"الجهاديون يصنعون الحدث والخبر على شبكة الإنترنت"
٨ يونيو ٢٠٠٦شهدت العاصمة الإماراتية أبو ظبي في الرابع والخامس من شهر حزيران/يونيو 2006 أعمال المنتدى العربي للبث الإعلامي بمشاركة عدد من الإعلاميين العرب والغربيين. وفي حلقة نقاش ضمن فعاليات المنتدى قال عبد الرحيم علي، الباحث المصري المتخصص في الجماعات الإسلامية: "لقد فشلت القاعدة فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها الكبرى، إلا أنها نجحت في ان تصبح ملفا إعلاميا من الدرجة الأولى في العالم". وأضاف الباحث المصري: "إن تنظيم القاعدة استطاع ان يجذب أنظار الإعلام، الذي بات يتعاطى مع قياديي التنظيم كتعاطيه مع النجوم"، وذلك في إشارة الى إعادة بث قنوات الإعلام الكلاسيكية لمواد إعلامية جهادية تبث على الانترنت مثل البيانات وأشرطة الفيديو.
"تواطؤ عاطفي"
وفي حين رأى بعض الصحفيين المشاركين في المنتدى أن اهتمام وسائل الإعلام بما تنشره الجماعات الجهادية على شبكة الانترنت وإعادة بثه يشكل ضرورة مهنية في بعض الأحيان، اتهم الصحفي إبراهيم العريس القنوات، التي تعيد بث المواد الإعلامية للقاعدة "بالتواطؤ العاطفي" مع الإرهاب "وان كان هذا التواطؤ ليس فعلياً"، على حد قوله. ويرى العريس أن القنوات، التي "تعرض الأفلام الجهادية بهذه الطريقة تساهم في خلق جو متعاطف مع هذا المنطق الإرهابي". وفي هذا السياق طرح الإعلامي المصري عماد الدين أديب، الذي أدار حلقة النقاش، سيناريو تمتنع فيه جميع القنوات عن بث بيانات القاعدة، إلا أن معظم الحاضرين سارعوا الى الجزم بأن الالتزام بذلك من قبل الجميع لن يكون ممكناً. ومن جانبها اعتبرت اوكتافيا نصر الإعلامية في شبكة "سي ان ان" أن "الجهاديين ليسوا بحاجة الى التلفزيون وهم لديهم الانترنت"، مشيرة الى أن المواد التي تبث على الشبكة قد تقدم معطيات هامة يجب بثها.
استغلال لشبكة الانترنت
وفي حلقة النقاش استعرض عماد الدين أديب مع محاوريه دوافع استخدام "الجهاديين" لشبكة الانترنت، التي يبلغ عدد مستخدميها في العالم العربي حوالي ثلاثين مليون شخص. وتطرق أديب إلى السبل، التي مكنت "الجهاديين" من اختراق الأعلام الكلاسيكي إذ "باتوا يصنعون الحدث والخبر"، على حد قوله. على هذا الصعيد قال فارس بن حزام الخبير في المواقع الإسلامية والصحفي في قناة "العربية أن للجهاديين ثلاثة وسائل لاستغلال الانترنت: "الأولى هي المنتديات وهي بمثابة مساحات مفتوحة للمشاركة. ويمكن للشخص من خلال مشاركته فيها أن يصبح قادراً على نشر رسائله وأفكاره وبالتالي فإن بعضها يتم استعماله لنشر بيانات القاعدة"، أما الوسيلتين المتبقيتين فهما "الدردشة Chat، التي باتت تستعمل كوسيلة للتجنيد الفكري والعسكري" و"الغرف الصوتية"، التي تسمح للمشاركين فيها بالتواصل صوتياً على شبكة الانترنت. وأشار بن حزام إلى أن القاعدة، التي كانت تدون في السابق كل تقاريرها وبياناتها، باتت تستعمل النظم المعلوماتية وتنشر على الانترنت "كتباً الكترونية" تشرح عقيدتها "من أولها الى أخرها" ، كما تنشر طرق تصنيع المتفجرات بواسطة مواد كيميائية متوفرة في الأسوق.
قارب نجاة
لكن أكرم خزام مدير القسم العربي في قناة "روسيا اليوم العربية" حذر من "تبسيط" وصف طريقة عمل القاعدة مؤكداً ضلوع "دول وأنظمة وأجهزة مخابرات في دعمها". أما بول ايدل، المدير العام لمؤسسة "اوت ذي نيوز"، البريطانية للإنتاج الإعلامي والأبحاث فسلط الضوء على حقيقة حجم الجماعات "الجهادية" على شبكة الانترنت وعدد زوار مواقعهم الاليكترونية إضافة الى اللبس الحاصل في العالم الغربي بين الإسلام كدين والفكر الجهادي المتطرف. وأضاف ايدل: "جمعت بعض الإحصائيات عن حجم الجماعات الإسلامية من موقع الأقصى دوت كوم وتبين أن منتدى "إسلام ويب" غير الجهادي، الذي ينشر مقالات تتعلق بالثقافة الإسلامية، يشهد نسبة إقبال عالية في العالم العربي ويحتل المرتبة الـ 27. أما موقع "اسلام ميمو" المتعاطف مع "الجهاديين" فيأتي في المرتبة الـ74. لكن شبكة الانترنت قد تكون أمنت للقاعدة قارب نجاة مكنها من الاستمرار بالرغم من الحملة الشاملة عليها.