"الخلاف على تمثيل المسلمين يعكس واقع الإسلام في ألمانيا"
٢ مايو ٢٠٠٧قبيل افتتاح "مؤتمر الإسلام"، الثاني الذي تبدأ فعالياته اليوم في برلين، صرح وزير الداخلية الألماني فولفغانغ شويبله، بأن هذا المؤتمر "لن يكون لقاء لتبادل المجاملات والكلام المعسول فقط". حقا إن هذا لأمر جيد كونه هذا المؤتمر لا يتعلق الآن بمواصلة الحوار بين الدولة و"ممثلي المسلمين" في ألمانيا، ولكن بمشاكل يومية محددة، مثل مطالبة القوى الإسلامية المحافظة بدرس رياضة خاص بالنساء فقط، ولكنه لقاء يركز بالدرجة الأولى على البحث عن إجابة عن السؤال المحوري: من يملك الحق في التحدث باسم "الإسلام الألماني" ومسلمي ألمانيا؟
من يملك الحق في التحدث بإسم المسلمين في ألمانيا؟
أسئلة كثيرة يثيرها الهدف الذي رسمه وزير الداخلية الألماني والمتمثل في نيته إدماج المسلمين بالمجتمع ودعوته للمسلمين الألمان إلى ان يعيشوا "كمواطني دولة ديمقراطية محايدة دينيا ويحكمها القانون". أهم تلك الأسئلة هي من له شرعية التحدث باسم المسلمين. ولهذا كان من المطلوب نقل النقاش الداخلي الدائر بين المسلمين وبعضهم إلى الرأي العام. وأصبح الأمر ضروريا أكثر بعد أن اتفقت أربع جمعيات إسلامية على تأسيس مجلس للتنسيق بين هذه الروابط الإسلامية لتعزيز حضورها في الرأي العام في ألمانيا وموقفها التفاوضي في هذا البلد. هذا التطور أخذ بعدا جديدا بعد مطالبة هذا المجلس بالحصول على وضعية قانونية تضعه في مقام المنظمات التي تمثل المسيحيين واليهود تؤهله قانونيا للتعامل رسميا مع الحكومة الاتحادية الألمانية. مثل هذا قد يعزز من تأثيره في أوساط الجمعيات والاتحادات الإسلامية في ألمانيا. لكن هذا المولود الجديد في الواقع هو أشبه ما يكون بمسخ اصطناعي لا يمثل سوى عشرة بالمائة من جملة المسلمين في ألمانيا، وبالتالي فإن الشرعية الضرورية تنقصه لتمثيل الإسلام والتعبير عن التنوع الإسلامي في المانيا.
الصراع بدأ للتو !
صحيح أن وزير الداخلية رفض اعتبار مجلس التنسيق هذا كمتحدث وحيد باسم المسلمين في ألمانيا، لكن هذه التطورات تشير الى أن الصراع على تمثيل المسلمين في ألمانيا قد بدأ للتو. فالليبراليون والعلمانيون المسلمون يتخوفون من ازدياد نفوذ المسلمين المحافظين وسيطرتهم على المؤسسات الإسلامية، خاصة وأن تأسيس مثل هذا المجلس لا يخدم اندماج المسلمين في المجتمع الألماني ولكن يؤدي إلى تهميشهم . فأغلبية الذين ينتقدون هذا المجلس من عامة المسلمين، يتساءلون عن قدرته على قبول أولية الدستور الألماني، واعترافه الواضح بحقوق الإنسان ومبدأ المساواة بين الجنسين، وهي لاشك أنها حقوق أساسية غير قابلة للنقاش في مجتمع ديموقراطي حر.
ورغم أنه لا يوجد في الإسلام مؤسسات وسيطة بين العبد وربه إلا أن دولة القانون تحتاج إلى ممثلين عن الفئات الاجتماعية الرئيسية فيها. ولربما تكون تلك هي الصعوبة التي تواجهها الحكومة الألمانية اليوم والمتمثلة في عدم وجود ممثل واحد لمسلمي ألمانيا. ومع أن الصراع بين المسلمين المحافظين والمسلمين الليبراليين لا يخدم حضور مسلمي ألمانيا بشكل موحد في الرأي العام للموقع، إلا أنه يتوجب على الحكومة الألمانية أن تدعم مثل هذا النقاش البناء حول هويتهم وأهدافهم بدلا من محاولة خلق بنى داخل الأوساط الإسلامية شبيهة بالبنى الكنسية التي لا تتناسب مع طبيعة الإسلام. فهذا النقاش الصعب بين مسلمي ألمانيا يعكس صورة واضحة عن الواقع الإسلامي في هذا البلد، لاسيما و أنه لن يكون لمسلمي ألمانيا في المدى المنظور ممثلا وحيدا وشرعيا يتحدث باسمهم.
لؤي المدهون/ إعداد: رشيد بو طيب