كيف يصبح الريف الألماني "نقطة جذب" للعمالة الأجنبية؟
٤ أكتوبر ٢٠٢٣عندما يزور أي سائح قلعة روزنشتاين التي بُنيت بين عامي 1822 و 1830 على صخرة كبيرة ويستمع بالمنظر الخلاب لبلدة هويباخ، فمن الصعب أن يبادر إلى الذهن أن هذه المنطقة تعد معقلا للشركات الصناعية والهندسية فيما يرجع ذلك إلى ما تزخر به من حقول وغابات ومناظر طبيعية مع قلة في عدد التجمعات السكانية.
ويعد المهندس الهندي كونجان باتل البالغ من العمر 30 عاما من بين المهندسين الذين وجدوا منطقة شرق فورتمبيرغ بولاية بادن فورتمبيرغ نقطة جذب بشكل كبير للبدء في فصل جديد من حياتهم في ألمانيا.
وفي مقابلة مع DW، قال باتل "هذه منطقة تعد نقطة جذب للمهندسين حيث توجد العديد من الشركات المثيرة للاهتمام فيما تمتاز كل شركة بأسلوبها الخاص بها."
رغم أن مساحتها تبلغ ضعف مساحة برلين، إلا أن التعداد السكاني لمنطقة شرق فورتمبيرغ لا يتجاوز 450 ألف شخص.
ورغم صغر تعداد سكانها، إلا أن المنطقة تفتخر بتواجد العديد من الشركات الناجحة من بينها أكثر من 300 شركة في مجال صناعة الأدوات والهندسة الميكانيكية وهندسة المصانع.
وبفضل هذا التواجد الصناعي والهندسي، لا تعد شرق فورتمبيرغ منطقة ريفية فحسب وإنما أيضا منطقة ذات أهمية اقتصادية كبيرة.
وبحسب البيانات الرسمية، فإن المناطق الريفية في ألمانيا تساهم في حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد والذي بلغ حوالي 3.9 تريليون يورو (4.1 تريليون دولار) العام الماضي.
بيد أن المناطق الريفية في ألمانيا تواجه إشكالية مع انتقال الشباب صوب المدن مع تسارع معدل شيخوخة سكان الريف مقارنة بالمناطق الحضرية.
وعلى وقع ذلك، تواجه المناطق الريفية تحديا في جذب العمالة الأجنبية حيث يفتقد العمال المهاجرون إلى الروابط الأسرية التي تدفع الألمان إلى العيش في المناطق الريفية فضلا عن تردد العمالة الماهرة في الانتقال إلى المناطق الريفية بسبب خوفهم من نقص فرص العمل أو الصعوبة في التأقلم والاندماج داخل المجتمعات الريفية المحافظة.
دور الجامعات
ورغم ذلك، وجد المهندس الهندي كونجان باتل ضالته في العمل في شركة Richter Lighting Technologies المتخصصة في إنتاج أنظمة الإضاءة المتطورة وتتخذ من هويباخ مقرا لها حيث تمتلك أكثر من مئة موظف من 34 دولة.
ويعود تاريخ انضمام باتيل إلى الشركة إلى عام 2019 فيما يرجع الفضل في ذلك إلى زيارة قام بها مجموعة من الطلاب الأجانب في جامعة آلين إلى الشركة.
وفي ذلك، قال ماركوس شميد، العضو في غرفة التجارة والصناعة في شرق فورتمبيرغ، إن إقناع الطلاب الأجانب بالبقاء في هذه المنطقة بعد انتهاء دراستهم الجامعية يعد أحد أكثر الطرق فعالية لجذب الخريجين الأجانب خاصة وأن الشركات الصغيرة والمتوسطة ليس لديها إمكانيات إعلانية كبيرة لجذب الخريجين من خارج البلاد.
لكن هذا لا يمثل مشكلة بالنسبة للشركات العالمية الكبرى التي تتواجد في منطقة شرق فورتمبيرغ حيث يمكنها تحمل تكاليف حملات التوظيف الكبيرة وتمتلك سمعة جيدة على المستوى العالمي.
وفي مقابلة مع DW، قال جورج فون إرفا، رئيس قسم الموارد البشرية في شركة زايس الرائدة في مجال البصريات ومقرها في شرق فورتمبيرغ، إنه الوقت الحالي "يمكننا تلبية احتياجاتنا من العمالة الماهرة وذلك بفضل أنشطتنا في سوق العمل العالمية".
تحديات تواجه الشركات الصغيرة
لكن مع قلة الموادر، واجه بيرند ريختر، رئيس شركة Richter Lighting Technologies، تحديا في جذب عمالة جديدة بل والاحتفاظ بالعمالة الحالية فيما سعى بكل جهد إلى تحقيق ذلك أحيانا من خلال مبادرات شخصية منها أنه يستضيف بعض الموظفين الجدد في منزله.
وشدد على أن نهجه في التوظيف يقوم على "عدم استبعاد أي شيء على الإطلاق"، مضيفا أن اتقان اللغة الألمانية ليس معيارا حاسما إذ أن اللغة الانجليزية هي لغة العمل الرسمية في المصنع وهو الأمر الذي ساعد كونجان باتيل على التأقلم في العمل حيث كان تعلم اللغة الألمانية التحدي الأكبر له في العيش في المانيا.
ورغم ذلك، تتيح الشركة للموظفين غير الألمان حضور دروس مجانية في اللغة الألمانية.
وعلى الصعيد الرسمي، قال عمدة هيوباخ، جوي أليمازونغ، إنه يرغب في أن يشعر العمال الأجانب بكونهم جزءا لا يتجزأ من البلدة.
وفي مقابلة مع DW، أضاف "إذا لم يشعر أي شخص بكونه مختلفا عندما يتحدث معي، فإن هذا سوف يشعره وكأنه في بيته،" مضيفا أن المناطق الريفية تمتاز بالروابط المجتمعية القوية وهو ما قد يساعد في تعزيز قبول المهاجرين بفضل أنها توفر للمهاجرين والسكان فرصة الاندماج.
وأعرب كونجان باتيل عن سعادته بنمط الحياة الذي تمتاز به منطقة شرق فورتمبيرغ، قائلا "الحياة الاجتماعية هنا جيدة مع وجود العديد من الفعاليات داخل وخارج العمل. أنا أحب الصيف هنا".
فيليب بوبنهايمر – هويباخ ولاية بادن فورتمبيرغ / م. ع