كورونا تضع المغتربين في الكويت في مواجهة خيار وحيد
٢٥ يوليو ٢٠٢٠بعد أن حطوا رحالهم من الهند إلى الكويت قبل خمس عشر عاماً، أخذ أجيث كومار وزوجته وأولاده يدعون الكويت بأنها إلى حد ما "وطنهم الثاني". بيد أن مشروع قرار جديد للحكومة الكويتية بتخفيض نسبة العمال الأجانب من 70 بالمئة إلى ثلاثين بالمئة من عدد السكان، البالغ 4.4 مليون إنسان، أدخل القلق في نفسه وفي نفوس الكثير من المغتربين وجعلهم في مواجهة المجهول. "إن لم يبقَ غير خيار الرحيل، سنرجع إلى بلدنا"، يقول كومار في تصريح لـ DW.
في تصريح لـ DW ذكر المهندس المدني المصري أحمد خميس أنه "منذ نيسان/ أبريل تراجعت فرص العمل إلى حد كبير". ويتابع المهندس الذي يعيش في البلد الخليجي منذ ست سنوات: "المصريون حزينون، لأن الحكومة أخذت بوضع الخطط لتقليل عدد العمالة الوافد بعد أن حلت كورونا. وضعنا حرج؛ يجب أن يؤخذ كل فرد بعين الاعتبار في ظل جائحة كورونا لا أن يتم تخفيض الأعداد".
في حين لا يعرف إلا القليل عن مضمون مشروع القانون حتى الآن، ذكرت وسائل إعلام محلية أن حوالي 1.5 مليون مغترب قد يغادرون مع نهاية العام الجاري.
"تداعيات كارثية"
مهما يكن من الأمر، لا يتوقع الكثيرون أن تحدث التغيرات بسرعة كبيرة. "عجلات البيروقراطية في السياسة الكويتية تسير بشكل بطئء، وهذا ينطبق بشكل خاص على إصلاحات قانون العمل. لن يحدث تغير ديمغرافي كبير على الفور"، يقول روبرت موغيلنيكي الباحث المقيم في "معهد دول الخليج العربية" الذي مركزه واشنطن في تصريح لـ DW.
في عام 2018، كشفت وسائل إعلام محلية عن خطط حكومية لتقليل عدد المغتربين بحوالي 1.5 مليون على مدار سبع سنوات. وفي العام اللاحق تم الحديث عن مقترح مشابه.
"الأمر ليس بالجديد؛ بين الحين والآخر يجري الحديث في الرأي العام الكويتي عن هذا الموضوع"، يقول علي محمد الباحث في منظمة المجتمع المدني Migrant-Rights.org. يشكل الهنود ما نسبته ربع القوة العاملة في القطاع الخاص الكويتي. وتظهر إحصاءات أن 70 بالمئة من العمل الخاص قد أغلق أو أصبح "على شفير الهاوية". إذا غادر الهنود سيكون ذلك "كارثياً"، إذ ان الكثير من الكويتيين لا يرغبون بالقيام بالأعمال التي يؤديها الوافدون، على حد تعبير علي محمد.
وتوقع صندوق النقد الدولي انكماش اقتصاديات دول الخليج بنسبة 7.6 بالمئة هذا العام ووصف خبراء اللحظة الحالية بأنها نقطة "تحول" تاريخية. لن يكون بوسع دول الخليج المعتمدة على أسعار البترول المتهاوية أن تقدم خدمات الرفاه لشعوبها، ومن هنا فهي تحاول دفعهم باتجاه القطاع الخاص وإجبار العمالة الوافدة على المغادرة.
رئيس مجلس الأمة (البرلمان) مرزوق الغانم قال في أوائل هذا الشهر إن أي تغيرات يجب أن تتم بالتدريج، دون الإشارة إلى حصص (كوتات) خاصة بكل جنسية. وأشار الغانم إلى ضرورة تقليل اعداد العمال غير المهرة، حسب ما نقلت عنه "كويت تايمز" التي تصدر باللغة الإنكليزية.
"كلنا نعرف أن تطبيق ذلك سيستغرق وقتاً. لن يحدث ذلك دفعة واحدة، بل ببطء"، يقول الوافد الهندي أجيث كومار.
الأحكام المسبقة
جاء مشروع القرار في وقت يتزايد فيه التمييز ضد الأجانب. "بالنظر إلى البيئة السياسية الآن حيث يشهد البلد تراجع اقتصادي، يبحث المرء عن الآخر لإلقاء اللوم عليه، وخاصة في أوقات الانتخابات"، يقول علي محمد.
في نيسان/ أبريل الماضي دعت الممثلة الكويتية الشهيرة حياة الفهد إلى ترحيل المصابين بكورونا من الأجانب أو نقلهم في الصحراء.
وفي أيار/مايو هاجمت مؤثرة كويتية على وسائل التواصل المصريين في الكويت قائلة إنهم تم إحضارهم للكويت لـ"يخدموا" الكويتيين ومن ثم المغادرة.
رحلة بلا عودة
شقت بعض التغيرات طريقها وغادر أكثر من 100 ألف مغترب بسبب كورونا، حسب وسائل إعلام محلية.
على مدار سنوات عملت الكويت على تخفيض عدد العاملين الأجانب في القطاع العام. في أوائل الشهر الجاري أعلن مسؤولون عن أنه لن يتم توظيف أجانب في "شركة نفط الكويت"، وهي الشركة الوطنية في هذا المضمار.
وهذا الأسبوع قدم عضو برلمان مقترحاً بعدم منح تصريح إقامة لمن يفوق الستين من عمره من الوافدين. وفي الأسبوع الماضي أعلن مسؤولون أن 40 ألف مغترب موجودين بشكل مؤقت في الخارج سيتعين عليهم التقديم على تأشيرة جديدة.
"كل يوم يغادر الكويت أكثر من 2000 مصري. تستطيع شراء تذكرة، غير أنها تذكرة ذهاب بلا رجعة"، يقول المهندس المصري أحمد خميس.
توم أليسون/خ.س