سيكون مستقبلهم؟
أفتكر يوجد إمكانيات كبيرة لمسلمي أوروبا للتنمية الشخصية. عندهم فرص للحياة الاجتماعية التي لا توجد في كثير من بلدان العالم الإسلامي، وهذا سبب وجود كثير من المسلمين في أوروبا. ونرى الآن حركة التوطين، يعني كثير من المسلمين في أوروبا صاروا مواطنين أوروبيين عندهم بعض الآراء والأفكار الخاصة بهم على الساحة السياسة الأوروبية، ولكنهم سيلعبون دورا في أوروبا كمواطنين أوروبيين. هذا ما أعتقد ما سيكون عليه مستقبل هذه القضية.
أجرى الحوار: عبد الرحمن عثمان
مراجعة: طارق أنكاي