العالم يودع الملكة إليزابيث الثانية في جنازة مهيبة
١٩ سبتمبر ٢٠٢٢وُوري جثمان الملكة إليزابيث الثانية الثرى إلى جوار زوجها في المدافن الملكية اليوم الاثنين (19 سبتمبر/ أيلول 2022) في نهاية يوم ودعت فيه بريطانيا والعالم الملكة الأطول جلوسا على عرش المملكة المتحدة في مراسم جنائزية مهيبة.
وقبيل ذلك كسر كبير أمناء البلاط عصاه ليضعها على النعش في خطوة رمزية للدلالة على انتهاء عهدها. كما ترك ملك بريطانيا تشارلز الثالث رسالة قصيرة ورقيقة بخط اليد فوق نعش والدته أثناء جنازتها. ووفقا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، كتب تشارلز في الرسالة: "في الذاكرة المحبة والمخلصة".
وجرى إنزال نعش ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية إلى القبو الملكي في كنيسة القديس جورج، في وندسور. ومع إنزال نعش الملكة، تلا عميد وندسور المزمور 103، الذي يتضمن الجملة التقليدية "اذهبي في رحلتك من هذا العالم، أيتها الروح المسيحية".
وانتهت المراسم مع عزف مقطوعة لرثاء الملكة من عازف المزمار الخاص بها أثناء تحركه من الكنيسة إلى دير العميد. وأنهى رئيس أساقفة كانتربري المراسم بصلاة قبل أن يغني المجتمعون النشيد الوطني.
وعلى مدى عدد من السنوات، شاركت الملكة في مناقشات حول ترتيب القداس في جنازتها، للموافقة على اختيار الصلوات والترانيم وغيرها من الموسيقى المصاحبة.
وكان الملك تشارلز ونجلاه الأميران وليام وهاري وكبار أفراد العائلة المالكة قد بدأوا موكبا مهيبا خلف نعش الملكة إليزابيث وسط صمت ساد شوارع لندن اليوم، بعد ختام جنازة رسمية أقيمت في كنيسة وستمنستر آبي.
ارتسمت الكآبة والشحوب على وجوه أقرب أقارب الملكة الراحلة إليزابيث وهم يتبعون نعشها إلى كنيسة وستمنستر في بداية مراسم جنازتها، وهي مراسم مرتبة ومصممة بدقة عالية. وتألف الصف الأول وراء النعش، الذي وضع على عربة مدفع يجرها جنود من البحرية الملكية من قاعة وستمنستر القريبة إلى الكنيسة، من الملك تشارلز الابن الأكبر للملكة الراحلة وباقي أشقائه الأميرة آن والأميرين آندرو وإدوارد.
ووراءهم جاء الأميران وليام وهاري نجلا الملك تشارلز، وأفراد بارزون آخرون من العائلة المالكة وظهرت جليا على وجوههم مشاعر التأثر في هذه اللحظة المهيبة. وتوجه الملك تشارلز ووريث العرش ابنه الأمير وليام للقاعة معا في عربة ملكية واستُقبلا بالتهليل والتصفيق من حشود المعزين والمشيعين الذين ملأوا شوارع وسط لندن للمشاركة في مراسم اليوم.
لكن الصمت خيم تماما على الجميع لحظة خروج نعش الملكة وسار أفراد العائلة الملكية على صوت المزامير وقرع الأجراس. وحيا الملك تشارلز والأميرة آن والأميران إدوارد ووليام، وجميعهم يرتدون الزي الرسمي العسكري الملكي، النعش وهو يُرفع عن عربة المدفعية أمام الكنيسة. أما الأميران آندرو وهاري، اللذان لم يعودا من الأفراد العاملين في العائلة الملكية، فقد ارتديا سترتي حداد ولم يقوما بالتحية رغم خدمتهما من قبل في مناطق صراع مثل جزر فوكلاند وأفغانستان.
