السياسات الزراعية الأوروبية تساهم في تفاقم أزمة الغذاء العالمية
٢٥ أبريل ٢٠٠٨وسط الجدل الذي يدور حالياً في ألمانيا خاصة والغرب عموماً حول أسباب نقص الأغذية وارتفاع أسعارها في العالم، يتم التركيز على تغير العادات الغذائية لدى الصينيين والهنود. ويشمل هذا التغير توجه سكانها نحو استهلاك مزيد من منتجات الحليب واللحوم. ويلفت النظر بروز التركيز المذكور في خطب سياسيين غربيين أمثال المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي صرحت قبل أيام بأن استهلاك الصينيين المتزايد للحليب يؤدي إلى نقصه في الأسواق.
غير أن المستشارة التي تعد في مقدمة السياسيين الغربيين المتحمسين لإنتاج الوقود الحيوي، لم تذكر أيضاً بأن هذا الإنتاج يساهم ربما في ارتفاع الأسعار بشكل أكبر من مساهمة زيادة الطلب الصيني. ولا يبرز السياسيون الغربيون أيضاً الدور الذي تلعبه سياسة الاتحاد الأوروبي في هذا الارتفاع.
السياسات الزراعية الأوروبية قلصت الإنتاج الزراعي في الدول النامية
منذ عقود طويلة تدعم حكومات دول الاتحاد الأوروبي إنتاجها الزراعي عن طريق دفع علاوات وتعويضات مباشرة للمزارعين بعدة مليارات من اليورو سنوياً، على سبيل المثال بلغت قيمتها 5.6 مليار يورو عام 2000. ويؤدي هذا الدعم إلى خلق فوائض زراعية أوروبية ضخمة يتم تصدير قسم منها إلى البلدان النامية بأسعار أقل من تكاليف إنتاجها الفعلية. وهو الأمر الذي أدى إلى منافسة الإنتاج الزراعي في هذه البلدان بشكل أدى إلى تقليصه، وإلى اعتمادها على الاستيراد من أوروبا والولايات المتحدة. على سبيل المثال يتراوح إنتاج لتر الحليب في البلدان المذكورة بين 35 إلى 50 سنتاًَ في حين يصل إليها سعر اللتر المدعوم بحدود 30 سنتا من دول الاتحاد الأوروبي.
والآن ومع تضاعف أسعار النفط في أقل من 4 سنوات، يزداد توجه الدول الغربية والولايات المتحدة والبرازيل إلى الفوائض الزراعية لتصنيع الوقود الحيوي بدلا من تصديرها إلى الدول التي تعاني من النقص في إنتاج الأغذية. هذا التوجه أدى إلى حدوث نقص كبير في عرض الأغذية مع العلم بأن الطلب ازداد عليها، وهذا ما قاد بدوره إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني دفع إلى حدوث مظاهرات وصدامات دموية في أكثر من دولة بينها مصر.
وعلى ضوء ذلك حذرت العديد من المنظمات الدولية مؤخراً من مخاطر حدوث كوارث جوع في المزيد من الدول إذا لم يتم التوقف عن إنتاج الوقود الحيوي ودعم الزراعة في البلدان النامية بشكل فوري.
أوروبا تربط وقف دعمها للإنتاج الزراعي بسياسة واشنطن
يتطلب دعم الزراعة في البلدان النامية قبل كل شيء وقف دعم الإنتاج الزراعي الحكومي من قبل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي حال توقفه سيتمكن المزارعون في البلدان المذكورة من بيع منتجاتهم في الأسواق المحلية والخارجية بأسعار تغطي تكلفة الإنتاج وتترك هامشا للربح. وهو الأمر الذي سينعش القطاع الزراعي فيها، ويساعد على تخفيف حدة نقص الأغذية خلال بضع سنوات.
من جهته يريد الاتحاد الأوروبي وقف هذا الدعم بحلول عام 2013. وهو الأمر الذي أكدته مجددا مسئولة الزراعة في المفوضية الأوروبية ماريانا فيشر. لكن الأخيرة ربطت ذلك بقيام الولايات المتحدة بتخفيف دعمها للصادرات الزراعية. وعليه فإن الشكوك تتزايد في إمكانية تنفيذ التوجه الأوروبي، لاسيما وأن الولايات المتحدة لا تبدى اهتماما بهذا الأمر إلى حد كبير. أما الدول النامية تدعمها الكثير من المنظمات الدولية فتطلب بوقف فوري لهذا الدعم لأن الأوان قد يفوت في وقت لاحق. وتطالب الكثير من المنظمات وفي مقدمتها منظمة الأغذية والزراعة العالمية بتوقف الدول الصناعية أيضاً عن تصنيع إنتاج الوقود الحيوي على حساب توفير الغذاء لمئات الملايين الذين يعانون من الجوع في العالم.