الدولة الكردية المستقلة بين الطموح والواقع!
١٠ أكتوبر ٢٠١٤ككردي.. لدي عيد واحد فقط.. عيد نوروز.. وإنشاء الله قريباً سأحتفل بعيد الاستقلال"، بهذه الكلمات أجاب الناشط الكردي ميلاد بكو (بائع أجهزة الجوال، 28 عام) عند مباركته بعيد الأضحى الذي يحتفل به المسلمون بكل أنحاء الأرض.
يقول ميلاد لـDW عربية: "ليس لغز بل هي الحقيقة الثابتة التي لم تقبل التطبيق سابقاً، أما الآن فيمكن أن تحدث في الجنوب(كردستان العراق) ويمكن أن تحدث في أي مكان يسكنه الأكراد... دولة كردستان مطلبنا".
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، يؤكد مراراً أن الاستقلال "حق طبيعي" لشعب الإقليم و"لا ينبغي إخفاؤه"، في حين يبيّن عدم إمكانية بقاء الكرد "رهينة مستقبل مجهول"، هذه التهديدات تأتي كلما زادت المشاكل بين بغداد وأربيل.
النضال الكردي كان يهدف دائما لبناء الدولة الكردية
النائب الكردي في البرلمان العراقي د. شيركو منكوري أكد أن كل النضال الكردي كان يهدف إلى "بناء الدولة الكردية"، ولكن تضارب الوجهات السياسية في كل المواقع التي يتواجد بها الأكراد واختلاف المطالب بحسب المراحل التي مرَّ بها الكفاح الكردي، حال دون ذلك، مشيراً إلى إن أكراد العراق طالبوا بالحكم الذاتي ليتبنوا أخيراً الفيدرالية.
ولم ينفي دكتور الإعلام منكوري حق الأكراد في تقرير مصيرهم، مؤكداً أنه حق لكل أمة تعيش على الأرض، وقال لـ DW عربية: "السياسة الداخلية والإقليمية والدولية لا تساعد هكذا طرح أو توجه، ولكن مسألة الاستقلال تبقى مسألة وطنية"، لافتاً إلى إن أكراد العراق بعد انهيار النظام البعثي، اختاروا بإرادتهم أن يكونوا جزءاً من العراق الذي يتعايش فيه كل المكونات.
وأشار منكوري إلى إن الانفصال يبقى حلم لكل كردي وفي هذه المرحلة "يتوجب علينا بناء أرضية قوية والاستعداد الجماهيري والعقلي والاجتماعي لهذا المطلب".
القادة الكرد يرغبون بتسجيل اسمائهم في التاريخ
المحلل السياسي هفال زاخولي رئيس تحرير صحيفة "الأهالي الليبرالية" تحدث لـ DW عربية عن انفصال كردستان العراق أو إعلان الدولة الكردية في الجزء الجنوبي من كردستان الكبرى بشكل بعيد عن النمطية والكلاسيكية القديمة قائلاً: " البيت السياسي الكردي غير منضبط وهو ممزق من الداخل، الكرد حالياً في حالة حرب مع "داعش"، إلا إن الخطاب الإعلامي والسياسي للأحزاب الكردستانية المتمثلة بالإتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني) والديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني) والعمال الكردستاني (برئاسة المعتقل الكردي في السجون التركية عبد الله أوجلان)، الخطاب مختلف في شعاراته، وهناك حالة من عدم التفاهم بين تلك الأحزاب".
زاخولي أشار إلى وجود صراع زعامات والإدارة بعقلية الإقطاع السياسي أكثر من العقلية المدنية الساعية لرص الصفوف، مبدياً أسفه على أن وحدة الشعب الكردي يقابلها تمزق المواقف السياسية، لأن الأحزاب السياسية ترتكب الأخطاء وتحول دون إقامة الدولة الكردية التي هي حلم للشعب والأمة الكردية.
واعتبر زاخولي إن التنافس السلمي بين الأحزاب السياسية أمر مشروع، ولكنه لفت إلى مسألة المزايدات خاصةً في حالة الحرب هذه وفي ملف إدارة المهجرين الأكراد على حساب القضية الكردية، مؤكداً إن تلك المزايدات تؤثر على المواقف الدولية في تأييدها لإعلان الاستقلال، واصفاً إياها بالعامل الموضوعي الإقليمي والدولي حيال مشروع الدولة الكردية.
واعتبر زاخولي إن القادة الأكراد عند تجرؤهم بالبوح بانفصال كردستان، فأنهم في أعماقهم وفي لا وعيهم يرغبون بتسجيل اسمهم في التاريخ كزعماء مؤسسين للدولة الكردية.
التفرغ للقتال حالياً
من جهته أكد النائب السابق في البرلمان العراقي محما خليل في حديثه لـDW عربية، إن الكرد حالياً متفرغون لقتال أكبر التنظيمات الإرهابية في العالم، مشيراً إلى حق الشعب الكردي بالمطالبة بكيان مستقل وتقرير المصير، خاصةً في ظل السياسات الفاشلة من قبل كل الحكومات التي حكمت الأكراد، والتي سببت للعراق بشكل عام خسارة كبيرة، على حد تعبيره.
واشترط خليل عدم لجوء الأكراد إلى تقرير مصيرهم التزام الحكومة الحالية بالدستور، وعدم سلوك نهج رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ذاته، مؤكداً إن الشعب الكردي يحترم النظام ودولة المؤسسات ويرغب بعراق المواطنة.
ويضيف خليل إن الأكراد يدافعون اليوم عن أماكن تواجد القومية وبقية الأقليات سواء الإيزيدية والكاكائية والمسيحية، والأهم في الوقت الحالي استرجاع المناطق المحتلة من "داعش"، واستعادة حقوق الأهالي وتحرير الأسرى. وأشار النائب الإيزيدي إن مقومات بناء الدولة الكردية قائمة، إلا إن المعطيات العالمية معقدة، والوضع العراقي شائك، ليستدرك بعدها "لن نتنازل عن حقنا الدستوري والقانوني و"السماوي" أيضاً في الاستقلال".
الأقليات وانفصال كردستان
يفكر جرجس (شاب مسيحي 32 عام) قبل الإجابة عن رأيه بانفصال إقليم كردستان، ويقول لـDW عربية: "في الوقت الحاضر.. وفي ظل كل هذه المشاكل المحيطة، نعم أفضل استقلال الإقليم"، مشيداً بجهود كردستان باستقبال أهله المسيحيين وكأنهم أبناء كردستان، وقيامها بأكثر من واجبها في مساعدتهم واحتضانهم. ويضيف جرجس أنه في ظل بقاء الحكومة العراقية ضعيفة أمام "داعش"، فإن الأقليات ترغب بالانفصال والانضمام إلى إقليم كردستان، مبدياً أسفه على دولة العراق التي كان يراها أقوى.
بينما يمعن الشاب الإيزيدي النظر حوله، وفضل عدم الكشف عن اسمه، وقال لـDW عربية: "الكل هنا يقاتل الكل، والجميع يرغبون التوسع على حسابنا، والكل يبرر لنا أنه حامي للأقليات، وبالنهاية لا يريدوننا بينهم، كونهم يهدفون إلى جعل المناطق ذات لون واحد فقط، لون واحد يسود، ولا مكان للتعدد والتعايش، أنا راغب بالهجرة باختياري، أفضل من تهجيري القسري غداً".