وبداخل الكنيسة، كانت تنتظر كاميلا عقيلة الملك الجالس على العرش، وكيت زوجة الأمير وليام وطفلاهما جورج (تسع سنوات) وتشارلوت (سبع سنوات) وكذلك ميغان زوجة الأمير هاري. وتبع أفراد العائلة المالكة النعش على طول ممشى الكنيسة وأظهرت لقطات تلفزيونية مقربة لوجوههم الحزن والأسى الظاهرين.
وفي مراسم اتسمت بالأبهة، نقل النعش المغطى بالعلم في أول جنازة رسمية في البلاد منذ عام 1965، عندما أقيمت جنازة ونستون تشرشل. واصطف عشرات الآلاف في الشوارع لمشاهدة مرور نعش الملكة من قاعة وستمنستر التاريخية حيث ظل مسجى لأيام إلى كنيسة وستمنستر القريبة. وساد الصمت متنزه هايد بارك القريب أيضا في لندن، حيث التزم آلاف الأشخاص، الذين انتظروا وتجاذبوا أطراف الحديث لساعات، السكوت لحظة ظهور نعش الملكة على الشاشات التي وضعت في المتنزه. وحضر المراسم نحو ألفي شخص من بينهم نحو 500 من رؤساء دول العالم ورؤساء الحكومات وأفراد العائلات المالكة الأجنبية وشخصيات بارزة من بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة فرنسا وكندا وأستراليا والصين وباكستان.
وكان بايدن قد نعى الملكة التي رحلت عن عمر ناهز 96 عاما بعدما قضت أطول فترة بين ملوك بريطانيا على العرش وتمتعت باحترام على مستوى العالم بأسره تقريبا لخدمتها لبلادها. وقال بايدن "كنتم محظوظين بوجودها لمدة 70 عاما... وكذلك كنا جميعا".
ووسط الحشود التي توافدت من أنحاء بريطانيا ومن خارجها، تسلق البعض أعمدة الإنارة ووقفوا على الحواجز لإلقاء نظرة على الموكب الملكي. وشاهد ملايين آخرون عبر شاشات التلفزيون في منازلهم الجنازة اليوم، والذي أعلن عطلة رسمية. ولم يسبق بث جنازة لملك بريطاني على التلفزيون من قبل.
دقيقتان من الصمت
انتهت الجنازة بصمت شهدته الكنيسة والأمة لمدة دقيقتين. وبعد ذلك، بدأ نقل النعش مجددا عبر وسط لندن، حيث سيمر بمقر الملكة الرسمي قصر بكنغهام، إلى قوس ولينغتون في هايد بارك كورنر، حيث يتبعه الملك تشارلز وأفراد العائلة المالكة مرة أخرى سيرا على الأقدام لمسافة 2.4 كيلومتر. ومن هناك، يتم نقله إلى قلعة وندسور غرب لندن، حيث يقام قداس في كنيسة سانت جورج.
وسيتم بعد ذلك إنزال النعش في القبو الملكي، وفي وقت لاحق من المساء، في مراسم عائلية خاصة، يتم دفن نعش إليزابيث وزوجها لأكثر من 70 عاما الأمير فيليب، الذي توفي العام الماضي عن 99 عاما، معا في مقصورة الملك جورج السادس، حيث دفن والداها وشقيقتها.
ألمانيا تنكس الأعلام حدادا على وفاة الملكة إليزابيث الثانية
ونكست ألمانيا الأعلام الاثنين بالتزامن مع مراسم الجنازة الرسمية لملكة بريطانيا إليزابيث الثانية. وأصدرت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر أمرا بتنكيس الأعلام في جميع الهيئات الاتحادية، حسبما أعلنت وزارتها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" اليوم. وأرفقت الوزارة التغريدة بهاشتاغ RestInPeace (ارقدي في سلام).
كما أمرت العديد من الولايات الألمانية بتنكيس الأعلام في هيئات الولايات والعديد من إدارات المدن. وتوفيت الملكة قبل حوالي أسبوع ونصف بعد حكم دام حوالي 70 عاما.
ز.أ.ب/هـ.د (رويترز، د ب أ، أ ف ب)