الجهاديون في سوريا - محاولات لتأسيس دولة إسلامية؟
١٢ أبريل ٢٠١٣التعاون نعم، الاتحاد لا - هذا هو الاتفاق المبدئي للتقارب بين تنظيم القاعدة في العراق وجبهة النصرة في سوريا. يأتي ذلك بعد أن قال أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم القاعدة العراقي، يوم الثلاثاء (التاسع من أبريل/نيسان) في رسالة صوتية إن "جبهة النصرة" هي "امتداد لدولة العراق الإسلامية وجزء منها"، معلنا "جمعهما تحت اسم واحد هو الدولة الإسلامية في العراق والشام"، مؤكدا أن هدفها "إعلان دولة إسلامية في سوريا". لكن الجولاني، زعيم تنظيم "جبهة النصرة" بدا متحفظا على هذا الإعلان والطريقة التي تم بها، ملمّحا إلى أنه لم يكن ضروريا وقد يؤثر على العلاقة بين الجبهة وسائر الكتائب المقاتلة في سوريا. وأكد أنه لن يكون هناك اتحاد وبالتالي فإن راية "جبهة النصرة" ستظل ترفرف في سوريا دون شعار تنظيم القاعدة.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية حول عدد مقاتلي "جبهة النصرة"، إلا أنها تعد من العناصر القوية في سوريا. ففي سياق متصل، يقدّر جاسم محمد، وهو خبير عراقي في شؤون مكافحة الإرهاب يقيم في ألمانيا، في حديث مع DW عدد الجهاديين الناشطين في سوريا بنحو عشرة آلاف شخص، لافتا إلى أن أغلبيتهم ينتمون إلى "جبهة النصرة"، أي ما يضاهي 7000 مقاتل. ويلفت إلى أن أغلبية هؤلاء المقاتلين قدموا من الخارج إلى سوريا بعد اندلاع الثورة فيها. بيد أن دراسة أجرها المعهد الأمريكي لدراسات الحرب تقول إن جزءا من المقاتلين هم سوريون كانوا يعملون من قبل ضمن شبكات أنشأها النظام السوري خلال العقود الثلاثة الماضية. وتوضح أن بعض هذه الجماعات انشق عن النظام عام 2012 والتحق بالمعارضة، حيث ساعدوا في تأسيس شبكة لوجيستية. ووفقا للدراسة الأمريكية فإن هؤلاء يتمتعون بخبرات إستراتيجية وعسكرية وكذلك بمعرفة جيدة لجهاز المخابرات السوري، ولكن الأهم أنهم تمكنوا من تجنيد مقاتلين جدد من الخارج، بحيث جاء فيها: "لقد مكّنت هذه الشبكات الجماعات المتطرفة من الولوج إلى صفوف المعارضة واستخدامها لأغراضها الايديولوجية."
"دمشق مجرد محطة في الطريق نحو القدس"
من جهته، يشدد جاسم محمد على أن للجهاديين الأجانب أهدافا أخرى، بحيث يقول: "لم يأتوا إلى سوريا للقتال ضد بشار الأسد وإنما لإنشاء دولة إسلامية في سوريا"، لافتا إلى أن هؤلاء لن يرحلوا عن سوريا حتى بعد إسقاط نظام الأسد إلا بعد تحقيق أهدافهم. وكذلك هو الأمر بالنسبة لوزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله، ففي مقابلة مع صحيفة فرانكفورته ألغيماينه تسايتونغ الألمانية الصادرة يوم الأربعاء (10 أبريل/نيسان) تحدث الوزير عن الصعوبات التي تواجهها السياسة الخارجية الألمانية بسبب تواجد الجهاديين على الخط في سوريا، بحيث يقول: "فمن جهة نريد تقديم الدعم للقوى المعارضة المعتدلة، ومن جهة أخرى نريد الحيلولة دون اندلاع حريق شامل قد تكون له تداعيات سلبية كبيرة على العراق والأردن ولبنان وتركيا وإسرائيل. أخشى أن بعض الجهاديين يرون في دمشق مجرد محطة في طريقهم إلى القدس."
وبالتالي فإن تزويد المعارضة بالأسلحة ينطوي على مخاطر، وفق ما يرى رودريش كيزفيتر، عضو في لجنة السياسة الخارجية للبرلمان الألماني. ويلفت في حديث مع DW إلى أن في أفغانستان وغيرها من الحروب التي تلعب فيها المسائل الدينية دورا، رأينا أنه يمكن سريعا استخدام الأسلحة ضد غير المسلمين وضد القوات الغربية. "ولذلك يجب – عندما يتم تزويد جهة ما بالأسلحة – التفكير جيدا لمن"، على ما يقول السياسي المنتمي للحزب الديمقراطي المسيحي. وهو رأي يشاطره فيه جاسم محمد، الذي يوضح أنه في حال أراد الغرب المساهمة في إسقاط نظام الأسد فإمكانه فعل ذلك من خلال استخدام قواته العسكرية، مشددا على أن تسليح المعارضة "خطأ". ووفقا لمعلوماته يشير جاسم إلى أن الجهاديين بصدد تجميع الأسلحة لاستخدامها بعد سقوط نظام الأسد ضد قوى أخرى "كحلف الناتو أو الولايات المتحدة".
حيرة الغرب ومشاكل حتى بعد إسقاط النظام
ولكن امتناع الغرب عن تزويد المعارضة بالأسلحة دفع بالناس في سوريا إلى الشعور بأن الجهاديين هم القوة الوحيدة التي تساعدهم في محنتهم. وهذا من شأنه أن يدفعهم إلى تبني إيديولوجيتهم. وهذا ما تخشاه صحيفة الحياة الصادرة في لندن بحيث علقت قائلة: "إلى جانب الدعم الروسي الإيراني وعدم مبالاة الغرب فإن مشروع الدولة الإسلامية يعطي النظام في دمشق قوة جديدة." والسياسة الغربية في حيرة من أمرها: إما أن تمد المعارضة بالأسلحة التي قد تقع في أيادي خاطئة،أو أن تمتنع عن ذلك وتحصد انتقادات لاذعة بأنها غير مبالية إزاء الكارثة الانسانية المستمرة في سوريا منذ سنوات. "الحل الوحيد هو تخلي الأسد عن السلطة" على ما يقول رودريش كيزفيتر الذي يعرب عن اقتناعه بأن ذلك سيكون خلال العام الجاري. ولكن تخلي الأسد عن السلطة لن يحل المشاكل الكثيرة في سوريا، بل "على العكس، فإن غضب المعارضة سيوجه ضد الأقليات التي ساندت نظام الأسد وكذلك ضد المسيحيين والدروز"، على ما يقول كيزفيتر.