التنمية الريفية مفتاح رئيسي لمكافحة الفقر
لاشك أن التنمية الريفية والتنمية الزراعية تشكلان حجرا الزاوية في التنمية الاقتصادية الشاملة، فتأمين الغذاء من خلال هذه التنمية هو الأساس لتحقيق النمو الاقتصادي في الدول النامية. غير أن ذلك ليس ما هو متبع غالبا في هذه البلدان حيث يعتبر القطاع الزراعي متخلفا في الغالب.
انقضت حتى الآن نصف الفترة المرسومة لبلوغ ما أصطلح على تسميته "بأهداف الألفية الجديدة" التي وضعتها الأمم المتحدة. ويعتبر العام الجاري هو العام الفاصل، حيث ستقوم الهيئات المشاركة خلاله بكشف مراجعة ما تم تحقيقه. الحكومة الألمانية تبدو راضية عن حجم المعونات المخصصة للتنمية رغم شحة الموارد راضية عن حجم المعونات التي خصصتها. على كل حال لا تزال هناك نقاط خلافية حول ماهية السياسة الاقتصادية والسياسة التنموية ولاسيما في موضوع السياسة الزراعية وتشجيع تنمية الريف التي يجب أن تحتل أولوية في الاهتمام، حسب ما ظهر في الملتقى الذي أقامته المؤسسة الألمانية للتعاون الفني (جي تي زد GTZ)
لماذا القطاع الزراعي أولا؟
تبدو لغة الأرقام مخيفة إذ يعيش حوالي 1.2 مليار من الناس بأقل من دولار واحد باليوم، ويقطن أكثر من ثلثيهم في المناطق الريفية معتمدين على الزراعة كمصدر لعيشهم. فإذا كان الهدف هو تخفيض نسبة الفقر إلى مستوى النصف بحلول عام 2015 حسب خطة الأمم المتحدة، فذلك يعني حتمية إعطاء قطاع الزراعة العناية الأكبر. لكن الاستراتيجيات السابقة لمكافحة الفقر التي اعتمدتها الأسرة الدولية لم تأت حتى على ذكر القطاع الزراعي. وهذا ما انتقدته وكيلة وزارة التنمية والتعاون الاتحادية الألمانية اوشي ايد قائلةً: " اذا كنا نريد تخفيض مستوى الفقر والمجاعة إلى النصف، فعلينا فان علينا تقوية القطاع الزراعي والتنمية الريفية والاهتمام بالبحوث الزراعية قدر الإمكان."
بوادر إيجابية
حتى عام 2015 سوف يزيد عدد سكان العالم في المناطق الفقيرة إلى حدود مليار. من جهة ثانية تحسنت الظروف المعيشية في كثير من الدول النامية وراتفع متوسط الأعمار فيها. فما بين عامي 1990 و2001 انخفضت نسبة الفقراء فقط من 28% إلى 21% وهو ما يعود الفضل فيه بالدرجة الأساسية إلى كل من الصين والهند اللتان حققتا خطوات اقتصادية واجتماعية. لكن إذا نظرنا مثلا إلى الدول الأفريقية المجاورة للصحراء فسنجد أنها الخاسر الأكبر، فنسية الذين يعيشون فيها على اقل من دولار أمريكي في اليوم ارتفع إلى 313 مليون إنسان، أي بنسبة 46% من إجمالي السكان خلال الفترة المذكورة. وفي وكل أسبوع يحدث في القارة السوداء" تسونامي من صنع البشر"، كما يقول الخبراء، حيث يموت في أسبوعياً هناك بسبب الفقر وسؤ التغذية والادز اكثر من الذين ماتوا في جنوب شرق أسيا العام الماضي بفعل كارثة تسو نامي. غير انه وفي الجانب الأخر ـ وهذا هو الجانب الايجابي ـ لا يجب أن نغفل أن هناك شئ من الديناميكية السياسية في القارة الأفريقية برزت في السنوات السبع الأخيرة يقودها الجيل الجديد من القادة السياسيين بشعور كبير بالمسؤولية.
دور ألمانيا والاتحاد الأوروبي
رغم خطة التقشف المالي التي تتبعها الحكومة الألمانية إلا أنها قد اعتمدت في برنامجها المستقبلي حتى عام 2015 خطة طموحة للمساهمة في مكافحة الفقر. فحتى عام 2006 وافقت ألمانيا على المساهمة بنسبة 0,33 من الناتج المحلي الإجمالي في عملية التنمية. وتسعى وزيرة التعاون الدولي الألمانية إلى زيادة هذه النسبة إلى 0،5% بحلول 2010 و إلى النسبة المتفق عليها مع الأمم المتحدة (0،7%) في عام 2015. على المستوى الإقليمي يطمح الاتحاد الأوروبي إلى الوصول إلى متوسط 0،39% حتى عام 2006. هذا الالتزام الألماني خصوصا والأوروبي عموما في المساهمة في مكافحة الفقر وتشجيع التنمية لبلوغ أهداف الألفية التي وضعتها الأمم المتحدة حدا بالأمم المتحدة إلى التفاؤل بمستقبل أفضل.
أسباب أخرى للفقر
تعاني أسواق الدول النامية من الآثار الناجمة عن سياسات الحماية التجارية المتبعة في الدول الصناعية وكذا السياسات التجارية المتبعة في سوق العرض والطلب، حيث أن أسواق هذه الدول يتم إغراقها بالسلع المنتجة في الدول الصناعية بينما لا تستطيع منتجات الدول النامية الوصول إلى أسواق الأخيرة ناهيك عن المنافسة من قبل البضائع رخيصة السعر وعالية الجودة. ويظل الأمل للتحرر من هذه القيود معقودا على مؤتمر منظمة التجارة العالمية الذي سينعقد في الدوحة.
تقرير: أوتى شيفر/ إعداد عبده المخلافي