الخليج على وقع طبول الحرب ـ فما موقع الصين في الأزمة؟
١٨ سبتمبر ٢٠١٩اتهامات قوية من الرياض باتجاه طهران، إذ على ما يبدو استُخدمت في الهجمات على منشأتي النفط في السعودية أسلحة من ايران. وكل شيء يوحي بذلك بحسب ما قال المتحدث باسم التحالف العسكري الذي تقوده العربية السعودية، تركي المالكي الاثنين الذي أوضح أن التحقيقات تنصب حاليا على معرفة من أي مكان كانت الانطلاقة.
وحتى الولايات المتحدة الأمريكية تحمل ايران مسؤولية الهجمات على منشأتي النفط لشركة أرامكو السعودية. وفي الحقيقة أعلن المسلحون الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجمات التي وقعت السبت. إلا أن الحكومة الأمريكية لا تثق في تصريحاتهم. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" تقارير حول وجود صور أقمار اصطناعية تؤكد وقوع هجوم مصدره ايران. ونفت ايران حاليا الاتهامات التي تسوقها واشنطن.
الاتهامات الأمريكية جاءت هذه المرة بلهجة حادة، كما يقول غونتر ماير، مدير "مركز البحوث حول العالم العربي" بجامعة ماينتس. وأوضح أن ذلك أيضا مناورة دعائية. فالرئيس الأمريكي ترامب ووزير خارجيته بومبيو استعرضا الهجوم كاعتداء على إمدادات الطاقة العالمية من قبل إيران. "بهذه الطريقة فإن الإدارة الأمريكية تصرف النظر عن الحقيقة التي تقول بأن السعودية وبمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية بنت منذ مدة وبميزانية عسكرية سنوية تقدر بنحو 70 مليار دولار السلاح الدفاعي والهجومي الأحدث في المنطقة. وبهذا السلاح ساهمت السعودية والولايات المتحدة من خلال التدخل في اليمن في أكبر كارثة إنسانية في تاريخ البلاد".
موازين قوة جديدة في الخليج
وعلى طول مضيق هرمز يظهر نزاعان كبيران، الحرب بالوكالة في اليمن لقياس القوة بين السعودية وايران. واستعراض القوة عقب إعلان ترامب عن التخلي عن الاتفاقية النووية.
ويزداد الوضع في الخليج تأزما في ظل التقارب الكبير بين الصين وايران، فبحسب تقارير وسائل إعلام إيرانية فإن البلدين اتفقا على إبرام تعاون اقتصادي وعسكري وثيق. وتفيد التقارير أن بكين ستوظف استثمارات بقيمة 400 مليار دولار في ايران. ففي السنوات الخمس المقبلة وحدها يراد صرف 280 مليار دولار في تطوير منظومة إنتاج النفط والغاز الإيرانية إضافة إلى القطاع البتروكيماوي. ناهيك عن 120 مليار دولار في تشييد البنية التحتية في قطاعي النقل والصناعة.
كما سيتم ربط ايران بشبكة نقل طريق الحرير الجديدة. وسيتم نشر 5000 موظف أمني في ايران لضمان حماية المنشآت الصينية. وهذا التعاون من شأنه أن يغير بصفة جذرية موازين القوة الاستراتيجية في الخليج وذلك على حساب السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، كما يلاحظ ماير.
بالرغم من أن وجود وحدات صينية مستقبلا على الاراضي الايرانية لا يأتي في إطار الدفاع عن الاراضي ، إلا أنه يُصعب من شن هجمات من الخارج. "في حال تضرر جندي صيني إثر حدوث هجوم من الخارج، فإن بكين قد تفسر ذلك كهجوم متعمد ضد جيشها. فمن يهاجم مستقبلا إيران، يخاطر بأن يقاتل أيضا ضد القوة العظمى الصين".
والصين تجني من وراء الشراكة العسكرية والاقتصادية عائدات مرتفعة. ومن بين الأمور التي تم الاتفاق عليها أن تحصل البلاد في حال شراءها النفط والغاز الإيرانيين إضافة إلى المنتجات البتروكيماوية على تخفيض بنحو ثلث سعر الشراء العادي. والفواتير لن يتم سدادها بالدولار الأمريكي. وهو الاتفاق الذي سيحرر ايران ولو جزئيا من العقوبات الأمريكية.
ومن وجهة نظر الذين يراهنون على الحل عسكري، فإن الوقت الحالي هو الوقت الأمثل للقيام بذلك، والذريعة التي تسوقها الإدارة الأمريكية كفيلة بإقناع المجتمع الدولي بهذا التحرك، وكل هذا قبل انطلاق التعاون الإيراني الصيني، ويرى ماير أنه "في حال انطلق التعاون بين ايران والصين وقوات الأمن الصينية منتشرة هناك، فإن المواجهة مع ايران قد تؤدي إلى تصعيد ذي بُعد جديد".
كرستين كنيب/ م.أ.م