الجهاديون وتقنيات الدعاية عبر الفيديو لاستقطاب الشباب
٢٠ نوفمبر ٢٠١٦في أحد الفيديوهات يمكن مشاهدة كلمة "الجهاد" التي كتبت بحروف وتصميم يشير في الشكل إلى إحدى الشركات العالمية العاملة في صناعة السلع الرياضية. وفي مشهد لفيديو آخر يمكن رؤية تعبير "نداء الجهاد" والذي يذكر شكله بإحدى اللعب الإلكترونية الشهيرة لدى المراهقين والشباب. كثيرا ما تستغل الدعاية الإسلاموية العديد من تقنيات الصناعات الترفيهية، كما يذكر الباحث في القطاع السنيمائي بيرند تسيفيتس من ماينز، ملاحظا أن تلك الفيديوهات تتضمن عناصر تقنية وإخراجية مهمة لا يكشفها إلا المتمكنين والعارفين بالاساليب الجمالية في صناعة الافلام واللعب الالكترونية، كما لاحظ أن الجهاديين يأخذون أيضا عنصر ما يسمى بالثقافة الشعبية بعين الاعتبار. ومن خلال تلك الأساليب الجذابة في الإنتاج الإعلامي فإن التنظيم الإرهابي يسعى إلى استقطاب الشباب للعمل الجهادي.
ما يميز فيديوهات جيل الشباب هو أن هذه الأخيرة موجهة لمخاطبة العواطف أكثر من مخاطبة العقل. ورغم وجود قسط ايديولوجي داخلها، فإن المنظور الجمالي للفيلم وتقنياته تتسم بأهمية أكبر. "الهدف من الانتاج الدعائي الباهض الثمن هو العمل على مخاطبة المشاعر"، ولذلك يمكن الحديث عن وجود عناصر جمالية في إنتاج تلكل الفيديوهات، حسب الخبير.
جماليات الصناعة السنيمائية
مثل هذه الأعمال السنيمائية تتسم بالحركية وسرعة تدفق صورها ، ففي مشاهد معارك الجهاديين مع "الكفار" يتم تمرير مجموعة من المقاطع المصورة وتحريكها بسرعة لإثارة انتباه المشاهد، كما تتم كتابات على شريط في أسفل الصورة كما هو الحال في الاخبار التلفزيونية. إن الهدف من استخدام تلك التقنية هو إظهار تلك المشاهد بطريقة تجعلها تبدو موضوعية وجديرة بالثقة، مثل الأخبار.
نصوص بدون مواقف عقلانية
الجانب الدعائي يأخذ إذن دورا ومكانة أكبر من المضمون. ويرى مروان أبو طعم وهو خبير في مكافحة الإرهاب بمكتب محاربة الجريمة في ولاية راينلاند بفالس أن هذا التطور حصل على مدى سنوات متتابعة. "نلاحظ أن المفكرين الأوائل في التنظيمات الاسلامية، (مثل سيد قطب من الإخوان المسلمين الذي تم إعدامه عام 1966) ألفوا كتبا ومنشورات واهتموا فكريا بالمضمون كما حاولوا شرح الأشياء انطلاقا من مواقفهم العقائدية".
على عكس أسامة بن لادن الذي لم يؤلف بالكاد ولكنه لجأ إلى توجيه خطاب شفوي بشكل أقوى، ولم يعتمد خطابه على المواقف الدينية بل على أن "المسلمين هم ضحية ولذلك يجب عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم". ويلاحظ أبو طعم أن الجهاديين الحاليين في تنظيم "الدولة الاسلامية" لم يعودوا ينشرون نصوصا طويلة في خطاباتهم، بل أصبحوا يركزون على الفيديوهات التي توضح للمشاهدين: "نحن لسنا ضحايا بل نكتب التاريخ ونحن منتصرون" ويعني ذلك -كما يستخلص المتحدث- أن أسلوب الحديث عن الانتصار يجعل تنظيم داعش أكثر جذبا. ولكن هذا الأسلوب ليس مقنعا على المدى البعيد، بل يدعو للتشكك"، كما يلاحظ المتحدث.
الوضوح في الواقع
في العديد من الفيديوهات يبرز الهدف الإيديولوجي عادة من خلال لغة الصور الصادمة، مثلا صور الأطفال الموتى والمغتصبات، بهدف إثارة الشعور بضرورة حماية هؤلاء والرحيل الى سوريا من أجل ذلك. "إن هدف تلك الصور هو العمل على إثارة مشاعر المشاهدين حتى يتساءلون أين أنتم من كل ذلك؟ الواجب الديني يقتضي حماية هؤلاء الناس!" وهناك صور أخرى تهدف إلى إثارة مشاعر العنف لدى الناس من خلال نشر فيديوهات قطع الرؤوس. "إنها صور موجهة الى الذين يبحثون عن القيام بأعمال وحشية و تطبيق ما لديهم من تصورات وخيالات عنيفة. وهي بمثابة دعوة للقول لهم: "يمكنكم عيش تلك التصورات العنيفة عندنا". إن صور تنظيم داعش لها دور مؤثر على المجموعة المستهدفة، وقد يكون من الصعب مواجهة ذلك، كما يرى الخبيران أبو طعم و بيرند تسيفيتس، واللذان يضيفان أنه من الضروري أن تعمل المؤسسات والشخصيات الإسلامية على مواجهة تنظيم داعش وأعماله الدعائية. ويعني ذلك أيضا أنه من الضروري أن يدخل تنظيم داعش في حسابه وضوح المواقف على أرض الواقع، حيث إنه يعلم أنه في حال خسر المعركة العسكرية فسيفقد أيضا صورته الدعائية كتنظيم لاينهزم وتتهاوى أيضا إيديولوجيته.