الحيوانات في بافاريا- حياة من الرفاهية يتمناها فقراء العالم
١٣ أبريل ٢٠١٤العلاقة الفريدة التي تجمع الإنسان بالحيوان في مقاطعة بافاريا يلمسها المرء في الحياة العامة ولدى العديد من الأسر. تربية الكلاب تأتي في المقام الأول، تليها الحيوانات الأخرى كالقطط والفئران والطيور، بل وحتى الزواحف مثل الثعابين والسحالي، تجد بين الألمان من يهتم بتربيتها.
لا يحتاج الأمر إلى مجهود كبير لرصد نوعية العلاقة بين الإنسان والحيوان في تلك المقاطعة الغنية والتي تصل إلى حد التدليل، فالحيوانات تنعم بكل وسائل الراحة بدءا من الطعام الجيد والشراب النظيف، مرورا بالرعاية البيطرية وزيارة صالونات الحلاقة المختصة، وصولا إلى مشاركة العائلة مائدة الطعام وسرير النوم إلى غير ذلك.
صداقة متبادلة
نادية هاينرش شابة بافارية تعيش في ميونيخ وهي مولعة بتربية الكلاب، سألتها عن سر تلك العلاقة التي تربط الإنسان بالحيوان في تلك المقاطعة الغنية، فقالت: "عندما يتوفر للإنسان العديد من الإمكانيات التي لا نجدها لدى الآخرين، فإن رغبة ذاتية تتولد لديه في مساعدة الكائنات الأضعف مثل الحيوانات، كما أن رعايتها تعطي شعورا بالاستمتاع والسعادة. نادية هاينريش تضرب مثلا بكلبها الخاص "روكسي" الذي اشترته قبل عدة سنوات عن طريق الإنترنت من البرتغال، ومنذ ذلك الحين وهو يرافقها في كل تنقلاتها ورحلاتها، بل إن نادية قامت بعدما علمت من صاحبته في البرتغال أن له أخ توأم اشترته امرأة سويسرية، بالاتصال بالأخيرة وتنظيم لقاء يجمع الكلبين الشقيقين، فشعرت السيدتان بسعادة كبيرة بهذا اللقاء.
وتستطرد نادية القول: "روكسي هو الوحيد الذي يشعر بغيابي، وعندما اتركه لبعض الوقت وأعود إليه ألاحظ لمعانا في عينيه وفرحة خاصة لا يعرفها أحد غيري".
من جهتها ترى السيدة السبعينية، بيترا صاحبة أحد محلات اللحوم المجففة والنقانق البافارية، أنها وبعد رحيل أبنائها وانغماسهم في حياتهم الخاصة، أصبح كلبها ونيسها الوحيد. وهي تشعر بمتعة كبيرة في رعايته لأنه يحرك لديها عاطفة الحب والشفقة.
التضحية من أجل الصديق
عمليا، لا يكلف روكسي نادية هاينريش أكثر من 2 يورو في اليوم إضافة إلى ضريبة سنوية تصل إلى 100 يورو نظير رخصة اقتناء كلب. العلاقة الوطيدة التي تجمع الكلب بصاحبه، تدفع الإنسان إلى التضحية من أجل صديقه الوفي، تقول نادية التي أوضحت أنها دفعت 1600 يورو كاملة لطبيب بيطري لإجراء عملية جراحية في عظام الساق اليمنى لروكسي.
ووفق أرقام المكتب الاتحادي للإحصاء، يوجد في ألمانيا 23 مليون حيوان أليف، تتنوع بين قطط وكلاب وأرانب وفئران وطيور وأسماك. وفي مقاطعة بافاريا وحدها هناك 3.2مليون رأس ماشية، ويقول ماير مزارع بافاري: "إننا لا نبخل على أبقارنا بأجود أنواع العلف والرعاية الصحية، لأنها مصدر رزقنا ونحن نسهر على خدمتها ولا نسخرها لأيّ أعمال، سوى أننا نوفر لها الأكل حتى تمنحنا أجود أنواع الألبان واللحوم".
سعادة الكلاب ومعاناة المهاجرين
كثيرون من المهاجرين الذين جاؤوا إلى ألمانيا هربا من الحروب أو الاقتتال الدائر في بلدانهم أو حتى هربا من الفقر، ينظرون بغيرة شديدة إلى مستوى الرفاهية التي ينعم بها من وجهة نظرهم الكلب البافاري مثلا، ناهيك أن حقوق الحيوانات مصونة في المقاطعة الألمانية وهناك نحو 118 مؤسسة وجمعية مهتمة بالدفاع عن تلك الحقوق في بافاريا وحدها.
صفائي، شاب عراقي مقيم في ألمانيا يقول في هذا الصدد: "أشعر بالمرارة عندما انظر إلى ما يجري على الساحة العربية حاليا، وكيف أن قيمة المواطن هناك باتت متدنية، ثم أنظر إلى الحيوان في ألمانيا فأجد أن قيمته تفوق قيمة الإنسان في كثير من الدول، بل يوجد هنا (في ألمانيا) محامون مختصون في الدفاع عن حقوق الحيوان يراجعون عقود الشراء والبيع للتأكد من سلامتها وعدم حصول غش في عملية البيع كبيع حيوانات مريضة وغيرها. وأيضا يقومون بمتابعة المتورطين في الإساءة للحيوانات قضائيا. وعندما أقارن بين واقع الإنسان في دولنا وبين واقع الحيوان في ألمانيا، ينتابني الجنون".