السيد زاراتسين: تصريحاتك تهدم الإندماج!
٣٠ أغسطس ٢٠١٠السيد زاراتسين المحترم،
تصريحاتكم الأخيرة جرحتني شخصيا، وأثارت النفور والاشمئزاز والفزع لدي. وأشعر شخصيا بالإهانة من قبل رجل لا أعرفه اطلاقا. فأنك تقول إن العرب وأصدقاءنا الأتراك في ألمانيا لا يؤدون وظيفة منتجة في المجتمع ولا يصلحون سوى لبيع الخضار والفواكه، وتستخدم، في هذا السياق، مصطلحات التأثيرات الوراثية السلبية، إنما يعبر ذلك عن كراهية عميقة لهذه الشريحة من السكان. وهو مصطلح يرفض المجتمع الألماني استخدامه بسبب تداوله المكثف في الماضي من قبل النظام النازي. وبودي ان أتحدث اليك مباشرة، في خلوة مع تناولنا فنجان من القهوة الألمانية أو العربية، لأوضح لك عكس ما تدعي. ولعله من المفيد ان أبدأ بهذا التوضيح في السطور التالية:
تصريحات مكررة
إنها ليست المرة الاولى التي استمع فيها الى تصريحات عنصرية من هذا النوع خلال فترة اقامتي في المانيا والتي تمتد لأكثر من 36 عاما. وللأسف تعرضت للاساءة بمثل هذه التصريحات مرات عديدة كما تحملت انا وعائلتي تداعيات مثل هذه المواقف العنصرية.وسألت نفسي وأنا أقرا تصريحاتك الأخيرة بالاضافة الى قراءة مقتطفات من كتابك الجديد الذي يحمل عنوان "ألمانيا تلغي نفسها، وكيف نغامر بمستقبل بلادنا"، ما هو الجرم الذي ارتكبته بنظرك كي استحق مثل هذه الأحكام الجائرة من طرفك ومن قبل أمثالك؟
هل تعتقد انه كان خطأ أن أبذل جهودا مضنية من أجل تعلم اللغة الألمانية، بشكل استطيع فيه اليوم ان أقرا في كتابك حتى ما بين السطور؟ أم تعتقد أن جرمي يكمن في عملي في رعاية الشباب ولسنوات عديدة في منطقة تكتظ بالمهاجرين في برلين، حيث ركزت اهتمامي على الشبيبة الضائعة في الشوارع ووفرت لهم الفرصة والأجواء لإتمام دارساتهم وحصولهم على تأهيل مهني؟
هل يهمك، أيها السيد زارتسين، أن تعرف مصير هؤلاء الشباب؟ لقد أنجز معظمهم مسيرتهم المهنية وانتقلوا الى ميدان العمل ويتحملون اليوم مسؤولية عائلات في ألمانيا.كما ان البعض منهم نجح في تأسيس شركات صغيرة، ويعملون لحسابهم الشخصي.
لقد كانوا جمعيا أطفالا يعيشون في ظل ظروف عائلية قاسية، ولا يملكون آفاقا مستقبيلة، لكنهم نجحوا في تجاوز ظروفهم الصعبة وحققوا طفرة في حياتهم الشخصية.والآن تأتي تصريحاتك العنصرية الأخيرة لتضر بكل الجهود المبذولة من أجل دمج المهاجرين في المجتمع.
تصريحات لاتعبر عن رأي الأغلبية
انك، أيها السيد زارتسين، تتصرف وكأنك تعبر عن رأي من لا يبوح بمواقفه علنا لأسباب أخلاقية أو لإعتبارات سياسية.لكنني اعتقد أنك تنظر الى الناس من مكتبك في برجك العالي بالمنظار وتطلق عليهم أحكاما قاسية.ولكن دعني أسألك:هل تمكنت من خلال منصبك المصرفي بتوفير قروض ميسرة لأبناء المهاجرين كي يؤسسوا مشاريع صغيرة تخلق لهم ولعائلاتهم فرص؟ لم أسمع منك شيئا من هذا القبيل!
فكل ما أعرفه عنك هو أن كتاباتك المسيئة، وكما قالت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، لا تقسم المجتمع فحسب، بل تحبط جهود كل من يعمل من أجل نجاح سياسة الإندماج في المجتمع.
لنتحدث عن المشاكل بصراحة وجرأة
أرجوا أن لا تسيء فهمي، فأنا ايضا اؤيد الحوار الصريح والشفاف عن المشاكل الواقعية في المجتمع ولا اريد أن أغض الطرف عنها أوالتقليل من شأنها.ولكن وفي المقابل، فإن الحكم على الأقليات والمجموعات الاجتماعية والاثنية بشكل عام لا يخدم قضية الاندماج ايضا، كما تفعل أنت.لان ذلك يجعل عملية الإندماج أصعب.
وأسألك صراحة: أين هي مقترحاتك لحل المشاكل القائمة في المجتمع؟
وكيف تريد ان توفر لأفراد المجتمع، سواء أكانوا من أصول مهاجرة ام لا، فرص تنظيم حياتهم بشكل يعزز مسؤولياتهم في المجتمع؟ هذا ما انتظره منك.والا فسأعتبر كل أقوالك، وأرجوا ان تسمح لي بقول ذلك، تدخل في مجال الشعوبية والدعاية الرخيصتين.
مع فائق تحياتي
حسن ع. حسين
مراجعة: منصف السليمي